بغداد توجه أنظارها لاحتياطات النفط والغاز المنسية غرب البلاد

تزايدت المؤشرات على تكثيف جهود العراق لاستغلال الاحتياطات الكبيرة من النفط والغاز في محافظة الأنبار والصحراء الغربية، والتي يجد فيها المراقبون تقاطعا مع مصالح طهران خاصة في ما يتعلق بتقليص الاعتماد على إمدادات الغاز الإيرانية.
بغداد - كشف نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط العراقي ثامر الغضبان الأربعاء أن بغداد تخطط للبدء في نشاط واسع لاستكشاف النفط والغاز في محافظة الأنبار والصحراء الغربية خلال السنوات الأربع المقبلة.
وقال خلال مؤتمر لاتحاد الجيولوجيين العراقيين الأربعاء، إن “خطط وبرامج وزارة النفط في السنوات المقبلة تستهدف نشاطا استكشافيا واسعا في الصحراء الغربية لما تحتويه في باطنها من احتياطات واعدة وكبيرة من النفط والغاز”.
وأضاف أن الصناعة النفطية الاستخراجية في العراق تشهد اليوم عصرها الذهبي من خلال التوسع الكبير في نشاط استكشاف وتطوير الحقول النفطية والغازية.
وأشار إلى أن العراق شهد في السنوات الأخيرة العديد من عمليات الاستكشاف، التي أثبتت وجود النفط والغاز بكميات كبيرة ما أدى إلى زيادة الاحتياطات النفطية المؤكدة والقابلة للاستخراج.
وأوضح أن نشاط التنقيب “يهدف إلى استكشاف حقول الغاز الحر لتوفير احتياطي كبير من الغاز، لاسيما أن العراق يشهد نشاطا واسعا في بناء قدراته في الصناعات البتروكيمياوية وتوليد الطاقة الكهربائية التي تعتمد على الغاز في الوقت الحاضر وفي المستقبل القريب”.
وتجمع التقديرات على أن محافظة الأنبار، التي تزيد مساحتها على 138 ألف كيلومتر مربع وتمثل نحو ثلث مساحة البلاد، تضم بحارا من النفط، الذي يتدفق بشكل تلقائي في مناطق كثيرة قرب مدينتي هيت وكبيسة، لكنها لم تدخل في حسابات الاستكشاف حتى الآن.
وتضم المحافظة أيضا حقل عكاز قرب الحدود السورية، وهو أكبر حقل للغاز في العراق، وتصل احتياطاته المؤكدة إلى أكثر من 5.6 تريليون قدم مكعب، ويرجح الخبراء ارتفاع تلك الاحتياطات عند إجراء الاستكشافات التفصيلية.
ووقعت الحكومة العراقية في عام 2013 عقدا مع شركة كوغاز الكورية الجنوبية لتطوير الحقل. لكن أعمال بناء منشآت استخراج ومعالجة الغاز، توقفت بسبب احتلال تنظيم داعش لمعظم أراضي المحافظة في يونيو 2014 ولم تستأنف منذ إكمال تحريرها في عام 2017.
وتتعرض بغداد لضغوط من الولايات المتحدة لتطوير قدرات إنتاج الغاز وتوليد الكهرباء، خاصة بعد إلغاء واشنطن لجميع الإعفاءات اعتبارا من بداية الشهر المقبل.
لكن المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية مصعب المدرس أكد أمس أن العراق مستثنى من العقوبات الأميركية على إيران، وأن الوزارة ستواصل استيراد الغاز من إيران لتغذية المحطات الإنتاجية وشراء 1200 ميغاواط من الكهرباء الإيرانية.
ويؤكد مراقبون أن الاستثناء مشروط بتسريع الجهود لتطوير موارد الغاز المحلية وطاقة توليد الكهرباء إضافة إلى التعاون مع دول الخليج لتحقيق ذلك الغرض.
وفي هذا السياق أعلنت مصادر مسؤولة الأربعاء أن العراق أبرم صفقة مع الشركة الصينية للهندسة والإنشاءات البترولية لتشييد وتشغيل منشآت لمعالجة الغاز الطبيعي المصاحب لعمليات استخراج النفط في حقل الحلفاية العملاق.
وقالت إن الشركة التابعة لمؤسسة البترول الوطنية الصينية سوف تعالج نحو 300 مليون قدم مكعبة معيارية يوميا من الغاز المصاحب، الذي يجري إحراقه حتى الآن، لكن المصادر لم تذكر قيمة الصفقة أو موعد البدء في أعمال بناء مشروع الغاز.
وفي ظل قرب قطع شريان صادرات النفط الإيراني، يتوقع مراقبون أن تتزايد ضغوط طهران وأنصارها على بغداد لمواصلة توفير نافذة لتخفيف قسوة العقوبات.
وتتباين التصريحات العراقية بشأن مشاريع الطاقة، التي تتقاطع مع المصالح الإيرانية، لكنها تمضي على أرض الواقع في طريق إنهاء الاعتماد على الإمدادات الإيرانية بشكل كامل.
ويعد هذا الملف شديد الحساسية في الأروقة السياسية العراقية في ظل انقسام البرلمان والحكومة بين فريق مدافع عن المصالح الإيرانية وفريق متحفّظ على نفوذها الكبير في جميع ميادين الساحة العراقية.
ويمكن لأي إعلان من واشنطن بإيقاف إعفاءات العراق أن يشعل مواجهة بين الأطراف السياسية المنقسمة، في ظل الدور الكبير للميليشيات الموالية لإيران والتي أصبح لها وزن كبير في البرلمان.
ويرى محللون أن التصريحات محكومة بتوازنات سياسية، لكن التحركات العملية تؤكد أن بغداد ماضية في تقليص اعتمادها على طهران والانفتاح على دول الخليج، وخاصة السعودية التي وقعت معها اتفاقات واسعة في الأسبوع الماضي خلال زيادة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي إلى الرياض.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤولين عراقيين تأكيدهم بعد إلغاء إعفاءات شراء النفط الإيراني، أن بغداد مستعدة لزيادة إنتاجها بنحو ربع مليون برميل، وهو ما يعزز الاستغناء عن نفط إيران.