انتخابات الرئاسة الأميركية مفتوحة على كل السيناريوهات

هل تغير كامالا هاريس اتجاهات الانتخابات العالمية.
الاثنين 2024/11/04
كامالا هاريس على موعد مع التاريخ

تحوز الانتخابات الأميركية المقرر إجراؤها الثلاثاء أنظار العالم بالنظر إلى تأثيرها على الدول، وخاصة في مناطق الصراع، وتبدو حتى الآن حظوظ المرشحين دونالد ترامب وكامالا هاريس متقاربة مع فوارق بسيطة، ما يجعل من الصعب الجزم بمن ستؤول إليه الغلبة.

واشنطن - كانت خسارة الأحزاب الحاكمة أو الرؤساء الذين يخوضون انتخابات للفوز بولاية ثانية السمة الأبرز في أغلب الانتخابات التي جرت خلال العام الحالي. وفي بريطانيا فقد حزب المحافظين السلطة لصالح حزب العمال المعارض في الانتخابات التي جرت في يوليو الماضي، وقبلها خسر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لأول مرة منذ انهيار نظام حكم الفصل العنصري في جنوب أفريقيا الأغلبية النيابية في الانتخابات التي أجريت في يونيو الماضي.

ومنذ أسبوعين فقط خسر الحزب الليبرالي الديمقراطي الياباني الأغلبية في البرلمان، كما خسرت الأحزاب الثلاثة المشاركة في الائتلاف الحاكم بألمانيا الانتخابات في عدد من الولايات الألمانية المهمة في الشهر الماضي.

فهل ستمضي الانتخابات الأميركية في نفس الاتجاه ويفقد الحزب الديمقراطي الحاكم رئاسة الولايات المتحدة؟ وفي تحليل نشره موقع مجلس العلاقات الخارجية الأميركي يقول جيمس إم ليندساي أستاذ العلوم السياسية الأميركي والنائب الأول لرئيس مجلس العلاقات الخارجية ومدير الدراسات وكرسي موريس آر جرينبرج في المجلس، إن من النظرة الأولى يمكن القول إن كامالا هاريس يمكن أن تغير هذا الاتجاه في الانتخابات العالمية. فالاقتصاد هو القضية الأولى لدى الناخبين.

الجمهوريون يبدون واثقين من أن السباق الرئاسي المتقارب هو في الواقع خبر جيد لمرشحهم دونالد ترامب
◙ الجمهوريون يبدون واثقين من أن السباق الرئاسي المتقارب هو في الواقع خبر جيد لمرشحهم دونالد ترامب

وفي حين تعاني اقتصادات بريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان وجنوب أفريقيا، يشهد الاقتصاد الأميركي حالة ازدهار واضحة. وفي الأسبوع الماضي أعلنت وزارة التجارة الأميركية نمو إجمالي الناتج المحلي الأميركي بنسبة 2.8 في المئة خلال الربع الثالث من العام الحالي.

كما اقترب معدل البطالة من أقل مستوياته. وارتفعت سوق الأسهم إلى مستوى قياسي، كما تراجع معدل التضخم. كل هذه المؤشرات تقول إن الاقتصاد الأميركي في حالة جيدة تاريخية. ونشرت صحيفة وول ستريت جورنال المرموقة عنوانا يقول "الرئيس المقبل سيرث اقتصادا مميزا". ورغم ذلك فالأميركيون يرون اقتصاد بلادهم هذه الفترة بشكل مختلف. تقول أغلبية كبيرة منهم في استطلاعات الرأي إن الاقتصاد في حالة سيئة. وتقول أغلبية كبيرة أيضا إن بلادهم تمضي في الاتجاه الخطأ.

وهذا الإحباط الشعبي يساعد في تفسير سبب استمرار حدة التنافس في الانتخابات حتى قبيل التصويت الثلاثاء المقبل. فالجمهوريون يبدون واثقين من أن السباق المتقارب هو في الواقع خبر جيد لمرشحهم دونالد ترامب.

وقد كانت استطلاعات الرأي في انتخابات عامي 2016 و2020 لا تعكس مستويات شعبيته الكبيرة الحقيقية. أضف إلى ذلك حقيقة أن الناخبين المتأرجين غالبا ما يصوتون لصالح المنافس في الأيام الأخيرة من الانتخابات، ومن السهل أن نرى لماذا يعتقد فريق ترامب أنه سيصبح أول رئيس منذ جروفر كليفلاند قبل 132 عاما يفوز بفترتين غير متتاليتين بالمنصب.

في المقابل يخشى الديمقراطيون من تكرار أخطاء استطلاعات الرأي في عامي 2016 و2020 لكنهم يأملون في أن تكرر استطلاعات 2024 ما حدث في انتخابات الكونغرس عام 2022. ففي ذلك العام قللت الاستطلاعات من شعبية المرشحين الديمقراطيين لمجلس النواب وبشرت باجتياح الديمقراطيين للانتخابات وهو ما لم يحدث في الواقع.

لكن اليوم لا أحد يعرف، هل سيكون عام 2024 تكرارا لسيناريو عامي 2016 و2020 أم لعام 2022. والمعروف أن معظم مراكز وخبراء استطلاعات الرأي كانوا مشغولين في هذه الفترة بتعديل منهجياتهم لتصحيح أخطائهم السابقة.

وقد يكونون قد أصلحوا الأمور بشكل أو بآخر هذه المرة، ولكن ربما يكونون قد تسببوا في مشكلات جديدة عندما أصلحوا مشكلة واحدة. كما أن نتائج استطلاعات الرأي تأتي دائما بهامش خطأ. وكل أرقام استطلاعات الرأي الحالية في الولايات المتأرجحة تقع ضمن هامش الخطأ.

ونظرا إلى أن نظام المجمع الانتخابي يعطي الفائز بالأغلبية المطلقة في أي ولاية بكل أصواتها في المجمع الانتخابي باستثناء ولايتين فقط، فإن حتى الأخطاء الطفيفة في استطلاعات الرأي قد تعني نتيجة انتخابية غير متوازنة. ويعني هذا أن كل شيء وارد في الانتخابات المقبلة. فقد يسفر التصويت عن فوز هاريس أو ترامب بكل الولايات المتأرجحة وبالتالي يصبح فوز الفائز منهما واضحا ومقنعا في المجمع الانتخابي.

وقد تكون الأصوات متقاربة بشدة بحيث تكون عمليات إعادة حصر الأصوات أو اللجوء إلى القضاء حتميين لحسم النتيجة، وبالتالي يمكن أن تجد الولايات المتحدة نفسها في نزاع سياسي وقانوني مستمر وأكثر حدة عما حدث في 2020.

فهل ستمضي الانتخابات الأميركية مع الاتجاه العالمي الذي جاء ضد الأحزاب الحاكمة أو تعدل عنه؟ والحقيقة أن في ضوء المنافسة الحادة بين هاريس وترامب، لا يمكن تقديم إجابة حاسمة على هذا السؤال وسيكون على الجميع انتظار مشهد النهاية يوم الخامس من نوفمبر للحصول على الإجابة.

في الوقت نفسه يحذر المسؤولون الأميركيون من تزايد المحاولات الخارجية للتأثير على الانتخابات والتي قد تستمر حتى بعد يوم التصويت وأثناء فرز وعد الأصوات. وبعض هذه المحاولات تشمل هجمات سيبرانية لإحداث اضطراب في التصويت، والبعض الآخر يشمل التضليل ونشر المعلومات الخاطئة. على سبيل المثال رصد مسؤولو الانتخابات في ولاية بنسلفانيا فيديو مزيفا يصور عمليات تدمير لبطاقات التصويت بالبريد في كيستون ستيت. وقال مسؤولون اتحاديون إن حملة تضليل روسية وراء نشر هذا الفيديو.

بالطبع، لا تهم نتائج انتخابات الثلاثاء المقبل الولايات المتحدة فحسب بل العالم كله، لذا فليس من المستغرب أن يناقش الكل في جميع أنحاء العالم كيف ستؤثر النتيجة عليهم. لقد سأل مجلس العلاقات الخارجية الأميركي مراكز البحث والخبراء في أفريقيا والأميركيتين وأوروبا والشرق الأوسط عن آرائهم، وأظهرت ردودهم أن تقييمات تأثير الانتخابات تختلف باختلاف من يفوز والمنطقة أو البلد الذي يتم طرح السؤال فيه.

وقالت الباحثة ليزا روبنسون في مجلة فورين أفيرز الأميركية إن فوز هاريس “ستكون له تداعيات مهمة، وربما حتى يؤدي إلى تغييرات شاملة، وذلك لأن من شأن انتخابها أن “يدعم أولئك الذين يقاتلون ضد الطغيان.. ويخفف بقايا الشكوك في قدرة المرأة على اتخاذ قرارات الحرب والسلام”.

معظم الديمقراطيين يبدون ثقة في سلامة العملية الانتخابية، في حين قال ذلك 57 في المئة فقط من الجمهوريين. معنى هذا أن ترامب سيحظى بدعم أكبر من ناخبيه إذا شكك في نتيجة الانتخابات في حال سقوطه بفارق ضئيل. ليس هذا فحسب بل إنه حتى إذا تم اللجوء إلى المحكمة العليا، فلن تكون لقرارها مصداقية عند نحو 80 في المئة من الأميركيين حيث أظهر مسح مركز بيو أن واحدا فقط من بين كل 5 أميركيين واثق من أن حكم المحكمة العليا في أي نزاع محتمل بشأن الانتخابات الرئاسية سيكون محايدا.

6