الولايات المتحدة تدعم المسار الانتقالي في تونس

واشنطن ترحب بخارطة الطريق المعلنة من قبل الرئيس قيس سعيد.
الخميس 2021/12/16
رسائل طمأنة إلى شركاء تونس

يعكس البيان الأميركي الذي رحب مساء الثلاثاء بإعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن خارطة طريق مفصلة للإصلاحات السياسية في البلاد عن دعم للمسار الانتقالي الذي تشهده تونس وذلك بالرغم من مراهنة أطراف معارضة لسعيد تتقدمها حركة النهضة الإسلامية عن ضغط أميركي ضد الرئيس التونسي.

تونس- رحبت الولايات المتحدة مساء الثلاثاء بخارطة الطريق التي أعلنها الرئيس التونسي قيس سعيد الاثنين في خطوة تعكس دعما أميركيا للمسار الانتقالي الذي تشهده تونس والإصلاحات السياسية المرتقبة.

وجاء الترحيب الأميركي رغم تصعيد أطراف سياسية معارضة للرئيس قيس سعيد تتقدمها حركة النهضة الإسلامية التي لطالما عملت على التأثير في الولايات المتحدة ودوائر أجنبية بهدف الضغط على تونس.

وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان “نرحّب بإعلان الرئيس سعيّد عن جدول زمني يلحظ مساراً نحو الإصلاح السياسي وإجراء انتخابات برلمانية”. وأضاف “نأمل بأن تكون عملية الإصلاح شفّافة وأن تشمل تنوّع الأصوات السياسية والمجتمع المدني”.

أحمد ونيس: الولايات المتحدة تدعم خطوة الرئيس سعيد بإعلان خارطة طريق

وشدّد برايس على أنّ “الولايات المتّحدة تدعم تطلّعات الشعب التونسي إلى حكومة فعّالة وديمقراطية وشفّافة تحمي الحقوق والحريات”.

ويرى دبلوماسيون تونسيون أن الرئيس سعيد قطع الطريق أمام أي سوء فهم من قبل شركاء تونس وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وهم شركاء كانوا يطالبون بوضع خارطة طريق ترسم المحطات الإصلاحية التي ستعرفها البلاد للخروج من المرحلة الاستثنائية.

وقال وزير الخارجية الأسبق أحمد ونيس إن “الولايات المتحدة تتبنى الخطوة التي أقدم عليها الرئيس سعيد بطرح خارطة طريق، وأصلا هذا هو المطلب الذي دفعت به رفقة عدد من شركاء تونس منذ اتخاذ الإجراءات الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو الماضي”.

وأضاف ونيس في تصريح لـ “العرب” أن “مسارعة المتحدث الرسمي باسم وزارة خارجية الولايات المتحدة إلى الترحيب بخارطة الطريق التي أعلنها الرئيس سعيد تعكس الاهتمام الذي توليه واشنطن لتونس باعتبارها شريكا هاما”.

وكشف الرئيس سعيد النقاب عن خارطة طريق مفصلة قاطعا بذلك الطريق على خصومه الذين كانوا يسعون لتصعيد المواجهة معه إما بالاحتجاج أو طرح خطط جديدة للمرحلة المقبلة. ووجه في خطاب ألقاه الاثنين وابلا من الانتقادات إلى هؤلاء خاصة بعد تبدل طرأ على مواقف بعض الأطراف سواء الحزبية أو النقابية التي كانت داعمة لمسار الخامس والعشرين من يوليو.

وأعلن عن جملة من القرارات تتمثل في الإبقاء على المجلس النيابي معلقا أو مجمدا إلى تاريخ السابع عشر من ديسمبر 2022 موعد تنظيم انتخابات نيابية مبكرة وفقا لقانون الانتخابات الذي سيتم تنقيحه.

باسل الترجمان: البيان الأميركي فاجأ من كانوا يراهنون على موقف ضد سعيد

كما أعلن الرئيس قيس سعيد أنه مع مطلع يناير القادم سينطلق تنظيم استشارة وطنية إلكترونية على أن تنتهي في العشرين من مارس وستتولى لجنة تتكون من خبراء تأليف مختلف المقترحات التي سيعبر عنها التونسيون حتى نهاية يونيو، على أن ينظم الاستفتاء في الخامس والعشرين من يوليو 2022، وهو يوم عيد الجمهورية.

وترى أوساط سياسية في تونس أن تحرك الرئيس سعيد كان محسوبا حيث يستهدف بالأساس طمأنة شركاء بلاده مرجحين أن تتوالى ردود الفعل المرحبة بوضع خارطة طريق ضمنت الوقت الكافي للقيام بإصلاحات سياسية تقطع مع العشرية التي عاشتها تونس ودفعت بالبلاد إلى وضع اقتصادي واجتماعي وسياسي صعب.

وتُضيف تلك الأوساط أن الأطراف السياسية على غرار حركة النهضة الإسلامية التي راهنت على موقف أميركي رافض لإجراءات الرئيس سعيد فشلت في مساعيها وذلك وسط اتهامات للنهضة باستغلال جماعات ضغط من أجل تأليب واشنطن ضد تونس.

وقال المحلل السياسي باسل الترجمان إن “البيان الأميركي فاجأ الكثير ممّن كانوا يراهنون على موقف واشنطن ضد قيس سعيد، وهذا البيان طبعا جاء نتاج مراجعة تقييم الإدارة الأميركية لمواقفها الداعمة لما سمّي بالتجربة الديمقراطية في تونس والتي أنتجت منظومة من الفساد”.

وتابع الترجمان في تصريح لـ “العرب” أن “الولايات المتحدة وحتى قوى دولية أخرى أدركت أن تحرك الرئيس سعيد يُعبّر عن موقف شعبي واضح وصريح رافض لما آلت إليه الأوضاع التي أنتجها الفساد”.

وأوضح “أتوقع أن يخطو الاتحاد الأوروبي نفس خطوات الإدارة الأميركية، فالاتحاد بصدد القيام بمراجعات داخله خاصة وأن هناك حديثا عن تقييم لبعض العلاقات المشبوهة بين مسؤولين بالتكتل ورموز منظومة الفساد في تونس من أحزاب وشخصيات سياسية”.

الرئيس سعيد قطع الطريق أمام أي سوء فهم من قبل شركاء تونس وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وهم شركاء كانوا يطالبون بوضع خارطة طريق

يأتي ذلك في وقت لازالت فيه أطراف سياسية تونسية وخاصة حركة النهضة تراهن على ضغط خارجي لإجهاض مسار الخامس والعشرين من يوليو الذي يقوده قيس سعيد.

وكان سفراء الدول الأعضاء في مجموعة السبع المعتمدون في تونس وسفير الاتّحاد الأوروبي دعوا في بيان مشترك الجمعة الماضية إلى عودة “سريعة” لعمل المؤسسات الديمقراطية في البلاد.

وقال البيان “نجدّد التنويه بأهمية احترام الحريات الأساسية لجميع التونسيين وبأهمية شمولية وشفافية عملية إشراك كافة الأطراف المعنية، بما في ذلك الأصوات المختلفة في الطيف السياسي والمجتمع المدني، مع تحديد سقف زمني واضح يسمح بعودة سريعة لسير عمل مؤسسات ديمقراطية بما في ذلك برلمان منتخب يضطلع بدور هام”.

4