بقاء مصر كسوق ناشئة يمهد لعودة الاستثمارات الخاملة

القاهرة - يمنح قرار مؤسسة فوتسي راسل بإبقاء مصر في مؤشرها للأسواق الناشئة الضوء للصناديق الخاملة لاستئناف استثماراتها في البلاد، بعدما كانت معرضة مؤخرا لخطر التخلف عن سداد ديونها.
وأعلنت المؤسسة في وقت مبكر الخميس عن نتائج مراجعتها الأولى لتصنيفات الأسواق في 2024، مؤكدة أنها لن تخفض ترتيب مصر من تصنيف السوق الناشئة الثانوية لمدة ستة أشهر على الأقل.
ويضم تصنيف أسواق الأسهم الذي تحدده فوتسي خمس درجات رئيسية، هي الأسواق المتقدمة والناشئة المتقدمة والناشئة الثانوية والحدودية وغير المصنفة.
وتؤثر تصنيفات المؤسسة على تحديد وجهة استثمار نحو 15.9 تريليون دولار لدى الصناديق التي تتبع مؤشرات الشركة، خاصة في الأسواق الناشئة والمبتدئة.
ورحب المستثمرون بالتغيير، وقد ارتفعت أسعار الأسهم المصرية وعوائد السندات الدولارية على التوالي بنسبة 17 و22 في المئة هذا العام.
ويأتي هذا التقييم بعد سلسلة من الأخبار الجيدة التي توالت في الفترة الماضية مع اقتناص مصر لحزم إنقاذ بأكثر من 57 مليار دولار، مما أدى إلى إبعاد شبح التخلف عن السداد عن أفقها، وساعد أسهمها في التفوق على نظيراتها في الأسواق الناشئة.
وقالت المؤسسة “بما أن هذا التحسن يعد تطورا حديثا، فإننا سنواصل مراقبة السوق، وسنقدم تحديثا عن حالة مصر في قائمة المراقبة بحلول نهاية يونيو 2024”.
وأدت التدفقات الأجنبية، بالإضافة إلى خفض قيمة العملة ورفع أسعار الفائدة، إلى إزالة الضغوط المفروضة على احتياطيات البلاد، ما مهد الطريق لتحويل رؤوس الأموال بشكل أكثر سلاسة.
وكانت مصر تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود عندما أعلنت فوتسي راسل العام الماضي أنها تدرس خفض تصنيف سوق الأسهم في البلاد، مستشهدة بشكاوى بشأن التأخير في تحويل رؤوس الأموال.
وفي سبتمبر 2023، وضعت المؤسسة تصنيف مصر قيد المراقبة لاحتمال خفضه درجتين إلى ما يسمى بـ”الحالة غير المصنفة”، لكن كل ذلك تغير مع صفقة رأس الحكمة مع الإمارات وقرض من صندوق النقد الدولي وشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
وقال حسنين مالك الخبير الإستراتيجي في شركة تيليمر في دبي لوكالة بلومبرغ “من المرجح أن توقيت تخفيض التصنيف الائتماني لمصر قد ولى بعد استقبالها تدفقات أجنبية”.
وأضاف أن علاوة على ذلك، عززت مدفوعات صندوق النقد الدولي وإصلاحات السياسات النقدية سيولة السوق وقللت من مخاطر ضوابط رأس المال.
وتصنف شركة أم.أس.سي.آي المنافس الرئيسي لمؤسسة فوتسي راسل، مصر كسوق ناشئة، وهو أمر يسهم في توجيه المستثمرين إلى البلد على الرغم من كل الظروف التي مر بها.
لا يزال أمام مصر طريق طويل قبل الخروج من كبوتها الاقتصادية، لكن قرار فوتسي راسل قد يمنحها طوق إنقاذ جديدا
ومنذ قرابة سبع سنوات ومصر تعاني نقصا في الأموال المتدفقة من المحافظ الاستثمارية الأجنبية وتفاقمت الوضعية مع هروب 22 مليار دولار من الأموال الساخنة في أعقاب اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية.
ويقول الخبراء إن مصر لا يزال أمامها طريق طويل قبل الخروج من كبوتها الاقتصادية، لكن قرار فوتسي راسل قد يمنحها طوق إنقاذ جديدا.
وأدار المستثمرون ظهورهم لارتفاعات الأسهم المصرية على مدار عدة سنوات، إذ كان صعودها مدفوعا برغبة المواطنين في التحوط من التضخم المتزايد عبر شراء أصول تتكيف بسرعة مع ارتفاع أسعار المستهلكين مثل الأسهم.
ونتيجة لذلك، عانت البلاد من شح السيولة الدولارية، مما أدى إلى ضغوط على العملة وظهور عراقيل أمام وصول مصر إلى أسواق الديون.
وعدّلت وكالة ستاندرد آند بورز الأسبوع الماضي نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية من مستقرة، وقامت بتثبيت التصنيف الائتماني السيادي لها بالعملة الأجنبية والمحلية طويل وقصير الأجل عند بي-/بي.
وترتهن فرص رفع تصنيف مصر بمدى تحسن الأوضاع المالية العامة سريعا، وتقليص الديون وزيادة وتيرة الاستثمار الأجنبي المباشر، وتقليل القيود المفروضة على النقد الأجنبي، وإتمام البيع المخطط لأصول الدولة.
وربطت الوكالة السيناريو السلبي بالتعديل من إيجابية إلى مستقرة، بمحددين، الأول تراجع السلطات عن برنامج الإصلاح، وخلل نقص العملات الأجنبية.
وبالنسبة إلى المحدد الثاني، فيتمثل في عدم تراجع تكاليف الفائدة المرتفعة التي تتحملها الحكومة، وهو ما يزيد من مخاطر تبادل الديون المتعثرة.
وتشكل استعادة ثقة المؤسسات الدولية تحديا أمام القاهرة مع تزايد شروط وكالات التصنيف لتعديل نظرتها، لكنها اتخذت خطوات من شأنها إقناعها بالتحول إلى جدارة ائتمانية أفضل، وقد يصطدم ذلك ببعض نقاط الضعف التي يعاني منها اقتصاد بلد مثقل بالديون.