بطء إيقاع التعافي يؤكد حاجة الصين إلى محفزات أقوى

بكين - أعطى نمو إنفاق المستهلكين وكذلك النشاط الصناعي في الصين بوتيرة أبطأ مما كان يترقبه المحللون الشهر الماضي، إشارات إضافية إلى تلاشي تعافي ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأنه يحتاج إلى أدوات تحفيزية أقوى.
وينظر المحللون إلى انتعاش الاقتصاد الصيني بعد ثلاث سنوات من قيود الإغلاق بسبب الوباء كدافع مهم لسحب الاقتصاد العالمي من أزماته المتراكمة بشكل تدريجي.
وقال المكتب الوطني للإحصاء إن مبيعات التجزئة، وهي المؤشر الرئيسي لاستهلاك الأسر، ارتفعت بنسبة 18.4 في المئة على أساس سنوي، وهي نسبة تُعتبر مرتفعة نظرا إلى مقارنة الأرقام مع البيانات المنخفضة المسجلة العام الماضي.
ومع ذلك، فإن هذا المعدل أقل من 21.9 في المئة توقعها محللون استطلعت آراءهم وكالة بلومبرغ، رغم انتعاش الحركة في مراكز التسوق والمطاعم خلال الأشهر الأخيرة.
وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء أن مبيعات التجزئة ارتفعت بفضل مشتريات السيارات وإنفاق المطاعم. كما عزّز تصنيع السيارات الإنتاج الصناعي خلال الشهر الماضي، رغم استمرار تراجع إنتاج المنسوجات والمستحضرات الدوائية.
وثمة قناعة بين مجتمع الخبراء بأن الضعف في الطلب المحلي، على الرغم من انخفاض التضخم، يؤدي بالضرورة إلى تباطؤ الانتعاش الاقتصادي.
ونقلت بلومبرغ عن وو شوان، كبير محللي السوق في تيبون فاند مانجمنت، قوله “ستكون قوة التعافي الصينية على الأرجح خلال العام الجاري أضعف مما كان يُعتقد في السابق”.
وفي ضوء المعطيات الأخيرة، رجح شوان أن البنك المركزي الصيني سيخفض أسعار الفائدة خلال النصف الثاني من العام الجاري لتحفيز النمو.
وتهدف الصين إلى تحقيق نمو بنسبة 5 في المئة تقريبا هذا العام، وهو من أدنى مستويات النمو لديها منذ عقود. ومع ذلك قالت إنه “لن يكون من السهل” تحقيقه.
لكن الخبير زيوي جانغ من شركة بينبوينت أسيت مانجمنت قال لوكالة فرانس برس إن اعتماد “مستوى منخفض يترك للحكومة مجالا للمناورة”.
ووصل معدل البطالة بين الشباب الصينيين الذين تراوح أعمارهم بين 16 و24 عاما إلى مستوى قياسي بلغ 20 في المئة خلال أبريل.
ويجد قطاع الخدمات صعوبة لاستيعاب الملايين من المهاجرين الريفيين الذين يتدفقون على المدن. ومع ذلك، انخفض معدل البطالة في المناطق الحضرية وحدها بشكل طفيف في أبريل ليصل إلى 5.2 في المئة قياسا بسالب 0.1 في المئة في الشهر السابق له.
الضعف في الطلب المحلي على الرغم من انخفاض التضخم يؤدي بالضرورة إلى تباطؤ الانتعاش الاقتصادي
وقالت ميشيل لام، خبيرة مختصة بالصين الكبرى في سوسيتيه جنرال، إن “الاستهلاك حافظ على قوته، لكن ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب إلى مستوى قياسي يثير الشكوك حول مدى استدامة هذا التعافي”.
وأوضحت أن البيانات تفتح الباب أمام تخفيضات أكثر في معدل متطلبات الاحتياطي النقدي وأسعار الفائدة، وقد يكون ذلك في يونيو المقبل. ورغم ذلك يظل العنصر الأهم هو تعزيز الثقة بالقطاع الخاص وفي أوساط الأسر.
وكان المحللون توقعوا أن يحقق الإنتاج الصناعي قفزة قوية بنسبة 10.9 في المئة مع السياسات التي قدمتها الحكومة، لكن القطاع خالف التوقعات ونما بمقدار 5.6 في المئة فقط.
من ناحية ثانية، ارتفع الاستثمار في رأس المال الثابت بنسبة 4.7 في المئة على مدى عام واحد خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام، وهو أقل من النسبة المتوقعة البالغة نحو 5.7 في المئة.
وهذا مؤشر على الإنفاق على العقارات أو البنية التحتية أو المعدات أو الآلات، وهي القطاعات التي اعتمدت عليها الحكومة لتحفيز النشاط.
وتحدث المركزي الصيني بلهجة مطمئنة بعدما نُشرت الأسبوع الماضي أرقام رسمية تظهر زيادة التضخم بنسبة 0.1 في المئة فقط على أساس سنوي في أبريل. وهو أدنى مستوى منذ عام 2021.
وقال في بيان إن “أسعار الاستهلاك مستمرة في الارتفاع بوتيرة معتدلة، والعمليات الاقتصادية مستمرة على المديين المتوسط والطويل، وأنه لا يوجد أساس لتوقع حدوث انكماش”.