بعد التعافي من كورونا.. متى تنبغي العودة إلى الرياضة

يؤكد أخصائيو الطب الرياضي ضرورة العودة التدريجية إلى ممارسة الرياضة بعد الإصابة بفايروس كورونا، مشيرين إلى أن ممارسة الرياضة بقوة فور التعافي من الفايروس ترفع خطر الإصابة باضطرابات نظم القلب أو التهاب عضلة القلب. وينصح الأطباء باللجوء إلى المعالج الفيزيائي للمساعدة على البدء تدريجيا بالعودة إلى ممارسة الرياضة، من خلال التمارين الصحيحة التي تقوّي العضلات شيئا فشيئا.
ميونخ (ألمانيا) - حذر البروفيسور الألماني مارتن هاله من العودة إلى ممارسة الرياضة بقوة فور التعافي من فايروس كورونا، حيث يرفع ذلك خطر الإصابة باضطرابات نظم القلب أو التهاب عضلة القلب.
وأوضح أخصائي الطب الرياضي الوقائي وأمراض القلب الرياضية أن في حالة عدم وجود أعراض أو أعراض خفيفة ينبغي الانتظار لمدة ثلاثة أيام دون أعراض، قبل العودة إلى ممارسة الرياضة مجددا.
وفي حالة وجود أعراض أكثر قوة مثل الحمى والسعال، فينبغي حينئذ الانتظار لمدة أسبوع دون أعراض، قبل العودة إلى ممارسة الرياضة مجددا.
وأضاف هاله أن ممارسة الرياضة ينبغي العودة إليها بالتدريج بنسبة 50 في المئة من معدل الأداء الشخصي، مع رفع درجة الشدة شيئا فشيئا، مشيرا إلى أن من الأفضل ممارسة الرياضات، التي لا تشكل إجهادا كبيرا على الجهاز القلبي الوعائي مثل اليوغا والبيلاتس.
في حالة عدم وجود أعراض أو أعراض خفيفة ينبغي الانتظار لمدة ثلاثة أيام دون أعراض قبل العودة لممارسة الرياضة مجددا
وينبغي التوقف عن ممارسة الرياضة واستشارة الطبيب فور ملاحظة بعض الأعراض، مثل الشعور بضغط في القفص الصدري وسرعة ضربات القلب وضيق التنفس وقصر النفس والسعال والدوار.
ووفق الدكتور روبرت نيوتن، أستاذ الطب الرياضي بجامعة “إديث كوان”، فإن فايروس كوفيد – 19 يمكن أن يدمر أعضاء مختلفة في الجسم، مما يتسبب في إجهاد مستمر.
ويضيف “لا يستطيع الجهاز القلبي التنفسي إيصال الأكسجين بكفاءة إلى العضلات، لذلك يصبح من الصعب ممارسة الأنشطة البدنية مهما كانت بسيطة”.
ويقول نيوتن إن النوم والراحة يساعدان جهاز المناعة على مقاومة الفايروس، لكن من الضروري العودة إلى الحركة مرة أخرى لتجنب المزيد من إضعاف الجسم، بعد حوالي 7 أيام من اختفاء الأعراض الرئيسية.
وتساهم التمارين في تقوية العضلات والقلب والرئتين، وكذلك زيادة عدد المتقدّرات، وهي مصانع الطاقة داخل الخلايا، التي تقاوم الآثار المدمرة للعدوى.
وتشير بعض الأدلة إلى أن ممارسة اليوغا والتأمل تحسّن صحة الرئة وتقلل من احتمال الإصابة بالفايروسات، وتسرّع عملية الشفاء من التهابات الجهاز التنفسي الحادة.
ويوضح نيوتن أن “السيطرة على التوتر والقلق أمر بالغ الأهمية بالنسبة لعملية التعافي”، ويضيف “من المهم جدا اعتماد إستراتيجيات مثل التأمل والوعي التام واليوغا لمساعدة الجسم على التعافي من عدوى فايروس كوفيد - 19”.
وذكر باحثون في ورقة بحثية نُشرت في مجلة الطب التكميلي والبديل أن “بعض تمارين التأمل واليوغا أسانا (الوضعيات) وبراناياما (التنفس) قد تكون فعالة في التقليل من شدة أعراض المرض، بما في ذلك آثاره الجانبية ومضاعفاته”.
ويرى المدرب الرياضي رضا خليفة أنّ العودة إلى ممارسة النشاط البدني يجب أنّ تكون على الأقل بعد 10 أيام من انتهاء أعراض كورونا. وهذا لا يشمل فقدان حاستي الشمّ والتذوق اللتين قد تستمران لعدّ أسابيع أو شهرا. وعند البدء بممارسة البرنامج الرياضي أو إعادة بنائه من جديد، يجب أنّ يأخذ المتدرب والمدرب في عين الاعتبار الوضع الصحي بعد الإصابة بكورونا. لذا، ينصح بالالتزام بالرياضة على سبع مراحل، إضافة إلى أنّ مدة كلّ مرحلة قد تتراوح بين ثلاثة وستة أسابيع، وفق حالة كل فرد.
وقسّم خليفة العودة إلى النشاط البدني سواء كان ضمن النادي أو في المنزل، إلى سبع مراحل.
وتشمل المرحلة الأولى المشي العادي، والاهتمام بالحديقة لبضع دقائق.
وتتضمن الثانية المشي السريع، والهرولة الخفيفة أو الدراجة الثابتة دون ممارسة تمارين القوّة لأقل من 15 دقيقة.
ويمكن في المرحلة الثالثة إضافة بعض تمارين القوة عبر استعمال وزن الجسم (بلانك، تمارين المعدة، البوش أب، وغيرها)، إلى تمارين المرحلة الثانية مع زيادة الوقت دون تخطي 30 دقيقة.
فايروس كوفيد - 19 يمكن أن يدمر أعضاء مختلفة في الجسم، مما يتسبب في إجهاد مستمر
وفي المرحلة الرابعة تتم إضافة تمارين حمل الأوزان والركض، شرط ألّا يتجاوز وقت التمرين 45 دقيقة.
وتتم في المرحلة الخامسة ممارسة أي نوع رياضة لا يتطلب الاحتكاك بأشخاص آخرين لمدة تقلّ عن الساعة.
وفي المرحلة السادسة تكون محاولة ممارسة أي رياضة كانت تمارس بنفس الحدّة قبل الإصابة بكورونا.
وتتم في المرحلة السابعة العودة إلى ممارسة التمارين الرياضية الطبيعية.
وبحسب ما يوضح الطبيب الاختصاصي في جراحة المفاصل والعظام المتخصص في إصابات الرياضة الدكتور وائل بيوض، فإن ما يجب التركيز عليه بالدرجة الأولى أن الإصابة بكورونا لا يعني استحالة الإصابة مرة أخرى بالمرض. إذ يبقى ذلك ممكنا ما لم تتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة.
وانطلاقا من ذلك، ينصح بيوض بتجنب الرياضات ضمن فريق أو في هذه الحالة يجب الحرص أكثر على الإجراءات الوقائية والتباعد. من جهة أخرى يجب الحرص على ممارسة الرياضة في الأماكن التي فيها تهوئة أو في المساحات الخارجية، حيث يخف خطر الإصابة.
أما في ما يتعلّق بالنشاط والقدرة على ممارسة الرياضة، فيُعرف أن التعب من الآثار طويلة المدى الأكثر شيوعا للإصابة بكورونا. فتكون العضلات قد ضعفت بوضوح، خصوصا في حال المكوث في المستشفى في فترة المرض دون حراك. في مثل هذه الحالات، تستحيل العودة إلى ممارسة الرياضة مباشرة بعد التعافي. فكما تضعف العضلات مع الوقت بسبب الركود، تحتاج إلى الوقت حتى يعاد بناؤها وتزداد صلابة. تضاف إلى ذلك المشكلات في الرئتين التي يمكن أن تشكل عائقا أمام العودة إلى النشاط الطبيعي في ممارسة الرياضة، لأن ذلك يسبب أيضا تعبا عند القيام بجهد، ويمكن أن يؤذي كذلك عضلة القلب.
في مثل هذه الحالات، ثمة صعوبة في العودة إلى ممارسة الرياضة مباشرة بعد الإصابة بكورونا. لذلك، يُفضّل عندها استشارة الطبيب أولا، خصوصا في حال ظهور أي أعراض عند القيام بجهد أو ضيق في النفس.
ففي حالة ظهور أعراض كالتعب وضيق النفس وغيرهما، من الأفضل استشارة الطبيب وإجراء تخطيط للقلب أو صورة صدر للتأكد من عدم وجود أي مشكلة في الرئتين تستدعي المزيد من الحرص. ويشدد بيوض على أن المسألة لا يستهان بها، ويجب عدم الاستخفاف بهذه الأمور تجنبا للتعرض لأي خطر. فالعودة يجب أن تتم دائما بطريقة تدريجية لأن الإرهاق يشكل خطرا على القلب والرئتين.
وما يجب الحرص عليه أيضا هو التنبه لأي ألم أو انزعاج أو ضيق في النفس أو أوجاع في الصدر، فقد يكون هناك خطر على القلب أو الرئتين، ومن الضروري وقف ممارسة الرياضة واستشارة الطبيب سريعا. كما أن الأوجاع في العضلات يمكن أن تشير إلى جهد زائد وضغط عليها، ومن الأفضل التروي لأنها يمكن أن تتعرض لإصابات خطيرة.
ومن هنا تكمن أهمية اللجوء إلى المعالج الفيزيائي للمساعدة على البدء تدريجيا بالعودة إلى ممارسة الرياضة، من خلال التمارين الصحيحة التي تقوّي العضلات شيئا فشيئا.