انطلاق المرحلة النهائية لاتفاق نقل السلطة إلى المدنيين في السودان

الخرطوم - تنطلق الأحد المرحلة النهائية من العملية السياسية في السودان، والتي تهدف إلى الوصول إلى اتفاق نهائي على نقل السلطة إلى المدنيين وحل الأزمة التي تعيشها البلاد لأكثر من عام، فيما أعلنت قوى الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم السابق) رفضها المقترح المصري لعقد اجتماع في القاهرة مع مجموعات سياسية لتقريب وجهات النظر.
وقالت "الآلية الثلاثية" للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية "إيغاد" في بيان "الموقعون على الاتفاق الإطاري سيطلقون بتيسير من الآلية الثلاثية الأحد المرحلة النهائية للعملية السياسية، التي تهدف إلى الوصول إلى اتفاق سياسي نهائي وعادل".
وفي الخامس من ديسمبر الماضي، وقّع المكوّن العسكري "اتفاقا إطاريا" مع المدنيين بقيادة قوى إعلان الحرية والتغيير، وقوى سياسية أخرى (الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، والمؤتمر الشعبي) ومنظمات مجتمع مدني، وحركات مسلحة تنضوي تحت لواء الجبهة الثورية، لبدء مرحلة انتقالية تستمر عامين.
وذكرت الآلية في بيانها "تقام فعالية الافتتاح (المرحلة النهائية من العملية السياسية) الأحد بالخرطوم، وبحضور المدنيين والعسكريين الموقّعين على الاتفاق السياسي الإطاري، وممثلين عن المجتمع المدني والأكاديميين والقطاع الخاص والزعماء التقليديين والدينيين وصنّاع الرأي العام ومجموعات حقوق الشباب والمرأة".
وأشارت إلى أن "ستلي ذلك مشاورات واسعة حول خمس قضايا محددة في الاتفاق السياسي الإطاري ابتداء من يوم الاثنين التاسع من يناير الجاري في مؤتمر مدّته 4 أيام، حول خارطة طريق لتجديد عملية تفكيك نظام الثلاثين من يونيو".
وبحسب البيان، من "المتوقع أن تنتج عن مجموعات العمل والمؤتمرات القادمة خرائط طريق حول كلّ من القضايا التي سيتم النظر فيها في الاتفاق السياسي النهائي".
والخميس، أعلنت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري، انطلاق المرحلة النهائية للعملية السياسية بالبلاد في التاسع من يناير الجاري بمؤتمر تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 (نظام الرئيس المعزول عمر البشير).
والاتفاق الإطاري شاركت في مشاوراته الآلية الثلاثية، والرباعية المكوّنة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات.
ويشمل الاتفاق النهائي خمس قضايا وهي: العدالة والعدالة الانتقالية، والإصلاح الأمني والعسكري، ومراجعة وتقييم اتفاق السلام، وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989، وقضية شرقي السودان.
ويهدف الاتفاق بين الفرقاء السودانيين إلى حل أزمة ممتدة منذ الخامس والعشرين من أكتوبر 2021، حين فرض رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان إجراءات استثنائية، منها حلّ مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين واعتقال وزراء وسياسيين وإعلان حالة الطوارئ وإقالة الولاة (المحافظين).
وفي وقت سابق السبت، كشفت قوى إعلان الحرية والتغيير (المجلس المركزي) عن مقترح مصري لحوار سوداني - سوداني في القاهرة، قدمه مدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل خلال زيارته إلى البلاد في الأيام الماضية.
وقال عضو المكتب التنفيذي لتحالف الحرية والتغيير بابكر فيصل، في مؤتمر صحافي السبت، إن الوفد المصري أكد دعمه للاتفاق الإطاري الموقع في الخامس من ديسمبر الماضي، ولم يطرح مبادرة سياسية إنما اقترح الاجتماع مع مجموعات سياسية أخرى لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية، لكنهم اعترضوا على الخطوة.
وأجرى رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل الاثنين الماضي مشاورات مكثفة في الخرطوم شملت أطراف الأزمة السياسية من المدنيين والعسكريين، مقترحا استضافة اجتماع بين أطراف الحرية والتغيير (المجلس المركزي، والكتلة الديمقراطية) لردم هوة الخلافات المتسعة بين الطرفين.
وقال عضو المكتب التنفيذي للحرية والتغيير بابكر فيصل في مؤتمر صحافي إن "الائتلاف أكد للوفد المصري الذي قدم مقترحا لاجتماعات بين الكتل المختلفة بأنهم لا يعترفون بأي كتلة سياسية مصنوعة ومزورة باسم الحرية والتغيير، ولن نجلس معهم ولن نقبل أي إغراق للاتفاق الإطاري، ونرحب بأي جهة داعمة"، في إشارة على ما يبدو إلى الكتلة الديمقراطية التي انشقت عن الائتلاف عقب الإجراءات التي اتخذها البرهان، والتي أنهت الشراكة التي كانت قائمة بين المدنيين والعسكريين.
وأشار إلى أن أطراف العملية السياسية وموضوعاتها تم تحديدها في وقت سابق، مجددا التأكيد أن الحديث حول مبادرات ولقاءات مع كتل غير معترف بها أمر غير وارد.
وشدد فيصل على أن التحالف قرر المضي في طريق الاتفاق النهائي وشرح رؤيته للشارع ولجان المقاومة دون التأثير على مواقفها أو إجبارها على اتخاذ موقف معين.
وأفاد بأن قوى الثورة التي كانت جزءا من الحرية والتغيير حتى سقوط نظام المؤتمر الوطني في 2019، يحق لها المشاركة في الاتفاق الإطاري والنهائي.
وأبدى تطلعهم إلى إنهاء العملية السياسية مطلع فبراير المقبل والشروع في تشكيل مؤسسات الحكم الانتقالي المدنية.
وأوضح أن الملمح الرئيس في الاتفاق الإطاري هو خروج الجيش من العملية السياسية وتأسيس حكم مدني كامل، مشيرا إلى أنه حقق مكاسب كبيرة ومنح صلاحيات واسعة لرئيس الوزراء المقبل، بما في ذلك الإشراف على جهازي الشرطة والمخابرات.
ونوه بأن قضية الإصلاح الأمني والعسكري من القضايا الأساسية التي من دونها لن يكون هناك استقرار وديمقراطية، وشدد على ضرورة توحيد كافة الجيوش بما في ذلك قوات الدعم السريع تحت إمرة جيش واحد مهني.
واتهم فيصل منسوبي نظام الرئيس المعزول عمر البشير بالسعي للوقيعة بين الجيش والدعم السريع، وأكد أن الحرية والتغيير ليس من أهدافها تفكيك المنظومة العسكرية، نافيا دعمها لطرف ضد آخر لإدراكها مدى خطورة الأوضاع في السودان.
وتابع "الاتفاق الإطاري نص بوضوح على أن قوات الدعم السريع جزء من القوات المسلحة ويتم دمجها في الجيش ضمن عملية الإصلاح الأمني والعسكري، وسيكون هذا الأمر وفق جداول زمنية محددة، نحن ضد أي اتجاه لتحريض طرف على آخر، نحن مع استخدام الحكمة والرؤية الوطنية الثاقبة للوصول إلى جيش واحد قوامه القوات السودانية تحمي الدستور".
ورفض دمغ الاتفاق الإطاري بـ"الأجنبي"، مشيرا إلى أن إعلان دول إيقافها المساعدات التي كانت تقدمها للحكومة التي انقلب عليها الجيش، ودعمها للإطاري، لا يعني ذلك تدخلها في الشأن السوداني.
وترفض تيارات إسلامية والحرية والتغيير - الكتلة الديمقراطية - الاتفاق الذي أبرمه الجيش في الخامس من ديسمبر المنقضي مع قوى مدنية مؤيدة للديمقراطية، بزعم اختزاله بين الجيش والائتلاف الحاكم السابق ووقوف أطراف دولية وراء صناعته.
وأكد فيصل أن الائتلاف برغم الاستهداف الداخلي والخارجي قاوم محاولات تقسيمه وأجهض ما أسماه بـ"الدعاية المضللة" باتهامه باختطاف الثورة، ووصف الورشة التي تم عقدها لتقييم تجربة الحكم السابقة بغير المسبوقة.
وأضاف "فلول النظام السابق يسعون للعودة، حكموا 30 عاما ولم ينظموا يوما لتقييم تجربتهم في الحكم".