امرأتان تقودان المترو والثورة على العادات في القاهرة

للنساء ميزة في هذا المجال تتمثل في أنهن لا يعملن في الفترات الليلية التي يقتصر العمل فيها على الرجال.
الاثنين 2022/08/22
إثبات للقدرات

تطلق شبكة مترو القاهرة هذه الأيام ثورة على العادات المتوارثة في هذا المجال؛ إذ فتحت باب التقدم إلى وظائف قيادة المترو أمام النساء، ما يعتبر إنجازاً للمصريات اللاتي يحاولن إثبات جدارتهن، في بلد لا تزال فيه النظرة الذكورية هي السائدة.

القاهرة - تفاخر الثلاثينية هند عمر بأنها تتحمل “المسؤولية عن حياة آلاف البشر يومياً”؛ فقد اختيرت هذه الأم المصرية لطفلين مع زميلة لها لتكونا أول امرأتين تقودان قطارات المترو في القاهرة.

ويصيب الشلل المروري يوميا شوارع العاصمة المصرية التي يزيد عدد سكانها عن 20 مليون نسمة وتعاني نقصاً فادحاً في وسائل النقل العام يجبر أغلب السكان على اللجوء إلى بدائل نقل أخرى، من بينها المئات من الحافلات الصغيرة وعربات الـ”توك توك” التي تفتقر إلى مستلزمات الأمان في الكثير من الأحيان.

ومنذ ثمانينات القرن الماضي بدأت ثلاثة خطوط للمترو العمل في القاهرة لتنقل يوميا قرابة مليوني راكب. ويُرتقب افتتاح ثلاثة خطوط جديدة قريباً.

لكن قبل بدء تشغيل هذه الخطوط أطلقت شبكة مترو القاهرة ثورة على العادات المتوارثة في هذا المجال؛ فقد فتحت باب التقدم إلى وظائف قيادة المترو أمام النساء.

وعلى الفور تقدمت هند عمر إلى الوظيفة، وقررت الخضوع لتدريب لتصبح سائقة مترو رغم أنها حاصلة على دبلوم تجارة، لتصير رائدة في بلد كانت 14 في المئة فقط من نسائه يعملن في عام 2020.

وقالت عمر مرتدية سروال جينز واسعاً وواضعة حجابا باللونين الأبيض والأسود وسترة صفراء عليها شعار هيئة إدارة النقل المشترك في باريس “استغرب والداي الفكرة في بادئ الأمر، لكنهما دعماني في نهاية المطاف”.

كما أن للنساء ميزة في هذا المجال تتمثل في أنهن لا يعملن في الفترات الليلية التي يقتصر العمل فيها على الرجال.

Thumbnail

وكانت هند عمر بحاجة بالفعل إلى تشجيع لتخوض اختبار القبول، حسب قولها. وتتابع “كان الاختبار صعبا، خصوصا أنه كان يتوجّب عليّ إثبات قدرتي على مقاومة الضغوط وعلى التركيز، لأن التحدي الرئيسي هو أن يبقى المرء منتبها للغاية على مدى ساعات طويلة”.

ومن بين 30 مرشحا ومرشحة للوظيفة اجتازت امرأتان الاختبارات التي أشرفت عليها الهيئة القومية للأنفاق المصرية وهيئة النقل الباريسية (شريك فرنسي في إنشاء مترو القاهرة وتشغيله).

ويُعتبر هذا الأمر إنجازاً للمرأة في بلد حصلت فيه النساء على حق الاقتراع في عام 1956، لكنها تظل خاضعة لتشريعات ذكورية في ما يخص الحقوق الشخصية.

في فرنسا تولت أول امرأة قيادة مترو الأنفاق عام 1982، وكانت المغربية سعيدة عباد أول قائدة قطارات في أفريقيا والعالم العربي عام 1999.

امرأتان من بين 30 مرشحا ومرشحة للوظيفة اجتازتا الاختبارات، وهو ما يعد إنجازا للمرأة المصرية

وفي السعودية المحافظة تخضع نساء حاليا للتدرّب على قيادة قطارات، بعدما كان ممنوعاً على المرأة حتى عام 2018 قيادة السيارة. وتستذكر سوزان محمد (32 عاما) المرات الأولى التي وصلت فيها بالمترو إلى المحطات. وتقول “بعض الركاب كانوا خائفين ويتشككون في كفاءتي ويقولون إنهم لا يشعرون بالأمان مع امرأة على مقعد القيادة”. وتضيف “كان الأمر جديدا بالنسبة إليهم وأتفهّم اندهاشهم”.

ومنذ بداية أبريل الماضي تقود سيدتان خط المترو رقم 3، وهو الأحدث الذي يعبر القاهرة من الشرق إلى الغرب على امتداد 20 كيلومترا.

وتعمل السيدتان ستة أيام في الأسبوع بمعدل ثماني ساعات في اليوم. وهو تقدم كبير للمرأة في بلد ظلت فيه بعض الوظائف مقتصرة على الرجال حتى وقت قريب.

فعلى الرغم من امتهان المرأة المصرية مهنة المحاماة منذ عقود، إلا أن أول قاضية في البلاد تسلمت مهامها في مطلع القرن الحادي والعشرين مع تعيين امرأة عضواً في المحكمة الدستورية العليا. كما تعين الانتظار حتى مارس الماضي لرؤية امرأة تجلس على منصة القضاء الإداري، وهي رضوى حلمي.

وعلى المستوى السياسي يحرص الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على أن يقترن اسمه بتمكين المرأة، إذ تستحوذ النساء على خُمس الوزارات في البلد وثلث المقاعد البرلمانية. لكنّ عدة نسويات مصريات يرين أن هذا المنحى شكليّ فقط، وأن هذا لم يمنع الحكومة من أن تقترح العام الماضي مشروع قانون يتيح للأب أو الشقيق تطليق المرأة، غير أن المشروع أثار عاصفة من الغضب ولم يتم تمريره.

وتأمل هند وسوزان في أن تتمكنا من “فتح الطريق لنساء أخريات”. وتقول هند بحماس “ينبغي أن نكون كثيرات”.

Thumbnail
Thumbnail
20