انتخابات باهتة لمجلس الشيوخ المصري في غياب المنافسة

حملات الدعاية لم تنجح في لفت أنظار المصريين للمشاركة بكثافة في انتخابات مجلس الشيوخ حيث يجهل أغلبهم طبيعة دور المجلس وليست لديهم دراية بالمشاركين في الاستحقاق.
الأربعاء 2020/08/12
انتخابات بلا نكهة

القاهرة- تختتم انتخابات مجلس الشيوخ داخل مصر الأربعاء، وسط أجواء شعبية غلبت عليها اللامبالاة وعدم الاكتراث بأن هناك استحقاقا يجب الاقتراع عليه، ولم تفلح المعلومات التي تسربت على لسان مقربين من الحكومة بشأن فرض غرامة باهظة على من لا يدلي بصوته في التحفيز على الخروج من حالة العزوف.

تبدو الانتخابات التي اقترع فيها المصريون بالخارج الأحد والاثنين كأنها اقتراع في إحدى النقابات المهنية، فقد غاب اهتمام المواطنين، نسبة إلى أعداد الناخبين الذين يحق لهم التصويت في هذه الانتخابات والبالغ عددهم 60 مليون مواطن، ولم تنجح حملات الدعاية المكثفة التي قامت بها وسائل إعلام عديدة في لفت أنظار الناس.

وكشفت دراسة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية (حكومي) قبل أيام، أن 64 في المئة من الناخبين لا يتابعون أخبار انتخابات مجلس الشيوخ، و68.3 في المئة منهم لا يعرفون هل تشكيل المجلس سيكون بالانتخاب أم التعيين، و56.1 في المئة لا يعرفون الفارق بين مجلسي الشيوخ والنواب.

وسائل الإعلام اهتمت بالدعاية لصالح مرشحي حزب “مستقبل وطن”، صاحب الأغلبية بمجلس النواب، ولم تعط مساحة جيدة لباقي المرشحين

وأكدت الدراسة التي أجريت على عينة من شريحة تليفونية عشوائية قوامها 1023 شخصا مُوزَّعة على محافظات الجمهورية، أن 83.1 في المئة لا يعرفون من يمثلون دوائرهم، و66.8 في المئة منهم لا يعرفون الفرق بين النظام الفردي والقائمة المطلقة، و71.4 في المئة يجهلون أن وجود 10 في المئة من المقاعد مخصصة للمرأة.

ورصدت “العرب” آراء بعض المواطنين في اليوم الأول من الانتخابات (الثلاثاء) حيث قال أحمد محمود، (20 عاما)، إنه لم يكن يعلم أن هناك انتخابات، لأن عمله الطويل داخل ورش تصنيع الأثاث لا يمكّنه من متابعة الأحداث السياسية بوجه عام.

أما محمد إسماعيل، الموظف الخمسيني في إحدى المصالح الحكومية، ففضل البقاء في المنزل وعدم المشاركة لأنه ليست لديه دراية بالمشاركين في الاستحقاق ولا طريقة التصويت.

ولفت إسماعيل إلى أن المردود السلبي لمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) يجعل من الصعوبة أن تكون هناك مشاركة كبيرة في انتخابات الشيوخ.

وفي منطقة بولاق الدكرور الشعبية التابعة لمحافظة الجيزة المجاورة للقاهرة، بدت معلومات إبراهيم عامر، صاحب أحد المتاجر، بشأن الانتخابات لا تختلف عن سابقيه، قائلا إنه علم بالصدفة أن هناك انتخابات حينما مر عليه أحد المرشحين ووعده بأنه سوف يقوم بنقله مجانا إلى مقر الاقتراع الخاص به.

وأكد لـ”العرب” أنه لن يشارك، وأن بقاءه في متجره أفضل من الذهاب لانتخاب أشخاص لا يعرف توجهاتهم السياسية أو برامجهم الانتخابية.

حسن سلامة: الأحزاب لم تقم بدور توعوي مناسب لانتخابات الشيوخ
حسن سلامة: الأحزاب لم تقم بدور توعوي مناسب لانتخابات الشيوخ

ومن المقرر أن تعلن نتائج الجولة الأولى لانتخابات المجلس يوم 19 أغسطس، بينما تجرى الجولة الثانية في سبتمبر، وتعلن النتائج في موعد لا يتجاوز 16 سبتمبر.

وأوضح أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الفيوم (جنوب القاهرة)، عبدالحميد زيد أن سمات الشخصية المصرية لا تحبذ المشاركة في السياسة بوجه عام، ونسب التصويت في جميع الاقتراعات خلال الخمسين عاما الماضية لم تتجاوز 50 في المئة في أفضل الأحوال.

فيما قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد لوكالة فرانس برس “لا أعتقد أنه (مجلس الشيوخ) سيمثّل إضافة للحياة السياسية الراكدة بالفعل في مصر”. وأضاف “يمكن أن يكون مفيدا في إعطاء نوع من المكافأة لمن يريد الرئيس عبدالفتاح السيسي مكافأتهم على تأييدهم لنظامه”.

وتتعلق دوافع التصويت في مصر برابطتي المكان والدم، أي بالأسرة والقبيلة، والمنطقة أو الحي، إلى جانب عنصر المال السياسي الصاعد بقوة، حيث يشارك في انتخابات الشيوخ عدد من كبار رجال الأعمال.

هذه محركات ثلاثة تحدد نسب المشاركة في أي انتخابات، وكلما كانت الدوائر صغيرة زاد عدد المرشحين وأصبحت نسب المشاركة أكبر، وهو أمر لا يتحقق في انتخابات الشيوخ الحالية التي تتسع فيها الدوائر الانتخابية ويقل فيها عدد المرشحين.

واعتبر الخبير بالمجلس القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، حسن سلامة، العزوف عن الانتخابات بأنه مسؤولية جميع الأطراف وليس مسؤولية طرف واحد، لأن الأحزاب لم تقم بدور توعوي مناسب للحدث واقتصرت على الدعاية لمرشحيها غير المعروفين، واختار آخرون الطريق الأسهل عبر البحث عن تفاهمات دون تواصل مع الجمهور.

وذكر أن وسائل الإعلام اهتمت بالدعاية لصالح مرشحي حزب “مستقبل وطن”، صاحب الأغلبية بمجلس النواب، ولم تعط مساحة جيدة لباقي المرشحين.

2