برنامج يوفر منحاً لـ36 مؤسسة ثقافية في سبع دول عربية

المؤسسات الثقافية العربية تعاني من صعوبات عدة بينها "الرقابة الذاتية" والبيروقراطية وغياب الدعم الحكومي.
الخميس 2022/10/13
تشجيع الأعمال الإبداعية

بيروت - لاحظ القيمون على برنامج التعاوني الذي يوفر منحا لـ36 مؤسسة ثقافية في سبع دول عربية وأنهى أخيراً لقاءاته في بيروت أن الوضع الثقافي في هذه الدول يعاني “هشاشة شديدة”، بفعل صعوبات عدة بينها “الرقابة الذاتية” والبيروقراطية وغياب الدعم الحكومي.

ويهدف برنامج “ثقافة داير ما يدور” الذي نظمته مؤسسة “المورد الثقافي” وتساهم في تمويله مع الاتحاد الأوروبي وجهات أخرى على مدى أربع سنوات، إلى المساهمة في إقامة “سبل تعاون مستدامة”، و”الترويج لمبادرات ثقافيّة ومدنية من خلال 32 منحة بحثيّة و24 منحة إنتاجيّة”، وفق ما أوضح في بيان.

وقال مدير البرنامج محمد أبوطيرة بعد انتهاء ورشة عمل في بيروت استمرت أربعة أيام، إن في الدول العربية التي يشملها المشروع، وعددها سبع، “هشاشة شديدة للوضع الثقافي وللبيئة الحيوية التي تعمل فيها المؤسسات” الست والثلاثون المشاركة في البرنامج، والمنضوية في 12 تحالفاً ثقافياً، بمعدّل ثلاث في كل تحالف.

المورد الثقافي تقدم منحا لللإبداعات وللمؤسسات الثقافية العربية التي تعاني من هشاشة للترويج للمبادرات الثقافية والمدنية

ويستهدف المشروع لبنان وفلسطين والأردن ومصر وتونس والمغرب والجزائر، إلى جانب أفراد من سوريا وليبيا، يعملون في هذه البلدان.

ويأتي هذا البرنامج في واقع  يعتبر فيه الإنفاق الحكومي على الشأن الثقافي عربيا رقما شحيحا ولا يكاد يذكر؛ فأكثر الميزانيات تقدما فيه يصل فيها نصيب الثقافة إلى حدود 1 في المئة من الحجم الكلي للإنفاق الحكومي، بينما تدور معظم الأرقام بين الواحد وما هو دون ذلك.

وما يزيد الوضع صعوبة عدم وجود حراك أهلي أو شعبي يحتضن الحياة الثقافية في كل الدول العربية، بسبب انتفاء ثقافة العمل الثقافي الأهلي أساسا. فنادرا ما يتم الحديث عن تبني جهة أهلية لتنظيم حدث ثقافي يتجه نحو دعم الحياة الثقافية والفنية عربيا. والصيغة الوحيدة التي تكاد تكون موجودة هي الرعايات التجارية التي تقدمها كبريات الشركات والفعاليات التجارية العربية لدعم بعض الأنشطة الثقافية من أجل تحقيق مكاسب إعلامية وإعلانية محلية، كالبنوك وشركات الاتصال والطيران. وهذا ما يتم بعيدا عن الخطط المنهجية التي تكرس الحياة الثقافية بشكل علمي مفيد.

ولاحظ أبوطيرة أن “المؤسسات الثقافية غارقة في اهتماماتها اليومية وبسبب صعوبة الوضع على صعيد البنية التحتية، وغياب دعم الحكومات لها، تعمل على حافة الإغلاق”.

وأوضح أن ثمة عقبات تعترض المثقف في البلدان العربية “منها البيروقراطية وبعض المشاكل الحساسة التي تدفع المثقف إلى ممارسة الرقابة الذاتية كي لا يتعرض للخطر”.

وتبلغ قيمة المنحة التي يوفرها البرنامج لكل تحالف 110 آلاف يورو. وتحصل المؤسسة الراسخة في التحالف على 60 ألف يورو، وكل من الناشئتين على 25 ألفا.

إلا أن “بعض التحالفات لم تحصل بعد على المنحة بسبب دعاوى كيدية ضد المؤسسة أو بسبب مشاكل إدارية وقانونية أو بطء في إدارات الدولة أو عدم إمكان فتح حساب لها في المصارف لإيداعها”، على ما أفاد أبوطيرة.

وتتنوع المواضيع التي تتناولها التحالفات، من مسرح وعروض سينمائية في القرى، وموسيقى، وهندسة معمارية، ودراسة عن علاقة الإنسان بالمدينة والتراث، وورش ترميم لإعادة إنتاج المكان وسواها.

قيمة المنحة التي يوفرها البرنامج لكل تحالف تبلغ 110 آلاف يورو وتحصل المؤسسة الراسخة في التحالف على 60 ألف يورو، وكل من الناشئتين على 25 ألفا

وأوضح أبوطيرة أن اختيار المستفيدين “يكون على أساس جودة المضمون وطريقة تقديمه”.

وفي تصريح له، أوضح عز الجعبري، ممثل تحالف “جسور” الذي يضم ثلاث مؤسسات فلسطينية، أن التحالف يعمل “على إعادة استكشاف المعرفة المحلية في مجال الفنون والثقافة والتربية والبيئة وابتكار طرق عمل مؤسسية مبنية عليها”.

أما سلمى بلال من تحالف “تحيز” من مصر، فقالت إن المؤسسات الثلاث الأعضاء فيه تسعى إلى “وضع برنامج تعليمي للتعامل مع البيئة المبنية وكل الفنون التي تتقاطع معها في القاهرة”.

وقالت رلى قبيسي من تحالف “التشبيك للتواصل الثقافي” الذي يضم ثلاث جمعيات لبنانية تعنى بفن الأداء “اجتمعنا لكي نوفر للفنانين الشباب خريطة تُحدد الأماكن التي يمكن أن تقام فيها العروض في مختلف المناطق اللبنانية”.

ولا يمكن للحياة الثقافية أن تزدهر دون تمويل يوفر لها حاضنا ويهيئ ما تتطلبه من احتياجات ومستلزمات لتخرج على أحسن حال. وفي التراث العربي كان بيت الحكمة الذي وجد في عهد الدولة العباسية، يعطي المترجم معادل كتابه ذهبا. لكن الأمور تبدلت في العالم العربي، فتراجعت قيمة الثقافة والعلم، حتى باتت الحالة الثقافية في ذيل اهتمامات الحكومات العربية مما أثر على جودة العلوم والفنون والبحث المعرفي وغابت الإبداعات الحقيقية وتشتت المبدعون.

وهنا تأتي مثل هذه المبادرات لتشجيع المؤسسات الثقافية والمبادرات الخاصة ولكنها تظل قليلة على أهميتها، إذ يتطلب القطاع الثقافي دعما أوسع وتغييرا في العقلية ليصبح قطاعا منتجا.

14