بريق الحلي التقليدي يسطع في الشرق الجزائري

سكان أوراس الجزائرية يتمسكون بتراث الأجداد في صناعة المصوغ.
الخميس 2022/05/19
إبداعات خيال عانق الجبال

عرفت منطقة القبائل في الشرق الجزائري بحليها الفضي الذي لا يزال بريقه ساطعا بين الحرفيين والنساء بمختلف أعمارهن بل ازداد الإقبال عليه مع الاهتمام بتفاصيله التي تقترب من إبداعات النساء في نسج الزرابي والسجاد.

باتنة (الجزائر) - اشتهرت منطقتا وادي عبدي والوادي الأبيض بمحافظة باتنة في الشرق الجزائري منذ القدم بامتهان سكانها حرفة الحلي التقليدي ليظل هذا التراث متوارثا أبا عن جد دون أن يفقد بريقه.

ويستمد هذا التقليد الحرفي سماته الزخرفية والتصميمية من الطبيعة الأوراسية وما زال يحتفظ بجاذبيته وسحره في أوساط الحرفيين الذين تحولوا إلى حماة وحراس حقيقيين لهذا الموروث المتجذر في تاريخ منطقة أوراس.

يقول الحرفي محمد أمغشوش أنه ورث أسرار المهنة عن جده وأبيه وأختيه همامة وكوكة اللتين كانتا أولى النساء الممتهنات لهذه الحرفة بالمنطقة، لافتا إلى أن صناعة الحلي كانت حسب المتداول في العائلة تقليدا ضاربا في القدم.

ويضيف أن ما يميز الحلي الأصيل، خلوه من الصبغات والألوان فيظهر بسيطا معتمدا في الغالب على أشكال هندسية ونباتية وحيوانية إلا في حالات قليلة تزين بعض قطعه بحجارة حمراء وخضراء.

وقد برع الحرفيون في القولبة وما تتطلبه من دقة وصبر في تصميم وتنويع الحلي التقليدي الذي يغطي تقريبا كل أنحاء جسم المرأة من الرأس إلى القدم من الأقراط فالأساور التي تفوق أحيانا الـ 12 قطعة في الساعد الواحد للمرأة ثم الحلقات الخاصة بالأرجل وغير ذلك من القطع الفضية.

ويستمد في الغالب الحرفيون الزخارف والرسوم التي يزينون بها الحلي، من الزرابي وهي الأشكال التي تجود بها قريحة المرأة من أمام المنسج والحياكة وفق ما ذكره رئيس جمعية “نسج الملحفة” كمال راجعي.

ويرى ذات المسؤول أن الحلي التقليدي ظل وما زال يلقى رواجا كبيرا بالمنطقة وتحرص الكثيرات من النساء على التزين به ولا يقتصر ذلك على المناسبات فقط بل يتعداه إلى باقي أيام السنة تمسكا بهذا الإرث الثقافي ووفاء لتراث الأجداد.

ويحرص الحرفيون الذين استهوتهم هذه الصنعة على الإبقاء على النماذج الأصلية للحلي التقليدي والمحافظة عليه من أي تشويه باعتباره تراثا ما زال يعكس التمسك والافتخار بالثقافة المحلية والترويج لها كعامل دفع للسياحة، كما جرى توضيحه.

ويفوق عدد الحرفيين المسجلين في صناعة الحلي 483 حرفيا و1312 آخر في صناعة المجوهرات يتمركزون، حسب ما صرح  به مدير القطاع العايش قرابة، بمدينة باتنة.

وظهرت في سنة 2006 جمعية حرفيي وتجار المجوهرات لتستفيد في 2020 من اتفاقية شراكة ضمن التعاون التقني الجزائري –الألماني.

يقول العايش قرابة “عرفت سنة 2015،انطلاق مشروع تطوير التجمعات المهنية في الصناعات الثقافية والإبداعية في جنوب البحر الأبيض المتوسط الذي يموله الاتحاد الأوروبي بمساهمة من التعاون الإيطالي وتنفذه منظمة الأمم المتحدة، حيث أختير نشاط صناعة الحلي والمجوهرات بمحافظة باتنة”

وكان من بين أهداف هذا المشروع، تطوير مستوى أداء الحرفيين من خلال اكتساب التقنيات والمهارات الحديثة وتطوير نوعية المنتوج وجعله قابلا للتصدير وإكسابه للمعايير الدولية لتحقيق التنافسية ليتم تنظيم عدد من البرامج لفائدة المنتمين لهذا التجمع منها دورات تكوينية وورشات إبداعية.

وتندرج كل هذه المبادرات، حسب ما ذكره المسؤول في غرفة الصناعة التقليدية والحرف بباتنة إبراهيم بن جابو، في إطار تثمين هذا النشاط بشقيه الحلي التقليدي والمجوهرات.

فبالنسبة إلى الحلي التقليدي طور الحرفيون، مهاراتهم وأصبحوا حاليا يستعملون تقنيات حديثة كآلات التقطيع بواسطة أشعة الليزر والطابعات ثلاثية الأبعاد إلى جانب تقنيتي الفتلة والصب والقولبة اللتين برع فيهما حرفيو الأوراس منذ القدم.

ودون التخلي عن حرفة الأجداد أصبح الحرفيون يصنعون الحلي التقليدي من الذهب إلى جانب الفضة المعدن الأصلي الذي كانت تصنع به مستعينين في ذلك بنماذج عتيقة من الحلي التقليدي الذي ما زال إلى حد الآن، حسب ما ذكره الحرفيون، يحتفظ بجاذبيته وسحره ومكانته كتراث عريق شاهد على إبداع حرفيي المنطقة منذ القديم.

20