بروكسل تخشى زحف اليمين المتشدد

ستيف بانون تنبأ بأن انتخابات البرلمان الأوروبي ستحدث زلزالا.
السبت 2019/05/04
نحن أوروبا

بروكسل  - من هيلين ماجوير - تثير الأحزاب الشعبوية، من حزب الرابطة الحاكم في إيطاليا إلى التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان في فرنسا مرورا بحزب فيدس المجري، حالة من القلق والترقب في بروكسل عن طريق التعهد بإعادة بناء الاتحاد الأوروبي على صورتها الخاصة.

وكان ستيف بانون المستشار الاستراتيجي السابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب تنبأ بأن انتخابات البرلمان الأوروبي في أواخر مايو الجاري ستحدث “زلزالا” حيث ستستحوذ الأحزاب المتشككة في الاتحاد الأوروبي على دفة الأمور.

مارين لوبان: البرلمان سينقلب مع صعود الأحزاب المؤيدة للسيادة الوطنية
مارين لوبان: البرلمان سينقلب مع صعود الأحزاب المؤيدة للسيادة الوطنية

ويخشى الكثيرون إمكانية أن يصاب البرلمان الأوروبي، الذي سيطر عليه تحالف واسع من يسار الوسط ويمينه خلال معظم فترات تاريخه الذي استمر على مدار أربعين عاما، بالشلل جراء هذه الموجة من التطرف السياسي.

وسيكون البرلمان الجديد أداة محورية في تعيين الأعضاء المقبلين في المفوضية الأوروبية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، قبل أن يضطلع بدوره المعتاد في دراسة المبادرات الجديدة والتصويت على القضايا المهمة مثل موازنة الكتلة الأوروبية.

وذكر نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني، خلال فعالية أقيمت مؤخرا ودعا خلالها الأحزاب الشعبوية الأخرى إلى توحيد صفوفها مع حزب الرابطة اليميني المتطرف، أنه “بالنسبة إلى الكثيرين، تمثل أوروبا كابوسا لا حلما”.

وأضاف “نحن نعمل من أجل حلم أوروبي جديد، والهدف هو أن نصبح أول وأهم وأكبر مجموعة من حيث العدد في البرلمان الأوروبي”.

ومن بين الأحزاب التي انضمت إلى البرنامج الانتخابي لحزب الرابطة الإيطالي حزب الحرية الحاكم في النمسا، والتجمع الوطني في فرنسا، وحزب البديل من أجل ألمانيا، وحزب الشعب الدنماركي، وحزب الفنلنديين.

وتنبأت لوبان زعيمة حزب التجمع الوطني في فرنسا في فبراير الماضي بأن البرلمان “سينقلب رأسا على عقب” عن طريق صعود الأحزاب المؤيدة للسيادة الوطنية التي ترى أن الدول الأوروبية منفردة لا بد أن تكون لها سلطات أكبر مقابل سلطات أقل لبروكسل.

ماتيو سالفيني: بالنسبة إلى الكثيرين تمثل أوروبا كابوسا لا حلما
ماتيو سالفيني: بالنسبة إلى الكثيرين تمثل أوروبا كابوسا لا حلما

وخلال استطلاع للرأي أجري في 18 أبريل الماضي لصالح البرلمان الأوروبي، تبين أن الكتل اليمينية الرئيسية الثلاث -وهي تكتل المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين، وتكتل أوروبا الأوطان والحرية، وتكتل أوروبا الحرية والديمقراطية المباشرة- تحظى بنسبة تأييد تبلغ 23 بالمئة من الأصوات، بفارق محدود عن النسبة التي تحظى بها في الوقت الحالي وتبلغ عشرين بالمئة.

غير أن هذه النسبة تجعل أعضاء هذه الكتل متأخرين بفارق سبعة مقاعد للوصول إلى الـ180 مقعدا التي من المتوقع أن يحصل عليها حزب الشعب الأوروبي الذي ينتمي إلى تيار يمين الوسط من بين إجمالي عدد مقاعد يبلغ 751 مقعدا، وإن كانت هذه النسبة تجعلهم متفوقين بشكل كبير على الاشتراكيين والديمقراطيين الذين ينتمون إلى تيار يسار الوسط.

وترجع أسباب الزيادة في معدلات التأييد جزئيا كذلك إلى الدفعة المتوقعة قصيرة المدى في شعبية الأحزاب البريطانية المتشككة في الاتحاد الأوروبي، بعد أن حصلت لندن على مهلة حتى أواخر أكتوبر للخروج من الاتحاد الأوروبي.

فيكتور أوربان: انتخابات مايو ستحدد مستقبل الحضارة الأوروبية
فيكتور أوربان: انتخابات مايو ستحدد مستقبل الحضارة الأوروبية

ومع الزيادة المتوقعة في معدلات تأييد الأحزاب اليسارية المتطرفة مثل حركة الزعيم الفرنسي الراديكالي جان لوك ميلينشون، من الممكن أن تحصل الأحزاب المتشككة في الاتحاد الأوروبي على قرابة ثلث إجمالي مقاعد البرلمان الأوروبي، حسب قول المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.

وترى سوزي دينيسون، الباحثة في المجلس الأوروبي، أن الخطورة ستكون حقيقية إذا استطاع اليسار واليمين أن يتعاونا سويا. وقالت دينيسون في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية “من المهم أن نأخذ في الاعتبار أنهما يشكلان مجموعة غير متجانسة”.

وأوضحت أنه حتى في ما يتعلق بملف الهجرة، فإن حزب الرابطة الإيطالي يريد أن يتحمل الاتحاد الأوروبي المزيد من المهاجرين تخفيفا عن كاهل روما، وهو بذلك يختلف مع حزب فيدس المجري المناهض للهجرة.

وترتبط زيادة الشعبوية إلى حد كبير بالتدفق القياسي في اللاجئين والمهاجرين إلى أوروبا خلال عامي 2015 و2016.

وذكر المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أنه على خلاف عناوين الصحف الرئيسية، فإن انتخابات 2019 “لن تكون بمثابة استفتاء على الهجرة”. وأوضحت المؤسسة البحثية أن الهجرة ليست قضية حاسمة بالنسبة إلى الكثير من الناخبين.

ويخشى الكثيرون في واقع الأمر أن “تدمر القوميةُ الاتحادَ الأوروبي”.

7