باحثون رصدوا ثقبا أسود يبتلع نجما

الثقب الأسود له جاذبية تجعل أي نجم يقترب منه يتمزق.
الجمعة 2022/12/02
ظاهرة نادرة

باريس – نجح علماء في رصد ظاهرة نادرة جدا حصلت على بعد 8.2 مليار سنة ضوئية من كوكب الأرض، ويبدو فيها ثقب أسود ضخم يبتلع نجماً، ثم يلفظ فضلات “وجبته” على شكل دفق مضيء.

فللثقب الأسود جاذبية تجعل أي نجم يقترب منه يتمزق، إذ أن المادة التي يتكون منها النجم تتفكك، ثم تدور بسرعة كبيرة حول الثقب الأسود قبل أن يبتلع جزءاً منها إلى الأبد.

ونادراً ما تكون هذه الظاهرة المسماة “تمزق المد والجزر” مصحوبة بانبعاث دفق ضوئي قوامه جسيمات، ويتأتى هذا الدفق من مادة النجم ويكون عابراً وينتقل بسرعة قريبة من الضوء.

وأفادت دراستان نُشرتا هذا الأسبوع في مجلتي “نيتشر” و”نيتشر أسترونومي” بأن المرة الأخيرة التي رُصد فيها حدث من هذا النوع تعود إلى عام 2012.

واُبتُكرَت مذّاك وسائل رصد جديدة بينها كاميرا ذات قدرة كبيرة مثبتة على مرصد بالومار في كاليفورنيا، تتيح “إجراء مسح للسماء”، بحسب ما شرحت الباحثة التابعة للمركز الوطني للبحث العلمي في مرصد “باريس بي.أس.أل” سوزانا فيرغاني.

وأوضحت عالمة الفيزياء الفلكية التي شاركت في الأبحاث أن هذا التلسكوب المعروف بـ”ويكي ترانسيت فاسيليتي”، “يرصد كل ليلة عشرات من التدفقات المضيئة في السماء ويستطيع اختيار أكثرها وأبرزها”.

ابتكار وسائل رصد جديدة تتيح "إجراء مسح للسماء"
ابتكار وسائل رصد جديدة تتيح "إجراء مسح للسماء"

وبالفعل، بدا أحد هذه التدفقات خارجاً عن المألوف، إذ لم يكن من نوع المستعرّ الأعظم أو “سوبرنوفا” (وهو انفجار نجم في نهاية حياته ينتج لمعاناً غير عادي)، ولا كان من نوع انفجار أشعة غاما (أقوى مصدر ضوء في الكون).

وسعياً لتوفير رؤية أكثر وضوحاً، نسّق عدد من علماء الفلك متعددي الجنسيات في ما بينهم لتجييش أدوات من كل أنحاء العالم لمراقبة الظاهرة على مجموعة متنوعة من الأطوال الموجية، من الأشعة السينية إلى موجات الراديو.

ومن هذه الأدوات التلسكوب الراديوي “نويما” الموجود في جبال الألب الفرنسية، وجهاز الطيف في التلسكوب الكبير التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي في تشيلي.

وتوصّل العلماء إلى أن الدفق الضوئي نشأ على بعد ما يقدر بنحو 8.5 مليار سنة ضوئية من الأرض حول ثقب أسود يحتمل أن يكون كامناً في مركز المجرّة المضيفة.

وهذا الدفق “هو بقوة تفوق بمليار مرة لمعان الأشعة السينية لشمسنا”، على ما أوضحت فيرغاني. أما مدته فقصيرة جدا وهي 30 يوما. وأضافت الباحثة أن “الدفق عابر، على عكس التدفقات المتأتية من نوى المجرات النشطة، والتي تمتد على مقاييس أكبر بكثير”. ويبدو أن هذا الدفق نتج عن تمزيق الثقب الأسود للنجم.

20