انهيار الليرة يفاقم أزمة الوقود في سوريا

الحكومة السورية تعتزم استيراد المزيد من الوقود لتغطية النقص الناجم عن العقوبات.
الاثنين 2021/01/18
سيارات تنتظر جرعة بنزين

دمشق - تعتزم سوريا استيراد المزيد من النفط الخام لتغطية نقص الوقود الذي تلقي باللائمة فيه على العقوبات الغربية التي عطلت شحنات النفط الإيراني.

وخلال الصراع المستمر منذ ما يقرب العشر سنوات اعتمدت سوريا على حليفتها إيران للحصول على 70 ألف برميل يوميا في المتوسط، نحو نصف احتياجاتها، لكن الإمدادات انخفضت في العامين الماضيين مع تشديد العقوبات وسعي إيران إلى الصادرات النقدية بحسب خبراء في القطاع.

وواجه البلد الخاضع لعقوبات نقصا في الوقود لعدة أشهر العام الماضي مما دفعه إلى توزيعه بنظام الحصص في المناطق الخاضعة للحكومة وإلى رفع الأسعار عدة مرات.

ولم يوضح رئيس الوزراء حسين عرنوس كيف ستوفر بلاده الإمدادات الإضافية، لكنه قال إنها استوردت بالفعل 1.2 مليون طن من النفط الخام الإيراني وإن الشحنات كلفتها، بجانب منتجات بترولية أخرى، نحو 820 مليون دولار في الأشهر الستة الأخيرة.

ونقلت وسائل إعلام رسمية عن رئيس الوزراء قوله إن الوضع زاد سوءا بعد اعتراض سبع ناقلات نفط بـ"هجمات إرهابية" في عرض البحر وهي في طريقها إلى سوريا، وتأخير اثنتين منها أكثر من شهر في البحر الأحمر.

ويأتي نقص الوقود في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية وسط انهيار العملة وتضخم هائل ومصاعب متفاقمة على السوريين المتضررين من سنوات الحرب.

وقال عرنوس إن بلاده تنتج الآن 20 ألف برميل يوميا فقط مع خسارة نحو 400 ألف برميل يوميا من حقول النفط في شمال شرق سوريا الخاضع حاليا لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية السورية.

وأكد رئيس الوزراء لنواب البرلمان أن سوريا أصبحت تعتمد على واردات النفط، وأنها استخدمت قدرا كبيرا من العملة الصعبة لشراء المنتجات البترولية.

وزاد سعر الدولار في سوريا السبت بالسوق السوداء إلى 2870 ليرة للشراء و2895 ليرة للبيع، مقابل 2865 ليرة للشراء، و2890 ليرة للبيع، فيما استقر سعر الدولار في تعاملات البنوك الرسمية عند 1250 ليرة للشراء و1262 ليرة للبيع.

صورة

ويمر الاقتصاد السوري بأزمة مالية طاحنة وسط قرارات حكومية بزيادة في أسعار المحروقات، ترافقه ضغوط على قطاع الصادرات للخارج، وهبوط مداخيل البلاد من النقد الأجنبي.

وكانت وزارة النفط السورية قد خفضت في 10 يناير الحالي كميات البنزين الموزعة على المحافظات بنسبة 17 في المئة، وكميات المازوت بنسبة 24 في المئة نتيجة تأخر وصول توريدات المشتقات النفطية المتعاقد عليها.

ويذكر أن سوريا شهدت أزمة خانقة في تأمين المشتقات النفطية منذ أشهر، وعادت إلى الظهور منذ نحو شهر، إذ أن عددا كبيرا من الأسر لم تحصل على كميات المازوت المقررة، والمحددة بـ200 لتر على دفعتين، كما أن محطات الوقود عادت لتشهد ازدحاما، وسط عمليات متاجرة بتلك المواد وبأسعار تفوق ضعف السعر الرسمي المحدد.

ورفعت الحكومة السورية منذ أكتوبر الماضي أسعار البنزين المدعوم والمازوت المشغلّ للمصانع والمعامل، حيث ارتفع سعر لتر البنزين المدعوم من 250 إلى 450 ليرة، والمازوت الصناعي من 296 إلى 650 ليرة.

وبررت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك القرار بأنه يأتي "بسبب التكاليف الكبيرة التي تتحملها الحكومة لتأمين المشتقات النفطية وارتفاع تكاليف الشحن والنقل في ظل الحصار الجائر الذي تفرضه الإدارة الأميركية على سوريا وشعبها".

ويقول رجال أعمال ومصرفيون إن قدرة سوريا على تمويل الواردات تضررت أيضا من الأزمة المالية في لبنان المجاور، حيث جمدت البنوك اللبنانية المتضررة المليارات من الدولارات المملوكة لرجال أعمال سوريين.

وتشهد مناطق سيطرة الحكومة منذ سنوات أزمة محروقات حادة وساعات تقنين طويلة، بسبب عدم توفر الفيول والغاز اللازمين لتشغيل محطات التوليد، ما دفعها إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات التقشفية.

ويعاني السوريون من ارتفاع حاد في الأسعار في الأشهر الأخيرة نتيجة انهيار العملة، مما أدى إلى صعود معدل التضخم وتفاقم المعاناة.

وفاقمت العقوبات الأميركية على طهران أبرز داعمي دمشق، أزمة المحروقات في سوريا التي تعتمد على خط ائتماني يربطها بإيران لتأمينها. ويتوقع محللون اقتصاديون "زيادة حتمية" في الأسعار والمواد الأولية المرتبطة بالمشتقات النفطية.