بزشكيان في بغداد لتوسيع النفوذ الإيراني عبر بوابة الاتفاقيات

بغداد - بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الأربعاء، مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي يزور العراق حاليا، عددًا من ملفات التعاون الثنائية، بما فيها تعزيز التعاون والشراكة بين البلدين، وذلك خلال لقاء جمعهما في القصر الحكومي بالعاصمة بغداد.
ووفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء "شهد اللقاء التباحث في جملة من الملفات والمواضيع ذات الاهتمام المشترك، والتي تهدف إلى تعزيز مستويات التعاون والشراكة بين البلدين".
وأكد السوداني على "أهمية العمل الثنائي بين البلدين لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية في المنطقة، وبما يصب في مصلحة الاستقرار والتنمية".
ومن جانبه، أكد بزشكيان "رغبة الجمهورية الإسلامية في تعزيز العلاقات الثنائية، والمضي في برامج التعاون ومذكرات التفاهم بين البلدين".
ورعى رئيس الوزراء العراقي والرئيس الإيراني مراسم التوقيع على 14 مذكرة تفاهم، في مجالات وقطاعات مختلفة، شملت، الاقتصاد، والتعاون التدريبي، والشباب والرياضة، والتبادل الثقافي والفني والآثاري والتربية، والتعاون الإعلامي، والاتصالات، وفي مجال تفويج المجاميع السياحية الدينية، والتعاون في مجال المناطق الحرّة العراقية – الإيرانية، وفي الزراعة والموارد الطبيعية، والبريد، والحماية الاجتماعية، والتدريب المهني والفني، وتطوير القوى العاملة الماهرة، والتعاون بين الغرف التجارية.
ووقع مذكرات التفاهم عن الجانب العراقي وزيرا الخارجية والتجارة، ورئيس اتحاد الغرف التجارية العراقية، فيما وقع عن الجانب الإيراني وزيرا الخارجية والاقتصاد، بحسب البيان الحكومي.
ووصل الرئيس الإيراني في وقت سابق إلى بغداد في أول زيارة له إلى الخارج منذ انتخابه في يوليو، وحظي باستقبال رسمي بمطار بغداد الدولي بحضور حكومي كبير.
وتستغرق زيارة بزشكيان إلى العراق، ثلاثة أيام، وفق وكالة إرنا الإيرانية الرسمية، ومن المقرر أن يجري مباحثات مكثفة مع القادة العراقيين.
ومساء الأربعاء سيكون الرئيس الإيراني ضيفا على مائدة العشاء عند تحالف "ادارة الدولة" الذي يتكون من معظم الكتل السياسية الممثلة في مجلس النواب العراقي.
كما سيزور بزشكيان عدة مدن عراقية، بعد بغداد، حيث سيزور العتبات الدينية في النجف وكربلاء، فضلاً عن مشاريع إيرانية في البصرة، وكذلك أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق.
وقبيل توجهه إلى بغداد، قال بزشكيان في تصريحات في مطار مهرأباد في طهران، إنه ستبرم خلال الزيارة اتفاقيات كثيرة، مضيفاً أنها تهدف إلى تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع العراق، مشيرا إلى أن الزيارة تصب في صلب سياسة الجوار التي تتبعها إيران مع جيرانها.
وتابع الرئيس الإيراني أنه سيزور مدنا عدة في العراق، فضلا عن أربيل وسليمانية في إقليم كردستان، واعدا بأنّ زيارته ستكون مؤثرة في تطوير العلاقات السياسية والثقافية والاقتصادية، معربا عن أمله في نسج علاقات جيدة ووطيدة مع الدول الإسلامية، بما فيها العراق، وحلّ المشكلات التي قد تطرأ على العلاقات مع هذه الدول.
من جهته، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إنّ "العراق بالنسبة لإيران أكثر من بلد جار، نظرا للعلاقات التاريخية المتجذرة بين الشعبين العراقي والإيراني، وإن السنوات الماضية أثبتت عمق هذه العلاقات من خلال مجالات التعاون والتنسيق بين البلدين الجارين الصديقين العراق وإيران".
وأضاف، في تصريح لصحيفة الصباح العراقية الرسمية، اليوم الأربعاء، أنّ "التنسيق والتعاون بين البلدين يصبّان بمصلحة الأمن والاستقرار في المنطقة، ويسهمان في دعم العلاقات البينية الإقليمية بما يخدم مصالح دول وشعوب هذه المنطقة، خصوصاً أن العراق بلد كبير في المنطقة".
وأكد أنّ "الحكومة الإيرانية الجديدة تتطلع إلى آفاق أوسع من التعاون والتنسيق مع العراق في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، بسبب وجود أرضية مناسبة جداً لمثل هذا التعاون الذي يمكن أن يكون نموذجا للعلاقات الإقليمية التي تتطلع للتعاون والأمن والاستقرار".
وقال نائب رئيس لجنة الاستثمار والتنمية في البرلمان العراقي، حسين السعبري، إنّ "زيارة الرئيس الإيراني للعراق ستعمل على إنجاز الكثير من الملفات المهمة، وستطرح ملفات اقتصادية وسياسية وأمنية مع الجانب الإيراني"، مؤكداً أنّ "الزيارة وما تحمله من حوارات بين البلدين ستؤثر إيجاباً في مجالات كثيرة خصوصا في ملفات الطاقة والغاز والكهرباء والتجارة".
وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن حجم التجارة غير النفطية بين إيران والعراق بلغ نحو خمسة مليارات دولار بين مارس 2024 ويوليو 2024.
وتصدّر إيران كذلك ملايين الأمتار المكعبة من الغاز يوميا إلى العراق لتشغيل محطات الطاقة. وهناك متأخرات في الدفع على العراق مقابل هذه الواردات التي تغطي 30 بالمئة من احتياجاته من الكهرباء، تقدّر بمليارات الدولارات.
وفي مارس 2023، وقّع العراق وإيران اتفاقا أمنيا بعد أشهر قليلة على تنفيذ طهران ضربات ضد مجموعات كردية معارِضة في شمال العراق.
ومنذ ذلك الحين، اتفق البلدان على نزع سلاح المجموعات المتمرّدة الكردية الإيرانية وإبعادها عن الحدود المشتركة.
وتتّهم طهران هذه المجموعات بالحصول على أسلحة من جهة العراق، وبتأجيج التظاهرات التي اندلعت في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في سبتمبر 2022، بعد أيام على توقيفها من جانب شرطة الأخلاق لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
وقبيل ساعات من وصول الرئيس الإيراني سُمع مساء الثلاثاء دويّ انفجار داخل مطار بغداد الدولي في قاعدة يشغلها مستشارون للتحالف الدولي، حسب ما أفادت القوات الأمنية العراقية، فيما تحدث مسؤول أمني عن سقوط "صاروخين".
ومساء الثلاثاء، قال مسؤول أمني عراقي كبير طالبا عدم الكشف عن هويته إنّ "صاروخين من نوع كاتيوشا" سقطا "أحدهما على سياج مكافحة الإرهاب والثاني في داخل قاعدة التحالف" الدولي الذي تقوده واشنطن.
وقالت سفارة الولايات المتحدة في بغداد في بيان مقتضب "قرابة الساعة 23:00 الثلاثاء 10 سبتمبر، وقع هجوم على مركز الدعم الدبلوماسي في بغداد وهو منشأة دبلوماسية أميركية".
وأضافت "لحسن الحظ، لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات، ونحن نقوم بتقييم الأضرار وسببها".
من جهتها، قالت القوات الأمنية العراقية فجر الأربعاء في بيان إنّه "لم يتسنّ لها معرفة حقيقة ونوع الانفجار ولم تتبنّه أي جهة"، مؤكدة مع ذلك أنّ "حركة الطيران المدني طبيعية لجميع الرحلات".
وتتمتع إيران التي تعدّ أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين للعراق بنفوذ سياسي كبير في العراق خصوصا على الأحزاب الشيعية الرئيسية وفصائل الحشد الشعبي التي باتت منضوية في القوات الرسمية العراقية.
من جهته، اعتبر جعفر الحسيني، المتحدث باسم كتائب حزب الله، أحد الفصائل الموالية لإيران، في منشور على "إكس" أنّ "استهداف مطار بغداد، وفي هذا التوقيت، تقف خلفه أيادٍ مشبوهة والغاية منه التشويش على زيارة الرئيس الإيراني إلى بغداد".
ودعا الحسيني "الأجهزة الأمنية إلى كشف المتورطين".
وسبق أن استُهدف مركز الدعم الدبلوماسي الملحق بالسفارة الأميركية في بغداد، لا سيّما في الثالث من يناير 2022 بالتزامن مع الذكرى الثانية لاغتيال القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس في ضربة أميركية في العاصمة العراقية.
ويقدّم المركز دعما لوجستيا للبعثة الدبلوماسية الأميركية ويضم كذلك منشآت طبية.
وتأتي زيارة بزشكيان وسط اضطرابات في الشرق الأوسط أثارتها الحرب التي اندلعت في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من أكتوبر، والتي دفعت المجموعات المسلحة المدعومة من إيران في جميع أنحاء المنطقة لدعم الفلسطينيين "بحسب زعمهم" وعقّدت علاقات بغداد مع واشنطن.
وتنشر الولايات المتحدة زهاء 2500 جندي في العراق ونحو 900 في سوريا المجاورة، في إطار التحالف الذي أنشأته عام 2014 لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. ويضمّ التحالف كذلك قوات من دول أخرى لا سيّما فرنسا والمملكة المتحدة.
وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.
وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف في العراق.
وعقب اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة في السابع من أكتوبر، استهدفت فصائل مسلحة قواعد في العراق وسوريا تضم قوات أميركية على خلفية دعم واشنطن لإسرائيل في الحرب.
وردّت واشنطن مرارا بشنّ ضربات جوية طالت مقرات للفصائل في البلدَين.
وبعد تراجع ملحوظ في هجمات الفصائل خلال الأشهر الماضية، سجّل في أغسطس إطلاق صواريخ استهدفت قاعدة عين الأسد بغرب العراق، ما أدى إلى إصابة سبعة أميركيين.