اليابانيون يؤجرون أسرا للتكيّف في مجتمعاتهم

شركة “فاميلي رومانس” تعمل في مجال تأجير الأسر والأصدقاء. ولدى الشركة قاعدة من 2200 موظف على استعداد ليكونوا عائلتك، وعلى الرغم من أنَّ العديد من اليابانيين لا يدركون وجود هذه الشركة، فإنها تزداد شعبية.
طوكيو - أطلق الشاب الياباني، إيشي يويتشي البالغ من العمر 37 عاما، خدمة “تأجير الأسرة” بحوالي 200 دولار أجرة اليوم الواحد، وقد اكتسبت المبادرة شعبية كبيرة في اليابان.
وتتلقى الخدمة حوالي 250 طلبا شهريا ويتوقع صاحبها أن يزداد الطلب عليها أكثر فأكثر في المستقبل.
وبدأ يويتشي الخدمة عندما كان عمره 24 عاما في طوكيو، ويعمل لديه 1200 موظف تقريبا، وهم ممثلون يلعبون دور أفـراد العائلة من زوجة وابن وأخت وحفيد وغيرهم..
وكل شخص لديه طلبات مختلفة، فهناك من يريد أن يرى المزاج والمظهر والسلوك المرغوب في أفراد عائلته، وتتباين الطلبات من شخص يبحث عن صديق لنشر الصور على الإنستغرام أو طفل ينتحل شخصية حفيد أو عريس لحضور حفل زفاف مزيف.
لكن هناك بعض القواعد في الخدمة؛ منها أنَّه لا يمكن أن تكون هناك سوى 5 أسر للشخص الواحد أي الممثل. ومع ذلك، نظراً لأن يويتشي بدأ منذ فترة أطول بكثير وأصبح أكثر خبرة، بمرور الوقت وجد نفسه أباً لـ25 أسرة.
وفي كثير من الأحيان، يحتاج يويتشي إلى مراجعة دفتر ملاحظات ليتذكر تفاصيل الشخصية الخاصة التي يؤديها. ويقول “هناك 35 طفلاً يعتبرونني أباً حقيقياً”.
وأضاف “يجب أن أتأكد من مراجعة معلومات الأسرة كل يوم قبل أن أصل إلى المنزل. لديّ دفتر ملاحظات يحتوي على كل الأسماء والتفاصيل التي أحتاج إليها”.
واقتبس يويتشي الفكرة من تجربته الخاصة حين لعب دور أب لطفل عمره أربع سنوات كانت أمه تربيه لوحدها.
فمنذ 14 عاماً، كان يويتشي في 24 من عمره، ولديه صديقةٌ هي أمٌ عزباء، أرادت إرسال ابنها إلى روضة أطفال خاصة، لكن المشرفين طلبوا إجراء مقابلة مع والد الطفل ووالدته، فتطوع يويتشي لتمثيل دور الأب في أسرة سعيدة.
ولم ينجح الأمر كما توقع يويتشي، إذ عجز هو والطفل عن التصرف كأسرة، لكنه اعتقد أن هناك شيئاً مثيراً للاهتمام في مشكلة الاحتياج لوجود الأسرة تلك.
وتعمل الخدمة في اليابان بشكل خاص لاهتمام المجتمع الكبير بصورة العائلة.
ويقول يويتشي إن الهدف الرئيسي لخدمة “فاميلي رومانس”، هي مساعدة الناس في التعامل مع مختلف أنواع المشكلات التي يواجهونها في حياتهم.
وتعد خدمة “فاميلي رومانس” واحدة من الخدمات العديدة من هذا النوع التي تكبر شعبيتها في اليابان والتي تقدم كل ما يتعلق بالعائلة والأصدقاء وحتى الضيوف في الجنازة والزواج ومقابلات العشاء مع حـظر تام للعلاقات الحميمية.
والسبب وراء شعبية الخدمة هو عدم قدرة الشباب على التكيف في المجتمع، فهو ليس ما كان عليه الوضع بعد الحرب، حيث تغيرت المبادئ والرؤية التقليدية للأسرة لدى الشباب.
واليابان بلد يضع المعايير الاجتماعية في المرتبة الأولى رغم أنه يصعب التمثل بها عادة.
ويقول موقع “بي.بي.سي موندو” الإسباني التابع لهيئة الإذاعة البريطانية: “حازت قصة يويتشي على اهتمام المخرج الألماني الشهير فيرنر هيرتسوغ الذي ذهب إلى طوكيو لتصوير فيلم بعنوان عرض لأول مرة في مهرجان كان السينمائي ويؤدي فيه يويتشي إيشي دور البطولة”.
وفي الأشهر القليلة المقبلة، سيطلق يويتشي كتابه الذي يروي فيه التجارب التي لا حصر لها والمشاعر التي سمحت له بأن يكون جزءاً من المئات من العائلات ولكن دون الانتماء حقاً لأي منها.
ويخبر يويتشي عن تجربته، وهي مزيج لا ينضب من المشاعر.