"برج الأكاذيب" يكشف سيطرة التعصب على نظرة ترامب تجاه العالم

واشنطن - يكشف كتاب جديد يتوقع صدوره غدا الثلاثاء صفات استخلصتها مؤلفته باربرا ريس، المسؤولة التنفيذية البارزة التي عملت لفترة طويلة مع دونالد ترامب قبل أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة كيف أنه يتمتع بصفات العنصرية ومعاداة السامية والتشبث بالرأي وإلقاء مسؤولية الأخطاء على الغير.
وقالت ريس في كتابها “برج الأكاذيب” إن “تلك الصفات ظلت تلازم ترامب منذ أن بدأ يفكر في الترشح للرئاسة وحتى بعد وصوله إلى البيت الأبيض”. ووصفت كيف كان يجلس خلف مكتبه المصنوع من خشب الورد ويفكر في العمل في منصب أكثر نفوذا قبل أربعة عقود عندما كان لا يعرفه أحد.
ولم تشغل ريس، التي عملت مديرة تنفيذية لفترة طويلة في شركة العقارات المملوكة لترامب، بالها بهذه الأفكار إلى أن تم انتخابه رئيسا. والآن، وفي الأسابيع الأخيرة لحملة إعادة انتخاب ترامب، أعدت ريس كتابها الذي حثت فيه الأميركيين على عدم منحه فترة ولاية ثانية.
ويتحدث الكتاب عن سلوك عنصري ومعاد للسامية ومتحيز ضد المرأة يتسم به ترامب، إلى جانب قدرته على “الكذب بشكل طبيعي للغاية” بحيث “إذا لم تكن تعرف الحقائق الفعلية، يمكنه أن يمرر معلومة غير حقيقية دون أن تلحظ ذلك”.
وكتبت ريس “لقد غرس في الوقت الذي كنت أعمل فيه معه بذور ما هو عليه الآن.. لقد كان قادرا على السيطرة على الآخرين من خلال الأكاذيب والتضخيم أو من خلال وعود بالمال أو وظائف أو من خلال التهديدات برفع دعاوى قضائية أو الفضح”.
ولقد أحاط ترامب نفسه بأشخاص يوافقونه الرأي وألقى اللوم على الآخرين في إخفاقاته الشخصية، ولم يكن أبدا يتحمل المسؤولية، وكان دائما يرجع فضل ما يحققه الآخرون إليه، وهذه الأساليب، وفق ريس، “لا يزال يتم استخدامها، وهي سائدة في أعلى مستويات الحكومة الأميركية مع كل ما يستتبع ذلك بالضرورة من فساد وفوضى”.
ويضاف كتاب ريس إلى عدد كبير من الأطروحات الخاصة بعام الانتخابات والتي تهاجم الرئيس، الذي تعرض إلى انتقادات شديدة من جانب مايكل كوهين، مساعده السابق، وجون بولتون، مستشاره الثالث للأمن القومي سابقا، وماري ترامب، ابنة أخيه، والصحافي المخضرم بوب وودوارد.
وقد تجاهلت حملة ترامب ذلك الكتاب الأخير، لكن تيم مورتو مدير الاتصالات في حملة ترامب الانتخابية قال “إنها بوضوح موظفة سابقة ساخطة تلفق مجموعة من الأكاذيب في كتاب لكسب المال”.
وقالت ريس في كتابها إن “التعصب والتحيز يسيطران على نظرة ترامب تجاه العالم”. وأشارت إلى أن ترامب وبّخها عندما رأى عاملا أسود في موقع إنشاءات، وأنه قال لها “أخرجيه الآن، ولا تجعلي هذا يحدث مرة أخرى، لا أرغب في أن يقول الأشخاص إن برج ترامب يبنيه السود”.
وكتبت ريس أن ترامب قام بتوظيف مدير ألماني للإسكان، معتقدا أن إرثه جعله “نظيفا ومنظما بشكل خاص”، ثم قال مازحا أمام المديرين التنفيذيين اليهود إن “هذا الرجل لا يزال يتذكر الأفران (النازية)، لذلك من الأفضل أن تحترسوا منه”.
والأمر اللافت في هذا الصدد هو أن ترامب وحملته قد أشارا إلى ريس أثناء انتخابات 2016 باعتبارها مثالا على تاريخه التقدمي في ما يتعلق بتوظيف النساء وترقيتهن. لكن خلال مشوارها الذي استمر 18 عاما، قالت إن ترامب كان يتحدث بشكل متكرر وتوصيفي عن شكل النساء وما يقوم به من استغلال جنسي. وقد أجبر ترامب ريس على إقالة امرأة لأنها كانت حاملا ومنع سكرتيرته الخاصة من حضور اجتماعات مهمة بسبب أنها لا تبدو كعارضة أزياء.
ودأبت ريس على انتقاد ترامب منذ أن تركت الشركة قبل عقدين وتعهدت بالتصويت لهيلاري كلينتون عام 2016 وأقرت بأن بعض الأشخاص كانوا يرفضون خبراتها لأنها عملت مع ترامب لفترة طويلة مضت.
وكان ترامب قد قام بتوظيف ريس عندما كان يخطط لبناء ناطحة سحاب جديدة في فيفث أفينيو، وتذكرت زيارة شقته الواسعة الفخمة لإجراء مقابلة عمل معه.
وقال ترامب حينها إن الناطحة “ستكون أكثر بناية يتم الحديث عنها في العالم”. ثم أضاف “أريدك أن تبنيها”. وكانت ريس في ذلك الوقت مديرة مشروعات شابة في صناعة البناء التي يهيمن عليها الذكور في نيويورك.
وعندما تم الانتهاء من برج ترامب، تم تصميم شقته الثلاثية في الجزء العلوي بطريقة حديثة وبسيطة في الأصل، لكن ريس كتبت أنه بعد أن زار القصر الشتوي الروسي، أي المنزل المبهرج الذي يعيش فيه القيصر، أعاد ترامب بناء شقته.
ومن الواضح أن ترامب تغير بمرور الوقت. وعلى الرغم من أنه كان دائما متهورا ومتفاخرا، إلا أنه أصبح يعتمد بشكل متزايد على رجال يوافقونه الرأي ومدمنا للاهتمام الذي يتلقاه.