انسحاب قوات التحالف بين ترقب العراقيين وتلويح الميليشيات بالتصعيد

الحكومة العراقية تواجه ضغوطا كبيرة تمارسها قوى سياسية وفصائل شيعية متنفذة لإخراج القوات الأميركية من البلاد.
الأربعاء 2021/12/22
ينتهي الوجود ولا تنتهي المهام الاستشارية

بغداد - تتباين مواقف الأوساط العراقية من إعلان التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية مغادرة البلاد كليا بحلول نهاية العام الجاري الذي شارف على الانقضاء؛ حيث يرى بعضها أن الانسحاب سيكون فعليا في حين يرجح بعضها الآخر أن يكون القرار مجرد إعلان صوري الهدف منه تخفيف الضغط عن حكومة بغداد.

وتواجه الحكومة العراقية ضغوطا كبيرة تمارسها قوى سياسية وفصائل شيعية متنفذة لإخراج القوات الأميركية من البلاد، خاصة عقب ضربة جوية أميركية مطلع العام الماضي أفضت إلى مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس.

وفي أعقاب الهجوم صوت البرلمان العراقي على إخراج كافة القوات الأجنبية من البلاد.

وفي السادس والعشرين من يوليو الماضي اتفقت بغداد وواشنطن على انسحاب جميع القوات القتالية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بحلول نهاية العام الجاري. واستبق العراق والتحالف حلول الموعد المقرر، وأعلنا في التاسع من ديسمبر الجاري إنهاء المهام القتالية للتحالف الدولي بشكل رسمي.

ومن المقرر أن تنسحب تلك القوات مع معداتها تدريجيا ولا يبقى لها أي وجود على الأراضي العراقية بحلول نهاية العام.

وقال متحدث جهاز مكافحة الإرهاب العراقي صباح النعمان إن “انسحاب القوات الأميركية والأجنبية عموما من البلاد يسير وفق الخطط المتفق عليها بين بغداد وواشنطن”.

صباح النعمان: هناك تنسيق بين الطرفين لرسم خارطة طريق خروج القوات الأجنبية

وأضاف النعمان أن “هناك تفاهمات عالية المستوى بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية بشأن عمليات الانسحاب”.

وأشار إلى أن “القيادات الأمنية العراقية تواصل عقد الاجتماعات مع التحالف الدولي من أجل رسم خارطة طريق خطوات الخروج”.

وفي عام 2008 أبرمت الولايات المتحدة والعراق اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي مهدت لخروج القوات الأميركية بشكل كامل أواخر 2011، بعد ثماني سنوات من الغزو الأميركي للعراق والإطاحة بنظام  الرئيس الراحل صدام حسين عام 2003.

وتنظم الاتفاقية العلاقات بين البلدين على مختلف الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية وغيرها.

وعادت القوات الأميركية إلى العراق بطلب من بغداد لمساعدتها على هزْم تنظيم داعش الإرهابي عام 2014، إثر اجتياح التنظيم لثلث مساحة البلاد في الشمال والغرب بعد أن أوشك الجيش العراقي على الانهيار.

وقادت الولايات المتحدة تحالفا مكونا من نحو 60 دولة لمحاربة داعش، وقدمت دعماً مؤثراً إلى قوات حليفة في العراق وسوريا لإلحاق الهزيمة بالتنظيم. واستعاد العراق كامل أراضيه من داعش عام 2017 بعد ثلاث سنوات من الحرب.

ولا يزال التنظيم يحتفظ بخلايا موزعة في أرجاء العراق وخاصة في الشمال والغرب، وعاد إلى أسلوبه القديم في التواري عن الأنظار بين التضاريس الوعرة وشن هجمات عنيفة بين فترات متباينة على أهداف عسكرية ومدنية على طريقة حرب العصابات.

وسيقتصر الانسحاب، وفق الاتفاق الأخير، على القوات القتالية، ولا يشمل المئات من العسكريين الآخرين الذين يتولون أدوارا غير قتالية.

ووفق مسؤولي واشنطن ستحتفظ الولايات المتحدة بنحو 2500 جندي كي يقدموا إلى القوات العراقية مهام المشورة والتدريب والدعم الاستخباراتي لملاحقة فلول داعش.

ورأى المراقب السياسي العراقي سعد الزبيدي أن “انسحاب القوات الأميركية من العراق نهاية العام الجاري هو مجرد إعلان دعائي”.

وقال الزبيدي إن “الحرب ضد تنظيم داعش لا تزال مستمرة إلى غاية الآن، وبالتالي فإن الحديث عن الخروج مجرد إعلان دعائي”.

ونوه إلى أن جميع المعطيات تشير إلى بقاء القوات الأميركية القتالية في قاعدة عين الأسد (الأنبار، غربي العراق) وبعض القواعد الموجودة في شمال العراق.

سعد الزبيدي: الانسحاب إعلان دعائي في ظل استمرار الحرب على داعش

واعتبر المحلل السياسي أن القوات الأمنية العراقية غير جاهزة لاستلام مهام ملاحقة فلول تنظيم داعش الإرهابي وتأمين الحدود واستمرار العمليات العسكرية دون وجود دعم أميركي.

وتابع الزبيدي أن الطيران الحربي العراقي بحاجة إلى الدعم الأميركي، كون العراق لا يمتلك أي رواصد (أجهزة رادار) جوية وأسلحة دفاع جوي.

وتحول العراق خلال العقود الماضية إلى ساحة صراع رئيسية بين الولايات المتحدة وإيران، وخاصة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018.

وتتعرض القواعد العسكرية العراقية التي تستضيف القوات الأميركية إلى هجمات متكررة منذ ذلك الوقت عبر طائرات مسيرة محملة بمتفجرات وصواريخ، وتتهم واشنطن فصائل عراقية موالية لإيران بالوقوف وراءها.

وقال الزبيدي إن “هناك العديد من الأسباب التي تدفع الأميركيين إلى البقاء في العراق، أبرزها العداء لإيران وحماية مصالحها في الشرق الأوسط”.

وتوقع أن تعود الميليشيات الموالية لإيران إلى استهداف القواعد العسكرية والسفارة الأميركية بواسطة الطائرات المسيّرة وصواريخ الكاتيوشا في بغداد والمحافظات.

وتشكك الفصائل الشيعية المقربة من إيران في انسحاب القوات القتالية للتحالف الدولي -وخاصة منها الأميركية- من البلاد؛ ففي نوفمبر الماضي أعلن زعيم “كتائب سيد الشهداء” (أحد الفصائل المقربة من إيران) أبوآلاء الولائي فتح باب التطوع والانضمام إلى صفوف الكتائب، استعداداً لما سماه “المواجهة الحاسمة مع الاحتلال الأميركي” بعد نهاية العام الجاري.

وحذر المراقب السياسي المقرب من الفصائل الشيعية مؤيد العلي من أن وجود القوات الأجنبية في العراق له أثر سلبي على المستوى الأمني والاقتصادي وحتى السياسي بسبب تدخل السفارة الأميركية في الشؤون الداخلية، ملوحا بأن الفصائل تمتلك أسلحة وإمكانيات لم يتم الكشف عنها، وستفاجئ الأميركيين خلال الفترة المقبلة، وهي جاهزة لطرد القوات الأميركية من العراق في حال عدم الانسحاب نهاية الشهر الجاري.

7