بايدن يراهن على زيارته إلى السعودية لتخفيض أسعار النفط

العقوبات على روسيا وترتيبات أوبك+ عائقان أمام موازنة أسواق النفط.
الأربعاء 2022/06/22
إيجاد حل سريع مهمة صعبة

واشنطن - يجري جو بايدن للمرة الأولى بصفته رئيسا للولايات المتحدة جولة في الشرق الأوسط، سيلتقي خلالها القادة الإسرائيليين والسعوديين، ويشارك في قمة لمجلس التعاون الخليجي في السعودية.

ويتوقّع أن يناشد بايدن المملكة لزيادة إنتاجها النفطي في مسعى لكبح ارتفاع أسعار الوقود وتسارع التضخم المدفوع بالأزمة الأوكرانية.

إن مناشدة الرؤساء الأميركيين لملوك السعودية وأولياء العهد لمساعدتهم في موازنة أسواق النفط ليست بالأمر الجديد، فقد دعا ريتشارد نيكسون وجورج بوش الكبير وجورج بوش الصغير وباراك أوباما ودونالد ترامب في وقت أو آخر المملكة إلى تعديل معدل الإنتاج. وفي ظل العلاقات السياسية السيئة الأخيرة بين البلدين، تمنى بايدن ألا ينضم إلى تلك القائمة، لكن ارتفاع متوسط أسعار البنزين في الولايات المتحدة إلى أكثر من 5 دولارات للغالون الواحد جعل مناشدة السعودية أمرا لا مفر منه.

روبن ميلز: المملكة لا تستطيع فعل الكثير في إطار أوبك+

وقد قرر الاجتماع الأخير لأوبك+، وهو الإطار الذي يجمع أوبك مع روسيا وبعض مصدري النفط المهمين الآخرين، في الثاني من يونيو، حصر زيادات الإنتاج لمدة ثلاثة أشهر إلى شهرين، وبدلا من المكاسب الشهرية المقررة البالغة 432 ألف برميل يوميا، سترتفع الأهداف الجماعية بمقدار 648 ألف برميل يوميا في شهري يوليو وأغسطس، وتعكس تلك الزيادات التخفيضات الكبيرة في الإنتاج التي تم إجراؤها في ذروة الوباء والتي كان من الممكن معالجتها بحلول شهر سبتمبر. والآن سيتم الانتهاء من ذلك قبل شهر، ويعد ذلك استجابة للأسواق المتعطشة للنفط، وللضغط من الولايات المتحدة، لكن تأثيره العملي يبقى ضئيلا للغاية.

وتبقى هناك ثلاث مشكلات لأوبك+، الأولى هي عدم قدرة معظم الأعضاء، لاسيما نيجيريا وأنغولا، وأيضا روسيا على إنتاج ما يقارب مستوى الحصة المقررة، وذلك ردا على الغزو الأوكراني، وقد التزم الاتحاد الأوروبي بحظر جميع واردات النفط الروسي تقريبا بحلول نهاية العام، وفرض عقوبات على الشحن والتأمين لشحنات النفط في البلاد، ويعيق ذلك قدرة موسكو على إعادة توجيه المبيعات إلى آسيا.

وقد أُقترح قبل الاجتماع تعليق التزام روسيا، مما يسمح للسعودية والإمارات بتعويض بعض الفارق في السوق، لكن ذلك لم يحدث، على الأقل حتى الآن. وهذان البلدان هما الآن الوحيدان اللذان يمتلكان طاقة فائضة كبيرة، حيث يبلغ مجموعهما حوالي 3 ملايين برميل في اليوم.

وتم إعفاء ليبيا من تلك الأهداف، لكنّ صراعا سياسيا آخر أدى إلى خفض نحو مليون برميل يوميا. ويبدو أن الاتفاق النووي الإيراني في مرحلة حرجة، حيث يبقي 1 إلى 1.5 مليون برميل يوميا من صادراتها خارج السوق، وربما يتسبب في حدوث أزمة أكبر، وبشكل عام، أخفقت أوبك+ في تحقيق هدفها بمقدار 2.66 مليون برميل يوميا في شهر أبريل، وسيكون ذلك أسوأ في شهري مايو ويونيو.

والعنصر الثاني هو قضية ترتيبات أوبك+، حيث لا يزال اتفاق 2020 لخفض الإنتاج ساريا حتى شهر ديسمبر، وعليه فإن السؤال الآن هو ما إذا كان سيتم الاتفاق على زيادات أخرى اعتبارا من شهر سبتمبر فصاعدا.

ويقول روبن إم ميلز، وهو الرئيس التنفيذي لشركة قمر للطاقة ومؤلف كتاب “أسطورة أزمة النفط”، إن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة فقط وإلى حد ما العراق ستستفيد من ذلك الوضع، ومع تضاؤل حجم مخزونها الفائض، ستشعر بضرورة كبح بعض ذلك المخزون حتى يتم الكشف عن التأثير الكامل للعقوبات على روسيا وللتغطية على أخطار أخرى غير متوقعة قد تأتي من طرابلس أو طهران أو أي مكان آخر.

Thumbnail

وسيتعين على المنظمة أن تكون حذرة حول خطر إغلاق كبير بسبب فايروس كورونا في الصين، وانهيار الطلب بسبب ارتفاع الأسعار، واحتمال حدوث ركود واسع النطاق. وتعاني عدة دول مثل سريلانكا وباكستان ولبنان بالفعل من أزمات اقتصادية تفاقمت بسبب ارتفاع أسعار الوقود.

لذلك سيكون من المخاطرة الإخلال بذلك النظام، مع العلم أن تخفيضات الإنتاج قد تكون مطلوبة قريبا مرة أخرى، وصارت الرياض تثمن علاقتها مع روسيا، والتي قدمت مجموعة متنوعة من الفوائد الاستراتيجية والسياسية، ولكن الأهم من ذلك أنها سمحت بإدارة سوق النفط دون التهديد الدائم بالتخلي عن المبيعات لمنافس رئيسي.

والعنصر الثالث هو موضوع تكرير النفط، حيث يقف خام برنت، وهو المؤشر الدولي الرئيسي عند سعر 120 دولارا للبرميل، مرتفع نسبيا، ولكن ليس بشكل مفرط وفقا للمعايير التاريخية. ولكن بعد إغلاق العديد من المصافي في ظل الوباء، ضعفت الطاقة الإنتاجية بشدة، حيث تجني شركات التكرير 40 – 50 دولارا للبرميل من هوامش البنزين والديزل، وهي أعلى بكثير من المستويات المعتادة، مما يؤدي إلى أسعار قياسية في المضخات.

ويرجح ميلز في تقرير لموقع سنديكيش بيورو المختص في شؤون الشرق الأوسط، أن يؤدي بناء بعض القدرات الجديدة في الشرق الأوسط والصين ونيجيريا إلى التخفيف من حدة الوضع في وقت لاحق من هذا العام. وحتى ذلك الحين، قد تجادل أوبك بشكل منطقي بأنه لا جدوى من وضع المزيد من النفط الخام في سوق لا يمكنه تصفيته. وفي حين أن مخزونات الخام، وخاصة المنتجات المكررة، شحيحة للغاية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (أو.أي.سي.دي)، فإن المخزونات العالمية من النفط الخام أكثر توفرا، وهي في ارتفاع.

مناشدة الرؤساء الأميركيين لملوك السعودية وأولياء العهد لموازنة أسواق النفط ليست بالأمر الجديد

وتعني هذه العوامل أن المملكة العربية السعودية لا تستطيع فعل الكثير في إطار أوبك+. وإلى الآن تمكنت من تحقيق توازن ذكي، حيث عرضت بعض الإجراءات لإرضاء الولايات المتحدة، وللتأكد أخيرا من أن بايدن سيزور ويظهر الأهمية الدائمة للمملكة، من دون تنفير روسيا. ومن المفيد أيضا تجنب احتمال أن يشق مشروع قانون “نوبك” طريقه من خلال الكونغرس الأميركي، والذي من شأنه أن يسمح برفع دعاوى قضائية ضد أوبك للتنسيق بشأن الإمدادات.

ورفعت شركة النفط الحكومية السعودية أرامكو أسعار البيع الرسمية إلى آسيا في شهر يوليو بشكل كبير، أكثر مما توقعه الزبائن، بينما رفعت الأسعار لأوروبا بصورة أقل. وقد قبلت أنها ستفقد بعض حصتها في السوق لصالح روسيا من المستوردين الرئيسيين وهم الصين والهند، وستحتفظ بحصتها في السوق في الدول الآسيوية التي تخشى شراء المزيد من روسيا، لاسيما اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة، وستبيع المزيد لأوروبا، مما يساعد على استبدال النفط الروسي.

وحاولت الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات لحفظ ماء الوجه، حيث جاءت زيارة بايدن كجزء من رحلة أوسع إلى الشرق الأوسط، والتي تشمل إسرائيل والضفة الغربية المحتلة، ثم السعودية وهي الزيارة المخصصة لاجتماع مع دول مجلس التعاون الخليجي وليس المقصود منها التركيز بشكل خاص على النفط.

لكن ميلز يقول إن التوقيت والعمل الأساسي المكثف الذي قام به مبعوث الشرق الأوسط بريت ماكغورك ومنسق الطاقة عاموس هوشتاين يشيران إلى حقيقة أن التدخل السعودي، مهما كان محدودا، يظل واحدا من أكثر الخيارات قبولا بين قائمة من الخيارات السيئة للولايات المتحدة لخفض أسعار الوقود ذات التبعات السياسية الكارثية.

7