انحناء الظهر ليس سمة للشيخوخة

الجلوس لفترات طويلة أمام الكمبيوتر يسبب مشكلَة متزايدة في أَلَم الظَهر أو انحنائه، بغض النظر عن جودة وَضعِية الجلوس.
الأحد 2025/05/11
العمل المكتبي يسبب انحناء الظهر

لندن ـ تبدأ ملامح الشيخوخة بالظهور على أجساد الأشخاص بطرق مختلفة، مع تقدمهم في العمر، وأحد أكثر هذه التغيرات وضوحا هو ذلك الانحناء التدريجي الذي يظهر في أعلى الظهر.

وأصبح انحناء الظهر ظاهرة تهدد الصغار قبل الكبار في عصر التكنولوجيا والعمل المكتبي، وسرعان ما يتحول إلى مشكلة صحية تؤثر على جودة الحياة بأكملها.

ويشرح الأطباء أن العمود الفقري السليم يتميز بانحناءات طبيعية على شكل حرف “آس”، لكن المشكلة تبدأ عندما يزداد الانحناء الصدري عن 40 درجة، وهو ما يعرف طبيا بفرط الحداب. وهذه الحالة لم تعد تقتصر على كبار السن كما كان يعتقد سابقا، حيث تشير الإحصائيات الحديثة إلى أن 40 في المئة من الأشخاص في منتصف العمر يظهرون علامات مبكرة لهذا الانحناء.

واللافت في الأمر أن هذا التحول في بنية العمود الفقري يأتي نتيجة لعوامل نمط الحياة الحديث أكثر من كونه جزءا طبيعيا من الشيخوخة. فالساعات الطويلة التي يقضيها الأشخاص منحنين على هواتفهم الذكية – في ظاهرة تعرف باسم “عنق الهاتف” – تضع ضغطا يعادل 27 كيلوغراما على فقرات الرقبة. كما أن الجلوس المكتبي الخاطئ لثماني ساعات يوميا يكفي لإحداث اختلالات عضلية تدفع بالظهر تدريجيا نحو الانحناء.

ويؤكد خبراء العلاج الطبيعي أن “حداب الوضعية” الناتج عن هذه العادات يمكن تصحيحه بنسبة كبيرة إذا تم اكتشافه مبكرا. والحل يبدأ بتمارين بسيطة لا تتجاوز 15 دقيقة يوميا، تركز على تقوية عضلات الظهر العلوية وتحسين مرونة الصدر.

انحناء الظهر أصبح ظاهرة تهدد الصغار قبل الكبار في عصر التكنولوجيا والعمل المكتبي، وسرعان ما تحول إلى مشكلة صحية

كما أن تعديل وضعية الجلوس بحيث تكون الشاشة بمستوى العين، وأخذ فترات راحة كل نصف ساعة، يمكن أن يحدث فرقا كبيرا.

أما بالنسبة لكبار السن، فإن القصة تأخذ منحى مختلفا. وهنا يصبح الانحناء نتيجة لتغيرات هيكلية في العمود الفقري نفسه، خاصة تلك الكسور الانضغاطية الصغيرة التي تحدث بسبب هشاشة العظام. وهذه الكسور التي قد تحدث دون أي ألم واضح، تسهم في زيادة الانحناء تدريجيا، ما قد يؤثر حتى على وظائف التنفس والهضم.

ويمكن الوقاية من هذه المضاعفات عبر إتباع ثلاث خطوات أساسية وهي التغذية السليمة الغنية بالكالسيوم وفيتامين “د”، وممارسة تمارين المقاومة التي تركز على تقوية العضلات الداعمة للعمود الفقري وتحافظ على كثافة العظام، والفحوصات الدورية بعد سن الأربعين للكشف عن أي علامات مبكرة لهشاشة العظام. كما أن تمارين مثل اليوغا والبيلاتس أثبتت فعاليتها في تحسين التوازن والوضعية العامة للجسم.

ويقول الدكتور أحمد عبدالرحمن، أستاذ جراحة العظام “الظهر المستقيم ليس رفاهية، بل ضرورة للحفاظ على وظائف الجسم الحيوية. والبدء في منتصف العمر ببرنامج وقائي قد يوفر عليك سنوات من الألم والمعاناة لاحقا.”

ويصاب معظم النَاس بألم في الظَهر في مرحلة ما من حياتهم، وعلى الرغم من ألمه فإنه ليس خطيرًا في معظم الحالات. ويستمر الأَلَم عمومًا من عدة أَيام حتى عدة أَسَابِيع، وعَادَة ما يشفى بعد 6 أَسَابِيع.

المسَبَبات الأكثر شيوعًا لألَم الظهر هي إجهاد العضلات والأربطة، أو تآكلها وتمزقها، أو الوَضعِيَّة السيئة، أو الشد العضلي.

ويسبب الجلوس لفترات طويلة أمام الكمبيوتر مشكلَة متزايدة في أَلَم الظَهر أو انحنائه، بغض النظر عن جودة وَضعِية الجلوس، يجب على المرء أن يقف من وقتٍ لآخر، حيث ينصح خبراء الصِحَّة القيام باِسترَاحة كل 30 دَقِيقَة لمدة لا تقل عن دَقِيقَة إلى دقيقتين.

ولأنّ الاِسترَاحات القصيرة المتكررة خلال العمل المجهد أفضل للظَهر من اِسترَاحات طويلة بعدد أقل، فهي تعطي فرصة للعضلات للاسترخاء.

وقد يمنع ذلك الإِصَابة بالتصلب والشد العضلي، وتمنح معظم الأعمال فرصًا للاِسترَاحة، لاحتساء كأس من الشراب أو الذهاب لاستنشاق بعض الهواء.

14