انطلاق الجولة الثانية للانتخابات التشريعية بتونس وسط آمال بإقبال كبير

رئيس الهيئة العليا للانتخابات يؤكد أن جميع مراكز الاقتراع فتحت أبوابها أمام الناخبين دون تسجيل أي تأخير ودون اعتماد توقيت استثنائي.
الأحد 2023/01/29
الإقبال الكثيف أفضل رد على مزايدات المعارضة

تونس - انطلق في تونس الأحد الاقتراع في الدور الثاني للانتخابات التشريعية المبكرة لانتخاب أعضاء البرلمان الجديد، فيما تتجه الأنظار إلى نسبة الإقبال ما إذا كانت ستتجاوز نسبة الجولة الأولى التي شهدت عزوفا غير مسبوق.

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها منذ الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي (07.00 ت.غ) ليستمر التصويت حتى السادسة مساء (17.00 ت.غ).

وسيتنافس 228 مرشحا و34 مشرحة على 131 دائرة انتخابية في الجولة الثانية من إجمالي 161 مقعدا بمجلس نواب الشعب.

ودعا رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر، خلال مؤتمر صحافي الأحد، الناخبين للتوجه إلى مراكز الاقتراع.

وعن سير العملية الانتخابية، أضاف أن "جميع مراكز الاقتراع فتحت أبوابها أمام الناخبين منذ الثامنة صباحا دون تسجيل أي تأخير ودون اعتماد توقيت استثنائي كما جرت العادة سابقا".

وكانت أعداد من مراكز الاقتراع في ولايات حدودية تفتح وتغلق أبوابها بتوقيت استثنائي لـ"دواع أمنية".

وأفاد بوعسكر بأن مراكز الاقتراع تبلغ 4 آلاف و222 مركزا، تضم أكثر من 10 آلاف مكتب اقتراع.

وفي مؤتمر صحافي منتصف يناير الجاري، أفاد بوعسكر بأن الإعلان عن النتائج الأولية للدور الثاني سيكون في أجل أقصاه الأول من فبراير المقبل، على أن يتم إعلان النتائج النهائية عقب غلق ملفات الطعون بما لا يتجاوز الرابع من مارس القادم.

وغيرت الهيئة المستقلة للانتخابات في الدور الثاني خطتها لجعل الحملات الانتخابية أقرب إلى المواطنين من خلال برامج حوارية عرضها التلفزيون الحكومي، خلال ساعات ارتفاع نسب المشاهدة ليلا، في شكل مناظرات بين المرشحين عن نفس المنطقة.

ومن المنتظر أن يشارك نحو سبعة ملايين و853 ألفا و447 ناخبا في الجولة الثانية من انتخابات أول مجلس نواب للشعب بعد التغييرات السياسية التي أجراها الرئيس قيس سعيّد.

وأفرز الدور الأول في السابع عشر من ديسمبر الماضي حسم 23 مقعدا بالبرلمان (20 رجلا و3 نساء) من 154 مقعدا، في ظل غياب مرشحين في 7 دوائر انتخابية بالخارج يُتوقّع إجراء انتخابات جزئية فيها لاحقا لاستكمالها بعد تشكيل البرلمان.

والمشاركة في ذلك الدور سجلت نسبة ضعيفة بلغت 11.22 في المئة من الناخبين، وهو ما دفع المعارضة إلى استثمارها للإيحاء بأن شعبية الرئيس قيس سعيّد قد تراجعت.

بينما قال سعيّد إن هذه النسبة من الناخبين أفضل من النسب الكبيرة التي كان يُعلن عن مشاركتها في انتخابات وصفها بـ"المزورة".

ويعتقد أن أهم ما تتطلع إليه السلطة السياسية هو أن ترتفع نسبة المشاركة بشكل ملحوظ عن النسبة التي تم إعلانها في الدور الأول، حتى تكون أكبر رد على مزاعم المعارضة، وإكساب البرلمان الجديد شرعية لدى الشارع التونسي ليصبح معبّرا عن مطالب التونسيين.

وبانتخاب المؤسسة التشريعية تبدأ تونس مرحلة جديدة من أجل المصادقة على مشاريع القوانين الحكومية التي تستجيب لانتظارات المواطنين، خاصة في الملفات الاقتصادية والاجتماعية.

ويرى الباحث في "مركز كولومبيا" يوسف الشريف أن "بالنظر إلى عدم الاهتمام التام للتونسيين" بالحياة السياسة، فإن "هذا البرلمان لن يتمتع بشرعية كبيرة. وبفضل دستور 2022 سيتمكن الرئيس القوي من الهيمنة عليه كما يشاء".

أمّا المعارضة فلا تزال منقسمة بدورها إلى ثلاث كتل مختلفة التوجّهات، هي "جبهة الخلاص الوطني" التي تتزعّمها حركة النهضة الإسلامية، والحزب الدستوري الحرّ بقيادة عبير موسي التي تدافع عن خيارات نظام بن علي، والأحزاب اليساريّة المنقسمة على ذاتها.

ودأبت أحزاب المعارضة على تنظيم تظاهرات للتنديد بقرارات سعيّد منذ أن أقرّها، ويلاحق القضاء العديد من نشطائها.

ويترافق الغليان السياسي في تونس مع مأزق اقتصادي فاقمه تعثّر المفاوضات الحاسمة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بنحو ملياري دولار.

ويبدو أن هناك عوامل عدة تؤدي إلى إبطاء الحصول على هذا القرض، أهمها وفق الشريف "دور الولايات المتحدة"، الفاعل الأبرز في صندوق النقد الدولي، وخشيتها من انجراف تونس نحو الاستبداد.

وأعلنت وكالة التصنيف الائتماني الأميركية موديز السبت خفض تقييم ديون تونس طويلة الأجل درجة إضافية إلى "سي.إي.إي 2" مع نظرة مستقبلية "سلبية"، مشيرة إلى وجود "مخاطر أكبر" في ما يتعلق بقدرتها على سداد مستحقاتها.

ويرسم الخبير السياسي حمادي الرديسي في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية صورة قاتمة عن حال تونس، قائلا إنّ "الوضع الاقتصادي مأسوي والبلاد على وشك الانهيار".

من مظاهر الأزمة الاقتصادية تباطؤ النمو إلى أقل من 3 في المئة، وارتفاع البطالة إلى أكثر من 15 في المئة، فيما تزداد مستويات الفقر الذي دفع 32 ألف تونسي إلى الهجرة بحرا نحو إيطاليا بشكل غير قانوني عام 2022.