اليهود المغاربة يحتفلون بـ"ميمونة" في كل مكان في العالم

"ميمونة" عيد يهودي مغربي بامتياز تحتفل به الأسر المغربية اليهودية في كل مكان في العالم مباشرة بعد عيد الفصح وقد أصبح رمز لهم ونقلوه لباقي يهود العالم.
الرباط - “الخبز بالخميرة”، سمك “الشابل”، العسل، والزبدة، مواد غذائية دأب مسلم; المغرب على تقديمها في نهاية كل عيد فصح أو “بيساح” إلى جيرانهم أو أصدقائهم اليهود، مباركين لهم العيد الذي لا يجوز فيه تناول الخبز المُخمّر حَسَبَ التعاليم الدينية العبرية.
وعلى الرغم من شبه نسيان هذا اليومَ الاحتفاليّ المغربي بامتياز، بعد رحيل جلّ يهود المملكة، فإن الاحتفال به يتمّ، اليوم، في كلّ منطقة من المناطق التي تقطنها الطائفة اليهودية المغربية في العالم، إضافة إلى احتفالات تنظّمها مؤسّسات وجمعيات مثل المتحف اليهودي بالدار البيضاء، وجمعية “ميمونة” في المغرب.
وقال هدي بودرة، رئيس جمعية ميمونة، إن هذا الحفل “مغربي مئة في المئة، بدأ في المغرب ثم انتشر في العالَم بأسره، وهو العيد الوحيد الذي يشارك فيه المسلمون بطريقة عادية؛ لأن اليهود في عيد الفصح لا يستطيعون إدخال الخبز ومجموعة من الأشياء الأخرى إلى منازلهم، والمسلمون من كانوا يأتون بهذه المنتجات”.
ويذكر بودرة أن “ميمونة” هو “الاحتفال الوحيد الذي تكون فيه كل المنازل اليهودية مفتوحة الأبواب، ويتنقّل الجيران المسلمون واليهود من منزل إلى منزل”، ووصفه بـ”عيد محبّة وجِوَار”، متأسّفا من عدم تذكّر شباب اليوم هذا التقليد، بسبب عدم تجاوز عدد اليهود في المغرب اليوم 1000 فرد، وهو ما يحرمهم من فرصة التعرّف عليه عن قرب، إلا من احتفالات ينظّمها المتحف اليهودي المغربي أو جمعية ميمونة أو جمعيات أخرى. واحتفل العديد من الأسر اليهودية المغربية الاثنين بحلول عيد ميمونة، الذي يقام بعد انتهاء عيد الفصح.
ويقول الحاخام شاحار بوتسشاك، 40 عاما، من أوفاكيم “هذا العام من واجبنا أن نحتفل، كانت هناك موسيقى والكثير من المشروبات والحلوى والموفليطا”، وهو نوع من الخبز يقدم مرفوقا بالزبدة والعسل، أو المربى، ويعد من الأطباق الرئيسية خلال المناسبة.
ويحتفل اليهود بعيد ميمونة مباشرة بعد انتهاء عيد الفصح ويستمر لمدة يوم كامل. وتكرّم هذه المناسبة التراث والهوية الثقافية لليهود في شمال أفريقيا، لاسيما أولئك الذين ينحدرون من أصول مغربية، قبل أن ينتشر بسرعة إلى مجموعات يهودية أخرى، ويتم الاحتفال به الآن بين مختلف المجموعات التراثية.
ويتم الاحتفال بهذا العيد مباشرة بعد نهاية عيد الفصح مع غروب الشمس إشارة إلى حلول فصل الربيع والعودة إلى أكل “حاميتس”، أي الخبز المختمر، الذي كان مُحَّرما طوال أسبوع عيد الفصح.
وفي هذا العيد، تحضّر العائلات موائد مليئة بالحلويات والمخبوزات وخاصة كعك العيد التقليدي “المفلوتة”، وتستضيف الأصدقاء وأفراد العائلة.
ويقول موقع “الكنيست” الإسرائيلي، إن اليهود المغاربة احتفلوا بعيد ميمونة في الفضاء العام لأول مرة عام 1965 في غابة هرتسل في اللد، وعرف الحفل مشاركة 300 يهودي من أصل مغربي، ثم ما لبث أن تحولت هذه المناسبة إلى عيد وطني في إسرائيل بداية السبعينات، يشارك فيه رؤساء إسرائيل وكبار المسؤولين.
وأضاف المصدر ذاته، أن احتفالات عام 1972، حضرها نحو 80 ألف شخص من بينهم رئيس إسرائيل حينها، زلمان شازار، كما أصبحت الاحتفالات تنظم في مختلف المدن والدول ويحضرها يهود من أصول غير مغربية.
وفي عام 2019، أصدرت إسرائيل طابعا بريديا يؤرخ للمناسبة ويعترف بها كعادة خاصة باليهود المغاربة. وكانت مدينة سديروت، جنوب البلاد والتي تأسست على يد اليهود المغاربة الذين هاجروا إلى إسرائيل، مركز الاحتفال السنوي بعيد ميمونة لعقود.
لكن كل شيء كان أكثر هدوءا وتواضعا هذا العام. واقتصرت الاحتفالات على تجمعات عائلة، مع عدد قليل من الضيوف أو الأقارب. ويقول رئيس بلدية المدينة، ألون دافيدي “ميمونة هذا العام ليست كاملة وحلوة كما في السنوات السابقة”/ بسبب ظروف الحرب.
وقالت ميريت لانكري، 39 عاما، من مدينة يوفال، وهي أم لأربعة أطفال “لدي ذكريات عن ميمونة منذ سن صغيرة جدا. إنه تقليد جميل نشأت عليه وأنقله إلى أطفالي”.
وفي مقابل الاستعداد لإقامة احتفالات خاصة لم تقم هذه السنة أيّ احتفالات رسمية. في هذا السياق، دعا الحاخام الإسرائيلي بمدينة القدس، شلومو موشيه عمار، إلى عدم الاحتفال علنا بميمونة بسبب الحرب. وكان الاتحاد العالمي ليهود المغرب دعا إلى إلغاء الاحتفالات الجماعية بهذا العيد وتجنب إقامة فعاليات احتفالية في الفضاءات العامة بسبب الحرب.
وتفاعلا مع سؤال لموقع هسبريس المغربي حول ما إن كانت هذه الدعوات تشمل حتى احتفاليات اليهود في المغرب، أشار رئيس الاتحاد الفيدرالي العالمي ليهود المغرب إلى أن “اليهود في المغرب أصلا لا يتجاوز عددهم ألفا، وهذا ليس بالعدد الكثير مقارنة بعددهم في إسرائيل المعنية بالدرجة الأولى بهذه الدعوة؛ بالنظر إلى حجم الاحتفالات الكبيرة التي تشهدها خلال هذه المناسبة”.