بريطانيا تعترض اللاجئين في بحر المانش بقوانين صارمة

ارتفاع أعداد الذين يصلون عن طريق القوارب الصغيرة إلى بريطانيا يعكس تحولا عن محاولات عبور الحدود عن طريق البر.
الأربعاء 2022/01/12
سياسة خطرة وقاسية

لندن - تواجه بريطانيا موجات متزايدة من اللاجئين القادمين عبر البحر رغم مخاطر الموت غرقا، الأمر الذي أثار خلافات في وجهات النظر بين الحكومة التي تسعى لاتخاذ إجراءات أكثر تشددا ضد اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، وبين المنظمات الحقوقية التي تبرر هذه الهجرة بالأوضاع المتردية وغير الإنسانية التي يتعرضون لها.

وخلال عام 2021 عبر أكثر من 28300 شخص القنال الإنجليزي إلى بريطانيا على متن زوارق صغيرة، بما يقدر بثلاثة أمثال الرقم الذي تم تسجيله في عام 2020.

وذكرت وكالة الأنباء البريطانية "بي.آيه ميديا" في تقرير لها أن وصول المهاجرين سيتواصل وسيتعرض المزيد من الأشخاص للغرق في المنطقة البحرية الضيقة بين فرنسا وبريطانيا، وذلك في حال واصلت الحكومة البريطانية "سياستها الخطيرة والقاسية".

وجاء الرقم القياسي الذي شهده العام الماضي، والذي يمثل زيادة قدرها 20 ألفا مقارنة بالعام السابق عليه، رغم وعود بتقديم الملايين من الجنيهات للسلطات الفرنسية لمعالجة القضية.

كما شهد العام الماضي المهربين وهم يكدسون المزيد من الأفراد في زوارق أكبر حجما، وأحيانا كانت عمليات تهريب البشر تسفر عن نتائج مميتة.

وقال وزير الداخلية البريطانية إن الحكومة تقوم "بإصلاح منهاج التعامل مع اللجوء من خلال الخطة الجديدة" للوزارة بشأن الهجرة.

28395 شخصا على الأقل وصلوا على متن قوارب صغيرة إلى بريطانيا في عام 2021

وتستند الأرقام الخاصة بعبور الزوارق الصغيرة إلى بيانات وزارة الداخلية، وبلغ عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى الأراضي البريطانية ذروته في نوفمبر الماضي بواقع 9686 شخصا، على الأقل، رغم البرودة الشديدة.

وذكرت الوكالة أنه خلال الفترة بين العاشر إلى السادس عشر من نوفمبر تمكن 3100 شخص من اجتياز عملية العبور الخطيرة، وهو أكبر عدد يتم تسجيله خلال فترة أسبوع وسط هذه الأزمة الحالية.

كما شهد الشهر نفسه رقما قياسيا جديدا لعدد المهاجرين خلال يوم واحد، حيث وصل في الحادي عشر من نوفمبر إلى السواحل البريطانية 1185 شخصا على متن 33 زورقا.

أما أكبر عدد من المهاجرين خلال يوم واحد في عام 2020 فكان 416 شخصا وكان ذلك في سبتمبر من ذلك العام.

وأشار تحليل "بي.آيه ميديا" إلى أنه بالنسبة إلى العدد الإجمالي، وصل إلى بريطانيا 28395 شخصا، على الأقل، في عام 2021 على متن قوارب صغيرة.

وواصلت العصابات الإبحار في مضيق دوفر بالقنال الإنجليزي بتجارتها المميتة، مع الحصول على الآلاف من الجنيهات الإسترلينية مقابل الحصول على أماكن في زوارق مطاطية رديئة.

وأصبحت مخاطر القنال واضحة للعيان في الرابع والعشرين من نوفمبر الماضي، عندما فارق الحياة 27 مهاجرا، على الأقل، عندما غرق قاربهم.

طرق جديدة للتعامل مع اللجوء
طرق جديدة للتعامل مع اللجوء

وعلق على هذا الحادث ناور هيلتون المدير التنفيذي بمنظمة "ريفيوج أكشن" الداعمة للمهاجرين بقوله إن سياسة الحكومة البريطانية ستؤدي إلى المزيد من الوفيات في مضيق دوفر.

وأضاف أن "المهاجرين سيستمرون في عبور القنال بقوارب ضعيفة، وسيواصل المهربون جني الأرباح، ما لم تفتح الحكومة المزيد من الطرق أمام اللاجئين لتقديم طلبات اللجوء في بريطانيا".

واستطرد بالقول "ومع ذلك، تسعى الحكومة لتقنين هذه السياسة الخطيرة والقاسية عن طريق مشروع قانون مضاد للجوء، وهو في حالة إقراره سيؤدي فقط إلى غرق المزيد من الأشخاص، وينبغي على الحكومة الاستيقاظ وإلغاء مشروع القانون هذا الآن".

وعلى الرغم من تزايد عدد اللاجئين الذين يصلون إلى بريطانيا على متن قوارب صغيرة، تمثل أعدادهم حصة صغيرة مقارنة بتلك التي تصل إلى أوروبا.

وترى كلير موسيلي مؤسِسة منظمة "كير فور كاليه" الخيرية التي تدعم اللاجئين الذين يعيشون في الشمال الفرنسي، أن ارتفاع أعداد الذين يصلون عن طريق القوارب الصغيرة إلى بريطانيا يعكس تحولا عن محاولات عبور الحدود عن طريق البر.

وقالت "بي.آيه ميديا" "تقول الحكومة لنا إنه يجب على اللاجئين أن يأتوا عبر وسائل قانونية، وإذا كان هذا القول ممكنا حقا، فلماذا تخاطر تلك الأعداد الكبيرة بحياتها بركوب قوارب رديئة؟".

الحكومة البريطانية تقوم بإصلاح منهاجها لإنهاء الاستغلال الصريح للقوانين ولدافعي الضرائب

واستطردت "إذا كانت الحكومة جادة في وقف عمليات مهربي البشر، يتعين عليها إتاحة سبل آمنة للأفراد الراغبين في تقديم طلبات اللجوء، وبذلك تغلق الباب أمام الأنشطة التي يمارسها المهربون، إلى الأبد".

ويقول توم بيرسجلوف وكيل الوزارة البرلماني لشؤون الهجرة إن "السعي للحصول على اللجوء من أجل الحماية من الأوضاع السيئة لا يجب أن يشمل الأشخاص الذين يتنقلون من بلد لآخر بحثا عن اللجوء وكأنه أصبح سوقا، أو أولئك الذين يخاطرون بحياتهم لعبور القنال، عن طريق تكديس الأموال في جيوب العصابات الإجرامية".

وأضاف أن الحكومة تقوم "بإصلاح" منهاجها عن طريق "اتخاذ قرارات صارمة لإنهاء الاستغلال الصريح للقوانين ولدافعي الضرائب البريطانيين".

وأوضح بيرسجلوف أن "البريطانيين يطالبون بإدخال إصلاحات منذ عقدين من الزمان، وهذا ما ستقوم به هذه الحكومة من خلال الخطة الجديدة للهجرة التي وضعناها".

كما أوضح أن "مشروع قانون الجنسية والحدود سيجرم عملية وصول المهاجر إلى بريطانيا بشكل غير قانوني، حال إدراك المهاجر ذلك، وسيدخل المشروع عقوبة السجن مدى الحياة بحق أولئك الذين يسهلون الدخول بشكل غير مشروع إلى بريطانيا".

وقال بيرسجلوف إن مشروع القانون "سيعزز أيضا سلطات قوات حرس الحدود في وقف القوارب وإعادة توجيه مسارها، مع إدخال سلطات جديدة تمكن من إبعاد طالبي اللجوء، بحيث يسجلون طلباتهم في أماكن خارج بريطانيا".

وأضاف أن "نواب مجلس العموم وافقوا بالفعل على إصلاح هذا النظام القاصر والمعيب، وكلما أسرع مجلس اللوردات بإقرار مشروع القانون، كان من الممكن الإسراع بتطبيق هذه الإصلاحات".

18