انعدام التواصل مع الآخرين يسبب أمراض القلب والأوعية الدموية

كبار السن الأصحاء الذين يعانون من العزلة الاجتماعية أكثر عرضة للإصابة بنسبة 68 في المئة.
الجمعة 2021/12/17
الدعم الاجتماعي يعزز صحة القلب لدى كبار السن

يربط الأطباء بين قلة التواصل الاجتماعي والإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية خاصة لدى كبار السن باعتبار أن القلب يزداد تضخم خلاياه مع تقدم الشخص في العمر. ويرى الخبراء أن وجود أربعة أو أكثر من الأقارب و الأصدقاء يمكن للشخص المسن التواصل معهم أو طلب مساعدتهم أمر مفيد لصحته العامة.

كانبرا- أعلن علماء أستراليون أن قلة أو انعدام التواصل اجتماعيا قد يكون سببا في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

ووفقا لنتائج دراسة علمية أجراها باحثون من جامعة موناش الأسترالية يزداد في سن الشيخوخة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ليس بسبب التقدم في العمر فقط، بل بسبب قلة التواصل مع الآخرين أيضا.

وتوصل الباحثون إلى هذا الاستنتاج بعد دراستهم لبيانات 11 ألف رجل وامرأة أعمارهم فوق 70عاما، جمعت خلال أربعة أعوام ونصف العام. واتضح للباحثين أنّ كبار السن الأصحاء الذين يعانون من العزلة الاجتماعية هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 68 بالمئة، وأن هذا الخطر يتضاعف لدى الذين لديهم “دعم اجتماعي” محدود من جانب المحيطين بهم، مقارنة بالذين كانوا نشيطين اجتماعيًا.

ويشير الباحثون إلى أنه إذا كان مستوى التواصل الاجتماعي للشخص المسن مرة واحدة أو أقل في الشهر مع أربعة أقارب فقط، فإنه يعاني من نقص في العلاقات الاجتماعية.

والمقصود بالدعم الاجتماعي، هو وجود أربعة أقارب أو أصدقاء وأكثر يمكن للشخص المسن التواصل معهم ومناقشة مختلف الأمور أو طلب مساعدتهم. ويعتبر الشخص وحيدا إذا عانى من هذا الشعور ثلاثة أيام أو أكثر في الأسبوع.

كبار السن الأصحاء الذين يعانون من العزلة الاجتماعية هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 68 بالمئة
لمساعدة كبار السن من الآباء والأمهات والأجداد لا بد من العمل على وجود حالة مستمرة من التواصل والدعم الاجتماعي

ويقول البروفيسور هاري جينينغز في تعليقه على نتائج الدراسة إن الأسرة والدعم الاجتماعي أو العلاقة مع المجتمع ليست دائمة في حياة الناس “لأنه مع تطور فهمنا للدور الذي تلعبه هذه العوامل في صحة القلب والأوعية الدموية، يجب بذل الجهود اللازمة لمعالجتها، من أجل مساعدة كبار السن على البقاء من خلال تواصل دائم ودعم جيد”.

وأكدت الدراسة أنَّ العزلة لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع سبب كافٍ لشعور الإنسان بالوحدة، وأنه لمساعدة كبار السن من الآباء والأمهات والأجداد، وتجنب تدهور الأوعية الدموية والإصابة بأمراض القلب، لا بد من العمل على وجود حالة مستمرة من التواصل والدعم الاجتماعي.

ومع تقدُّم الأشخاص في السنّ يميلُ القلب إلى التضخُّم بعض الشيء، وتُصبِح جدرانه أكثر ثخانةً وحُجيراتِه أكبرَ بعض الشيء. وتعُود هذه الزيادة في الحجم بشكلٍ رئيسيّ إلى زيادةٍ في حجم خلايا عضلة القلب.

وفي أثناء الراحة، يعمل القلبُ عند كبار السنّ بنفس الطريقة تقريبًا التي يعمل فيها القلب عند الأشخاص الأصغر سنًا، باستثناء أنَّ معدل ضربات القلب (عدد المرَّات التي ينبض القلب فيها خلال دقيقة واحدة) يكون أقل بعض الشيء. كما أنَّه في أثناء مُمارسة التمارين لا يزداد مُعدَّل ضربات القلب عند كبار السنّ إلى درجةٍ كبيرةٍ مثلما يحدُث عندَ الأشخاص الأصغر سنًا.

وتُصبِحُ جدران الشرايين والشُّرَينات أكثر ثخانةً، ويتوسَّع الحيِّزُ ضمن الشرايين بعض الشيء، ويحدُث فقدان للنسيج المرن في داخل جدران الشرايين والشُّرَينات. وتُؤدِّي هذه التغيُّرات مُجتمِعةً إلى أن تُصبِح الأوعية الدموية أكثر صلابةً وأقلّ مُرونةً.

ونظرًا إلى أنَّ الشرايين والشُّرَينات تُصبِحُ أقلّ مرونةً مع تقدُّم الأشخاص في السنّ، لا تستطيع الارتخاء بسرعة في أثناء الضخّ النَّظميّ للقلب؛ ونتيجةً لذلك يزداد ضغط الدَّم أكثر عندما تتقلَّص عضلة القلب (في أثناء الانقباض)، ويتجاوز الضغط الطبيعي في بعض الأحيان، وذلك بالمُقارنة مع ضغط الدم عند الأشخاص الأصغر سنًا.

ويُعدُّ الارتفاع الكبير في ضغط الدَّم في أثناء الانقباض، مع ضغط الدم الطبيعيّ أثناء الانبساط شائعًا جدًا عندَ كبار السنّ ويسمَّى هذا الاضطراب فرط ضغط الدم الانقباضي المعزول.

وتأتي الأمراض القلبية الوعائية في صدارة أسباب الوفيات في جميع أنحاء العالم، ذلك أنّ عدد الوفيات الناجمة عن هذه الأمراض يفوق عدد الوفيات الناجمة عن أيّ من أسباب الوفيات الأخرى.

وفي العام 2015 قضى نحو 17.7 مليون نسمة جرّاء الأمراض القلبية الوعائية ، ممّا يمثّل 31 في المئة من مجموع الوفيات التي وقعت في العالم في العام نفسه. ومن أصل مجموع تلك الوفيات حدثت 7.4 مليون حالة وفاة بسبب الأمراض القلبية التاجية وحدثت 6.7 مليون حالة وفاة جرّاء السكتات الدماغية.

ويحدث أكثر من ثلاثة أرباع الوفيات الناجمة عن الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في البلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل.

إذا كان مستوى التواصل الاجتماعي للشخص المسن مرة واحدة أو أقل في الشهر مع أربعة أقارب فقط، فإنه يعاني من نقص في العلاقات الاجتماعية

وتحدث 82 في المئة من الـ17 مليون حالة وفاة الناجمة عن الإصابة بالأمراض غير السارية التي تحدث قبل سن 70 سنة في البلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل، وتتسبب أمراض القلب والأوعية الدموية في 37 في المئة منها.وتمكن الوقاية من أغلبية أمراض القلب والأوعية الدموية من خلال التصدي لعوامل الخطر مثل تعاطي التبغ والنظام الغذائي غير الصحي والسمنة والخمول البدني وتعاطي الكحول على نحو ضار باستخدام استراتيجيات على النطاق السكاني.

ويحتاج المصابون بأمراض القلب والأوعية الدموية أو الأشخاص المعرضون لمخاطر عالية فيما يتعلق بأمراض القلب والأوعية الدموية (بسبب وجود عامل خطر أو أكثر مثل الارتفاع المفرط في ضغط الدم أو داء السكري أو ارتفاع نسبة الشحوم في الدم أو الإصابة بمرض آخر) إلى الكشف المبكر والتدبير العلاجي باستخدام المشورة الطبية والأدوية، حسب الاقتضاء.

ويمكن التقليلُ من العديد من تأثيرات الشيخُوخة في القلب وأوعية الدَّم عن طريق مُمارسة التمارين الرياضية بشكلٍ مُنتظمٍ، حيث تُساعِدُ التمارين الأشخاصَ على الحفاظ على لياقة القلب والأوعية، بالإضافة إلى لياقة العضلات عندَ التقدُّم في السنّ، وتُعدُّ التمارينُ مُفيدة بغض النظر عن العُمر الذي يبدأ فيه الشخص بمُمارستها.

وتعد الأمراض القلبية الوعائية مجموعة من الاضطرابات التي تصيب القلب والأوعية الدموية، وتشمل أمراض القلب التاجية والأمراض الدماغية الوعائية والأمراض الشريانية المحيطية وأمراض تصيب الأوعية الدموية التي تغذي الذراعين والساقين وأمراض القلب الروماتزمية وأمراض القلب الخلقية والخثار الوريدي العميق أو الانصمام الرئوي وهي الجلطات الدموية التي تظهر في أوردة الساقين والتي يمكنها الانتقال إلى القلب والرئتين.

في سن الشيخوخة يزداد خطر الإصابة بأمراض القلب ليس بسبب التقدم في العمر فقط، بل بسبب قلة التواصل مع الآخرين

وتُعد النوبات القلبية والسكتات الدماغية، عادة، أحداثاً وخيمة وهي تنجم، أساساً، عن انسداد يحول دون تدفق الدم وبلوغه القلب أو الدماغ. وأكثر أسباب ذلك الانسداد شيوعاً تشكّل رواسب دهنية في الجدران الداخلية للأوعية التي تغذي القلب أو الدماغ.

ويمكن أن تحدث السكتات الدماغية أيضاً جرّاء نزف من أحد أوعية الدماغ الدموية أو من الجلطات الدموية.

ويتمثل عادة سبب النوبات القلبية والسكتات الدماغية في وجود توليفة من عوامل الخطر، مثل تعاطي التبغ والنظام الغذائي غير الصحي والسمنة والخمول البدني وتعاطي الكحول على نحو ضار والارتفاع المفرط في ضغط الدم وداء السكري وارتفاع نسبة الشحوم في الدم.

17