بايدن يأمل في المزيد من النفط واندماج إسرائيلي خلال قمة عربية في السعودية

اتفاق سعودي - أميركي على تعزيز الشراكة الاستراتيجية واستقرار أسواق الطاقة العالمية ومنع إيران من امتلاك سلاح نووي.
السبت 2022/07/16
قمة لمناقشة نووي إيران وأسعار النفط وأزمات المنطقة

جدة - يجتمع الرئيس الأميركي جو بايدن مع زعماء عرب في السعودية السبت، سعيا لإقناع حلفاء واشنطن الخليجيين بضخ المزيد من النفط ودمج إسرائيل في المنطقة، كجزء من محور جديد تحركه إلى حد كبير مخاوف مشتركة بشأن إيران.

ويركز بايدن في المحطة الثانية من أول رحلة له في الشرق الأوسط كرئيس للولايات المتحدة، على القمة المزمع عقدها مع ست دول خليجية ومصر والأردن والعراق.

وقال مسؤول كبير بالإدارة الأميركية إن الرئيس بايدن سيبحث القدرات الصاروخية والدفاعية المتكاملة في قمة جدة، كما سيعلن عن تمويل بمليار دولار للأمن الغذائي بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وكان بايدن وصل الجمعة إلى السعودية التي تعهّد بأن يجعلها دولة "منبوذة" على خلفية سجلها الحقوقي، واجتمع بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان ومسؤولين سعوديين كبار آخرين.

وتصاعد التوتر بين واشنطن والرياض بعدما نشرت إدارة بايدن نتائج تحقيقات للاستخبارات الأميركية تزعم بأن الأمير محمد "وافق" على عملية تستهدف الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي أثار مقتله في قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018 رد فعل دوليا غاضبا.

وينفي المسؤولون السعوديون تورّط الأمير الشاب، ويقولون إنّ مقتل خاشقجي نتج عن عملية نفّذتها عناصر "مارقة"، لكنّها شوّهت بشدة سمعته بوصفه قائدا مصلحا في بلد محافظ.

ويبدو الآن أن بايدن مستعد لإعادة التعامل مع دولة كانت حليفا استراتيجيا رئيسيا للولايات المتحدة على مدى عقود، وموردا رئيسيا للنفط ومشتريا متعطشا للأسلحة.

وتريد واشنطن أن تقنع أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم بأن تفتح الباب لزيادة إنتاج النفط من أجل خفض أسعار المحروقات المرتفعة على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، الأمر الذي يهدد فرص الديمقراطيين في انتخابات نوفمبر المقبل.

لكن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان قلّل من التوقعات بإحراز تقدم فوري أثناء حديثه مع الصحافيين على متن طائرة الرئاسة من إسرائيل إلى جدة.

وقال "لا أعتقد أنه يجب أن نتوقّع إعلانا معينا هنا (..) لأننا نعتقد أن أي إجراء إضافي يتم اتخاذه لضمان وجود طاقة كافية لحماية صحة الاقتصاد العالمي سيتم في سياق أوبك بلاس"، الكارتل الذي يضم روسيا.

وتابع أنّ اجتماع القمة سيمكّن بايدن من "طرح رؤيته واستراتيجيته بوضوح وبشكل موضوعي"، والمتعلقة بالانخراط الأميركي في الشرق الأوسط، مضيفا "إنه عازم على ضمان عدم حدوث فراغ في الشرق الأوسط" تملؤه الصين وروسيا.

وتسعى دول الخليج، التي رفضت الوقوف إلى جانب الغرب ضد روسيا في الصراع الأوكراني، بدورها إلى الحصول على التزام ملموس من الولايات المتحدة بالعلاقات الاستراتيجية، التي توترت بسبب ما اعتبر بأنه فك ارتباط الولايات المتحدة بالمنطقة.

وأصيبت الرياض وأبوظبي بالإحباط بسبب الشروط الأميركية بشأن مبيعات الأسلحة واستبعادهما من المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، الذي تريان أنه معيب لعدم معالجة المخاوف الإقليمية بشأن برنامج طهران الصاروخي وسلوكها.

وقال عبدالعزيز صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث ومقره الرياض، "إن أهم مطلب من القيادة السعودية وقادة الخليج الآخرين، والعرب بشكل عام، هو وضوح السياسة الأميركية وتوجهها نحو المنطقة".

ويرى مراقبون أن من الصعب بالنسبة إلى السعودية والإمارات القبول بالعودة إلى الوراء في ملف النفط، خاصة بعد المكاسب التي حققتاها من وراء تمسكهما بالزيادة المدروسة في الإمدادات والحفاظ على ارتفاع الأسعار وتحالفهما مع روسيا في أوبك+، حتى وإن كان ذلك يتناقض مع حسابات واشنطن.

وكان رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قال الأربعاء في أول خطاب متلفز منذ توليه منصبه إنّ الدولة الخليجية باقية كمزود موثوق للطاقة، في رسالة قال المراقبون إنها جاءت في الوقت المناسب وحملت طمأنة للسوق، في ظل الجدل الدائر حول وضع الطاقة العالمي، وفي خضم الأزمة الغربية مع روسيا وتأثيراتها العميقة على إمدادات الطاقة.

وفي بيان مشترك نشرته وكالة الأنباء السعودية "واس" جدّدت الولايات المتحدة والسعودية "التزامهما باستقرار أسواق الطاقة العالمية". واتفق البلدان أيضا على التشاور بانتظام بشأن أسواق الطاقة العالمية على المديين القصير والطويل، وكذلك العمل معا كشريكين استراتيجيين في مبادرات المناخ وانتقال الطاقة.

وأشار البيان إلى أن الولايات المتحدة والسعودية اتفقتا على أهمية منع إيران من "الحصول على سلاح نووي".

وقال البيان إن بايدن أكد التزام بلاده القوي والدائم بدعم أمن المملكة العربية السعودية والدفاع عن أراضيها، وتسهيل قدرة المملكة على الحصول على جميع الإمكانات اللازمة للدفاع عن شعبها وأراضيها ضد التهديدات الخارجية.

وشدد الجانبان أيضا على ضرورة منع إيران من التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ومن دعمها للإرهاب من خلال المجموعات المسلحة التابعة لها وجهودها لزعزعة أمن المنطقة واستقرارها.

كما أكّدا "التزامهما الدائم بحلّ الدولتين، بحيث تعيش دولة فلسطينيّة ذات سيادة ومتّصلة جغرافيا، جنبا إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل".

واستخدم مسؤولو البيت الأبيض الرحلة كمحاولة لتعزيز التقارب بين إسرائيل ودول عربية.

وقبل وصول بايدن إلى المملكة، أعلنت الرياض فتح أجوائها "لجميع الناقلات الجوّية"، في بادرة حسن نيّة واضحة تجاه إسرائيل. وسارع بايدن إلى الإشادة بهذا القرار، واصفا إيّاه بأنّه "تاريخي".

لكن رغم مؤشرات التقارب الأخيرة، لا يبدو التطبيع قريبا، وقد ردّد العاهل السعودي في خطاباته أنّ المملكة يمكن أن تطبع العلاقات مع إسرائيل فقط حين تقوم دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية المحتلة.

وخلال زيارته جدة، أعلن الرئيس الأميركي والبيت الأبيض أنّ قوة حفظ السلام ستغادر بحلول نهاية العام الحالي جزيرة تيران الاستراتيجيّة الواقعة في البحر الأحمر، والتي انتقلت السيادة عليها مع جزيرة أخرى من مصر إلى السعوديّة.

ورفع العلم السعودي فوق تيران وصنافير القريبة مرهون بموافقة إسرائيل، لأنّهما جزء من اتّفاقات سلام مبرمة بين الدولة العبريّة ومصر.