انخفاض تكاليف الزواج يرفع معدلاته في غزة

غزة - سجل قطاع غزة خلال عام 2020 ارتفاعا ملموسا في معدلات الزواج مقارنة بالعام الذي سبقه في ظل انخفاض التكاليف المالية بفعل الإجراءات الاحترازية لمكافحة فايروس كورونا المستجد.
وأحجم الشاب حسين سعيد من مدينة غزة عن فكرة الزواج رغم تجاوزه 33 عاما، وهو عمر متقدم بالنظر إلى عادات المجتمع الفلسطيني المحافظ الذي يولي الزواج المبكر أهمية بالغة.
ويقول سعيد إنه استبعد فكرة الزواج منذ أكثر من 10 أعوام بسبب ارتفاع تكاليفه، إلا أنه عاد ليفكر مرة أخرى بعد أن تسببت أزمة كورونا بتقليص نفقات حفل الزفاف واختصار مراسم الاحتفال. ويشير إلى أن أزمة فايروس كورونا خفضت التكاليف وأدت إلى تجنب الكثير من الأمور الخاصة بالزواج ومنها قاعة العرس وقلصت أعداد المدعوين للحفل، وهو ما شجعه على الإقدام على اتخاذ الخطوة.
واحتفل سعيد منتصف ديسمبر الماضي بحفل زفافه في مراسم اقتصرت على البعض من أفراد عائلته وعائلة العروس بسبب تطبيق نظام التباعد الاجتماعي واتخاذ الإجراءات الوقائية.
ويوضح أن زواجه لم يكلفه الكثير من المال إذ أنفق نحو ألف دولار أميركي إضافة إلى مهر العروس، وهو مبلغ زهيد مقارنة بتكاليف الزواج التقليدية التي تصل إلى خمسة أضعاف ذلك في مرحلة ما قبل أزمة كورونا.
وظلت تكاليف الزواج المرتفعة تشكل عائقا كبيرا أمام الكثير من الشباب الذين يفكرون في الارتباط، بعد أن كان الزواج المبكر يعد سمة اجتماعية رئيسية في قطاع غزة، لكن رب ضارة نافعة فأزمة كورونا -وما صاحبها من قرارات مثل إغلاق صالات الأفراح ومنع التجمعات- وجد فيها الكثيرون فرصة للتخلص من هذه الأعباء.
ويقول الشاب وحيد فارس (29 عاما) إن “تكاليف الزواج في غزة مكلفة وصعبة جدا بالنسبة إلى دخل الفرد والشباب الخريجين العاطلين عن العمل”.

أبرز أسباب عزوف الشباب عن الزواج في القطاع التكاليف الباهظة مثل ارتفاع قيمة المهور ومعاليم إقامة مراسم الاحتفالات
ويشير فارس إلى أنه مثل الكثير من الشبان وجد في إلغاء غالبية مراسم الزفاف بفعل أزمة كورونا فرصة للارتباط بأقل التكاليف حتى لو تم ذلك بفرحة منقوصة وغير تقليدية.
ويوضح أن تكاليف الزواج ظلت لسنوات طويلة عبئا ماليا كبيرا على العائلات الراغبة في الاحتفال بزواج أبنائها بسبب تعدد الطقوس مثل إقامة حفل للشباب وآخر للنساء ووليمة غداء عامة فضلا عن مراسم أخرى مكلفة.
وبعد انتظار دام لسنوات طويلة بدأ عبدالرحمن زيارة وقريبته مي حياتهما الزوجية أخيرا في شقة صغيرة في مدينة غزة بفضل اختصار الكثير من تكاليف مراسم الزواج.
وتقول مي (27 عاما) إنها تأخرت في الزواج كحال الكثير من الشباب في قطاع غزة بسبب البطالة والمتطلبات المالية الكثيرة المطلوبة من الشباب مثل المهر ومعاليم مراسم الزواج العديدة.
وتشير مي إلى أنهم احتفلوا بزواجهما بإقامة حفل بسيط داخل المنزل بسبب إغلاق صالات الأفراح والاستغناء عن الكثير من الطقوس الشكلية التي كانت تزيد من حجم النفقات المالية. وتعد معدلات البطالة في قطاع غزة -الذي يقطنه زهاء مليوني نسمة- قياسية ومن ضمن الأعلى على مستوى العالم من حيث الكثافة السكانية بحيث تتجاوز 49 في المئة. وفي هذه الظروف ينظر إلى الزواج في غزة على أنه نوع من الترف ويتأخر بذلك الكثير من الشباب في الزواج، ومنهم من يضطر إلى الاستدانة لتغطية نفقات الزفاف وتقسيط الدين على دفعات.
واعتبر مجلس القضاء الشرعي ارتفاع معدلات الزواج في غزة خلال العام الماضي في ظل جائحة كورونا مقارنة بأعوام سابقة مؤشرا إيجابيا بعد انكفاء العديد من العقبات التي كانت ترهق الشباب من ناحية التكاليف بالإضافة إلى انخفاض تكاليف المهور.
ويقول رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في غزة حسن الجوجو لوكالة الأنباء الألمانية إن “أبرز أسباب عزوف الشباب عن الزواج تتمثل في التكاليف الباهظة مثل ارتفاع قيمة المهور ومعاليم مراسم احتفالات الزواج”.
ويوضح أن قطاع غزة شهد خلال العام 2020 توثيق حوالي 21 ألف حالة زواج مقارنة بأكثر من 17 ألف حالة زواج خلال العام الذي سبقه، وذلك بسبب انخفاض تكاليف الزواج في ظل أزمة كورونا.