بدء العد التنازلي لانتخابات برلمان كردستان العراق وسط مخالفات بالجملة

أربيل (العراق) – عقدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات/مكتب الهيئة في أربيل اليوم الاثنين، اجتماعا خاصا ضم المنظمات غير الحكومية تحضيرا لإقامة انتخابات إقليم كردستان العراق، بعدما كشفت الهيئة عن بلوغ عدد شكاوى الحملات الانتخابية والطعون 41 شكوى، وذلك مع بدء العد التنازلي لهذا الاستحقاق التشريعي الذي يشهد أجواء مشحونة بالتوتر خصوصا بين الحزبين الكرديين الرئيسيين.
وقال رئيس مكتب الهيئة الانتخابية نبرد عمر في مؤتمر صحافي "عقدنا اليوم (الاثنين) اجتماعاً مع المنظمات غير الحكومية في إقليم كردستان حول الانتخابات البرلمانية المقبلة للإقليم، حيث قمنا بإجراء اختبار لعملية الاقتراع وشرح آلية التصويت، بالإضافة إلى الرد على أسئلة وملاحظات هذه المنظمات".
وأضاف أن "1550 شخصا سجلوا أسماءهم كمراقبين دوليين، و13 قنصلية، و14 منظمة دولية، وعدد من المنظمات المحلية".
وأوضح عمر أن "الحملة الانتخابية ستنتهي غدا (الثلاثاء) في تمام الساعة 12:00 فجراً، وهو آخر يوم لتوزيع البطاقات البايومترية"، مشيراً إلى وجود "112 ألف بطاقة لم يتم استلامها من قبل أصحابها".
وتواصل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق استعداداتها لإجراء انتخابات البرلمان إقليم كردستان في العشرين من الشهر الحالي، إذ بلغت نسبة إنجاز المتطلبات ليوم الاقتراع 97 بالمئة، بينما بلغ عدد شكاوى الحملات الانتخابية والطعون 41 شكوى. وفق ما أفاد أيسر ياسين الناطق الرسمي باسم اللجنة المركزية لانتخابات برلمان كردستان.
وأوضح ياسين أن "عدد الشكاوى للحملات الدعائية للمرشحين بلغ 38 شكوى، منها 3 في دهوك و14 في أربيل و21 في السليمانية، وكذلك عدد شكاوى المرشحين 1 وعدد الطعون 2 في محافظة السليمانية"، مؤكدا أنه "بالتعاون والتنسيق مع مديرية البلديات في عموم محافظات الإقليم، يتم رفع العديد من صور المرشحين المخالفة للتعليمات وتغريمهم".
وأشار إلى أن "عملية فرز المواد والأجهزة الانتخابية في مخازن مكاتب المحافظات بدأت استعدادا لتوزيعها بين مراكز الاقتراع في أيام الـ 15 – 16-17 من الشهر الحالي، بحسب الخطة اللوجستية المعدة مسبقا، وكذلك تم إجراء الورشة التدريبية للمستوى الثالث لموظفي الاقتراع في يوم التصويت".
وأضاف أن "عملية تسجيل وكلاء الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات وشبكات المراقبة الانتخابية والمؤسسات الإعلامية المختلفة مستمرة في مقر المكتب، لغرض إصدار باجات الاعتماد للمشاركة في مراقبة وتغطية انتخابات برلمان الإقليم".
ويشارك في الاستحقاق التشريعي المرتقب نحو مليونين و900 ألف ناخب.
وقال رئيس تحالف خبرة لحوكمة الديمقراطية حازم الرديني، في تصريح صحفي إن عدد الناخبين الإجمالي الذين بلغوا سن الثامنة عشرة بلغ 3 ملايين و798 ألفاً و360 ناخباً، فيما بلغ عدد الناخبين المسجلين بايومترياً مليونين و899 ألفاً و578 ناخباً، موزعين بواقع مليونين و683 ألفاً و618 ناخباً في التصويت العام و215 ألفاً و960 ناخباً للتصويت الخاص الذي سيجري في الـ18 من الشهر الحالي، ويشارك فيه أفراد الأجهزة الأمنية، حتى المتواجدين منهم خارج الإقليم.
وأضاف أن عدد المرشحين الإجمالي بلغ ألفاً و191 مرشحاً يتنافسون على 100 مقعد، وهو عدد أعضاء برلمان إقليم كردستان، بواقع 38 مقعداً لمحافظة السليمانية، و34 مقعداً لمحافظة أربيل، و25 مقعداً لمحافظة حلبجة، و3 مقاعد موزعة بواقع 823 ذكراً و368 أنثى. فيما بلغ عدد مرشحي التحالفات 123 مرشحاً، أما مرشحو الأحزاب فقد بلغ 946 مرشحاً، وهنالك 119 مرشحاً فردياً للمقاعد العامة وكوتا المسيحيين والتركمان.
وأكد أن نوع الترشح على مقاعد المكونات هو فردي، وبلغ عدد المرشحين على مقاعد كوتا المكونات 38 مرشحاً، أما عدد المرشحين الأفراد على مقعدي التركمان 20 مرشحاً، في حين بلغ عدد المرشحين الأفراد على المقاعد الثلاثة للمسيحيين 18 مرشحاً.
وأوضح الرديني أن عدد الدوائر الانتخابية بلغ أربع دوائر انتخابية، ويجب أن يكون الناخب حاملاً للبطاقة البايومترية حصراً. وسيطبق نظام التمثيل النسبي في انتخابات برلمان الإقليم حسب القائمة شبه المفتوحة، وتوزع المقاعد الشاغرة بعد عملية التوزيع الأولى وفق طريقة الباقي الأقوى لجميع القوائم والمرشحين الأفراد، سواء حصلوا على مقاعد أم لا في عملية التوزيع الأولى، فيما سيطبق نظام الأغلبية البسيطة على مقاعد المكونات.
ورأى الرديني أن الأحزاب السياسية في الإقليم استخدمت خلال حملاتها الدعائية التي انطلقت في الخامس والعشرين من الشهر الماضي كل أساليب التجريح والتشويه والتهديد والتخوين، والإفراط في توزيع صور المرشحين مبالغ في حجمها، وعلى الأرصفة والطرقات العامة، داعيا الأحزاب السياسية والمرشحين ووسائل الإعلام إلى مغادرة هذا الخطاب الانتخابي المتشنج والعمل على تهدئة وتهيئة الأجواء العامة في الإقليم لضمان إجراء انتخابات حرة وهادئة، خاصة في ظل الأجواء الإقليمية المتأزمة.
وتقترب الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان من موعدها المحدد في العشرين من الشهر الجاري، وسط أجواء تنافسية متوترة بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم، الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل طالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده السياسي الكردي العراقي المخضرم مسعود بارزاني.
وبدأت المنافسة بين الحزبين تأخذ منحى تصعيدي تجاوز حدود اللعبة السياسية التقليدية، حيث أصبحت الحملات الانتخابية فاقدة للتفاعل الجماهيري بسبب تكرار الخطابات والشعارات التي يعتبرها الكثيرون مستهلكة ولا تحمل جديدًا.
ويتهم الاتحاد الوطني الكردستاني الحزب الديمقراطي بالهيمنة على مفاصل الحكم في الإقليم واستبعاد الأطراف الأخرى من عملية صنع القرار.
وفي المقابل، يرد الحزب الديمقراطي الكردستاني بأن الاتحاد الوطني يحاول التنصل من مسؤولياته في الحكم ويعمل على إشعال الفتنة بين أبناء الشعب الكردي.
كما يرى الحزب الديمقراطي أن الاتحاد يتصرف وكأنه حزب معارض رغم كونه جزءا من السلطة.
وأحد أبرز نقاط الخلاف التي ظهرت في الآونة الأخيرة هو مشروع "حسابي" الذي طرحته حكومة الإقليم مسرور بارزاني لتوطين رواتب الموظفين في البنوك المحلية.
ورفض الاتحاد الوطني هذا المشروع واعتبره محاولة لإحكام السيطرة على الموارد المالية، ودعا إلى توطين الرواتب في المصارف الاتحادية في بغداد.
هذا الموقف أدى إلى تصعيد التوتر بين الطرفين، حيث اتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني الاتحاد الوطني بالعمل ضد مصالح الإقليم وبالتعاون مع قوى وفصائل في بغداد.
وفي إطار هذا النزاع، أصدر الاتحاد الوطني تعليمات للدوائر والمديريات في محافظة السليمانية بعدم التعاون مع مشروع "حسابي"، مما زاد من حدة الانقسام داخل الإقليم. فيما وصف الحزب الديمقراطي هذه الخطوة بأنها ضربة قاضية للكيان الدستوري لإقليم كردستان واعتبرها محاولة لتقويض استقلالية المؤسسات الإقليمية.
ودخلت إيران على الخط في محاولة لتهدئة الأوضاع، لكن الحزب الديمقراطي الكردستاني يعتقد أن طهران تؤيد الاتحاد الوطني في الخفاء، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي.
من جانبه، استغل حراك الجيل الجديد المعارض هذه التوترات ليشن هجومًا على الحزبين الكبيرين، متهماً إياهما بالكذب والفساد، بينما تواجه حركة التغيير، التي كانت يومًا ما قوة سياسية رئيسية، انهيارات شعبية أفقدتها الكثير من ثقلها في المشهد السياسي الحالي.
في ظل هذه الأجواء المحتدمة، تبدو الانتخابات القادمة مفتوحة على كافة الاحتمالات، خاصة مع تصاعد المخاوف من أن تؤدي الخلافات الداخلية إلى التلاعب بالنتائج أو إلى تصعيد جديد في الصراع بين الأطراف المتنافسة.
ومن المفترض أن تُجرى انتخابات برلمان كردستان قبل عامين، وأن يكون 20 أكتوبر هو التاريخ الخامس المعلن للانتخابات. وجاءت التأخيرات بسبب الخلافات المستمرة.