بابا عاشور فلكلور شعبي مغربي

الرباط - احتفل المغاربة ببابا عاشور (عاشوراء) في اليوم العاشر من شهر محرم من السنة الهجرية، وهو الاحتفال الذي يحظى باهتمام كبير في الأوساط الاجتماعية المغربية، خصوصا منها الشعبية بما تخلله من طقوس وعادات، منها ما هو ديني كالصوم والذكر والصلاة ومنها ما هو احتجاجي بجلد النفس وإغراق الجسد في الدماء ومنها ما هو دون ذلك، يعتمد على الطوطمية والتعابير الخرافية وأبعادها السحرية.
ورغم محاولات بعض المثقفين، الدارسين لعلوم النفس والاجتماع تحويل الاحتفال بـ”عاشوراء” مما هو خارج عن المنظومة الفكرية الجمالية للاحتفالية في بعدها السلمي الراقي، إلا أن عاملي الجهل والأمية لا يزالان يسيران باحتفالية “عاشوراء” نحو الخرافة منها إضرام النار وتخطيها قفزا، أو ما يعرف في المغرب بـ”شعالة”، ظنا من مضرمي تلك النار، وأغلبهم من النساء، أن “شعالة” ستبعد نحس العنوسة.
وتؤكد الدكتورة نجيمة طاي طاي الباحثة المتخصصة في السيميائيات (علم العلامات)، التي تشتغل على التراث الثقافي اللامادي، أنها حاولت ومازالت تحاول، إخراج “عاشوراء” من دائرة الوهم والخرافة عند بعض الناس إلى دائرة العلم والمعرفة ولذلك أسست جمعية “لقاءات للتربية والثقافة”، التي ترأسها لإدماج احتفالية “عاشوراء”، وتحويلها إلى “بابا عاشور”، كما هو الحال عند الأوروبيين بـ”بابا نويل”، وأن تجعل منها احتفالا سنويا في المغرب تقوم خلاله جمعيتها، وغيرها من الجمعيات المهتمة، بالعمل الخيري التضامني وتوزيع الهدايا على الأطفال اليتامى والمحرومين.
وتصرح طاطاي لـ”العرب” “إننا في جمعية لقاءات للتربية والثقافة نحاول توعية الناس بما هو واقعي وبعيد عن الوهم”، معلقة أنها، ومنذ كانت كاتبة للدولة (وزيرة)، مكلفة بملف مكافحة الأمية، كانت دائما تشرح للناس في جل لقاءاتها العملية بالأقاليم المغربية، خصوصا في تلك اللقاءات التي تحضرها المرأة بكثافة، أن عاشوراء ليست ‘شعالة’؛ يتم تخطيها بالوهم، بل بالإمكان تحويلها إلى بعد احتفالي شعبي بأبعاد ثقافية وتراثية.
ويذكر أن سوق الفواكه الجافة ولعب الأطفال تنشط بمناسبة احتفالات عاشوراء.
وفي ليلة الحادي عشر من محرم يطهى طعام الكسكس المغربي بذيل خروف العيد، الذي يكون عبارة عن قديد مملح احتفظ به لمناسبة الاحتفال بعاشوراء، في حين يقوم الآباء بشراء الهدايا لأطفالهم، والتي غالبا ما تكون عبارة عن طبول و”طعاريج”، وهي آلات إيقاع موسيقي تعزف بالنقر عليها بالأصابع، خاصة من طرف البنات.
وتعتبر فرجة “الزمزمية”، التي يغترف خلالها الأطفال الماء ويركضون به خلف بعضهم البعض لسكبه عليهم، أهم ما يميز الاحتفالات.
وفي المساء تتحلق البنات أمام بيوتهن يرقصن ويغنين أغنية عاشور التراثية “عاشوري عاشوري / عليك دليت شعوري. عاشور يا بومديجة / مات وخلا خديجة“ ومعناها (عاشوري عاشوري / لأجلك أسدلت شَعْري. عاشور يا صاحب القلادة / توفيتَ وتركت خديجة).