الولادة بالتنويم المغناطيسي وسيلة جديدة للمساعدة في تخفيف آلام المخاض

يؤكد أطباء النساء والتوليد أن التأثير الذي يقوم به التنويم المغناطيسي على الوقت المستغرق في عملية الولادة يقي الطفل من مخاطر جمة، مشيرين إلى ما له من تأثير إيجابي على تعافي الأم، مقارنة بالطرق الطبيعية والجراحية للولادة. وتعد الولادة عن طريق التنويم المغناطيسي تهيئة ذهنية للأم الحامل بواسطة تدريبها على الاسترخاء والتنفس العميق وذلك قبل ثلاثة أشهر على الأقل من الولادة.
برلين - كل أم تتوقع استقبال طفلها قريبا تريد أن تكون مستعدة بصورة كاملة ولا تشعر بالخوف عندما تبدأ آلام المخاض. وإحدى الطرق الشهيرة من أجل الإعداد الذهني للولادة تعرف باسم الولادة بالتنويم المغناطيسي.
وتتركز الطريقة على التنويم المغناطيسي الذاتي (الاسترخاء) من خلال الدخول في حالة تركيز عميق بهدف تخفيف الإحساس بالقلق والتحكم في الألم بصورة أفضل.
وقد ظهرت خلال الأعوام الأخيرة الكثير من الدورات على شبكة الإنترنت تتعلق بالولادة التي تعتمد على التنويم المغناطيسي الذاتي. ومن بين الدورات “ذا بيسفول بيرث” (الولادة السلمية) لكريستين غراف المدربة التي تركز على الأمور الذهنية والتنويم المغناطيسي.
وبصفتها أما لثلاثة أبناء، فهي تعلم كيف أن تجربة ولادة الطفل تكون مرهقة بدنيا ونفسيا. وتقول غراف “الولادة دون الاستعداد الذهني مثل صعود جبل طويل دون المعدات الملائمة”.
وتوضح الطبيبة ماندي مانجلير كبيرة الأطباء في قسم أمراض النساء والتوليد بمستشفى فيفانتس أوجوست فيكتوريا في برلين “الولادة بالتنويم المغناطيسي والأشكال الأخرى من الإعداد الذهني للولادة تعد سبلا للتأثير على الإحساس بالألم خلال المخاض”.
الولادة بالتنويم المغناطيسي والأشكال الأخرى من الإعداد الذهني تُعدّ سبيلا إلى تبديد الإحساس بالألم
وأضافت أنه بمساعدة أساليب معينة يمكن للسيدة إقناع نفسها أن الولادة ليست وضعا مهددا للحياة ولكن “الوضع على الرغم من أنه مؤلم يمكن التحكم به إذا أرادت ذلك”.
وأشارت إلى أن التفكير في أن انقباضات الرحم تمثل موجات يمكن أن تكون خطوة أولى نحو الإحساس بالألم بصورة مختلفة. وأضافت “لتبسيط الأمر، فإنه يتعلق بالاستمرار في التركيز على نفسك وقبول أن آلام المخاض عملية فسيولوجية”.
وعلى الرغم من ذلك، أشارت إلى أنه لا ينبغي إضفاء صبغة رومانسية ولا مرضية على الولادة، وأن يتم النظر إليها على أنها حالة طبية فقط.
و”التخدّر” هي الحالة التي تقول غراف إنها تعلمها للمشاركات في دورتها لكي يشعرن بإحساس “نحن على دراية به في عالم الرياضة. مثل الرؤية النفقية المماثلة للانغماس في مشاهدة فيلم في السينما”.
وتشير غراف إلى أن تحقيق ذلك خلال الولادة يتطلب الكثير من الاستعداد والممارسة. وتستخدم الدورات التدريبية التنويم بالصوت ومقاطع الفيديو، بالإضافة إلى الكتب إلى حد ما.
وتقول غراف “كلما كان هناك تبكير أكثر في ممارسة هذا الأسلوب وأصبحت أكثر انتظاما في إتباعه خلال الحمل، كلما كان ذلك أفضل”، مضيفة أنه على الرغم من ذلك يجب ألا يمارس ضغطا كبيرا على النفس. وأوضحت “أخذ قسط من الراحة لعدة أيام أو عدم البدء في التدريبات حتى آخر ثلاثة أشهر من الحمل لا يمثل مشكلة”.
وتقول مانجلير التي تحذر من التوقعات الخاطئة “يتعين أن تمارس الحامل جميع الأساليب، بالطبع التي تتطلب طاقة”. وأضافت “الولادة بالتنويم المغناطيسي ليست بالطبع فعالة في تخفيف الآلام خلال الولادة مثل إبرة الظهر (حقنة الإيبدريورال)، ولكن هذا ليس المقصود منها”.
وتعتبر مانجلير التدريب الذهني في الأساس وسيلة لتقوية النساء من أجل الولادة “وهذا يعد أمرا إيجابيا”. وأشارت إلى أنه في النهاية تعد الولادة حدثا بارزا في حياة المرأة، مرتبطا بصورة وثيقة بالإحساس بالكفاءة الذاتية والتمكين. ولذلك استكمالا لدور القابلة قبل الولادة، يمكن أن يعد التنويم المغناطيسي أداة مفيدة.
ومن أجل الاستعداد للولادة، تقول مانجلير “يساعد كثيرا التواصل مع القابلة، والحصول على أكبر قدر من المعلومات بشأن عميلة الولادة”.
وأضافت “من خلال هذه الحوارات، يمكن أن تعرف القابلة نوع شخصية الأم وما هو المهم بالنسبة إليها، وكيف ترى الولادة وكيفية تهدئة مخاوفها وتحقيق أمنياتها”.
ووفقا لغراف، فإن الكثير من العيادات ومراكز الولادة على دراية بالأساليب المتعلقة بالإعداد الذهني للولادة. وأوضحت أن استخدام سماعات الرأس في غرفة الولادة للاستماع لتعليمات التنويم المغناطيسي أو التأمل الموجه عادة لا تمثل مشكلة.
ويعتمد الموعد الذي يجب أن تبدأ فيه الحامل في وضع نفسها في حالة التخدّر عليها هي بالإضافة إلى عدة عوامل خلال عملية الولادة. وتنصح غراف بإعداد الحامل نفسها من أجل جسمها، قائلة “عندما تبدأ الانقباضات يبدأ الجسد في العمل، بمعنى آخر، يمكن أن تدخل في حالة التخدر عندما يأخذ جسدها قسطا من الراحة، ويمكنها القيام بذلك أيضا”.
وأوضحت غراف أنه من غير المنطقي توقع أن تبقى حالة التخدر بدون انقطاع خلال الولادة، قائلة “لأن هناك أمرا دائما ما يعطل هذه العملية. هذا أمر طبيعي للغاية. المهم أن تتعلم السيدة أن تركز سريعا مجددا بعد التوقف”.
وتشير الجمعية الألمانية لأمراض النساء والتوليد إلى وجود دليل محدود على فعالية الولادة بالتنويم المغناطيسي. وعلى الرغم من أن الجهات المقدمة للدورات دائما ما تستشهد بالدراسات المحدودة ولكن الإيجابية التي تم إجراؤها، فإنها تقول إن حجم الأسئلة وصيغها يجعلانها جديرة بالتدقيق.
ويعرف الخبراء الولادة بالتنويم المغناطيسي على أنها تقنية تستدعي استخدام التنويم عن طريق برنامج تدريبي لمساعدة الأم الحامل على الولادة بطريقة سلسة وغير مؤلمة وبعيداً عن قلق الولادة وآلام المخاض، لاسيما أن التأثير الذي يقوم به التنويم المغناطيسي على الوقت المستغرق في عملية الولادة يقي الطفل من مخاطر جمة، وخاصة في الولادة للأم، وما له من تأثير إيجابي على تعافي الأم، وذلك عن طريق تسريع تعافيها مقارنة بالطرق الطبيعية والجراحية للولادة.
وتُهيّأ الأم الحامل وتُدرّب على تنويم نفسها مغناطيسياً عن طريق التدريب على الاسترخاء والتنفس العميق وذلك قبل ثلاثة أشهر على الأقل من الولادة.
الولادة، سواء كانت طبيعية أو قيصرية، تعتبر من أقسى التجارب التي تمر بها الأمهات على الإطلاق، نظرًا للألم الذي يشعرن به أثناء وبعد العملية
ومع تطبيق التقنية تكون الأم الحامل منفصلة عن العوامل التي تزعجها من المحيط الذي حولها.
وبإمكان الأم العودة إلى الواقع وإلى الحالة الطبيعية في أي وقت ترغب به، فهي في حالة وعي تام ولكن في حالة تركيز عميق في مكان معيّن.
وعند بداية الانقباضات، تبدأ المرأة الحامل بالخوف مما يؤدي إلى إفراز هرمونات التوتر في جسمها؛ مما يؤدي إلى تشنّج في العضلات والشعور بالألم.
وفي حالة التنويم المغناطيسي، تستطيع المرأة الحامل السيطرة على كل مخاوفها وبالتالي التخلص من التشنجات التي تصيبها أثناء الولادة.
وظهر مصطلح التنويم المغناطيسي، المعروف أيضًا باسم “التنويم بالإيحاء”، في الخمسينات من القرن الماضي، وطورته المعالجة بالتنويم المغناطيسي ماري مونجان عام 1989 لاستخدامه في الولادة الطبيعية، حيث يساعد الحامل على الاسترخاء قبل وأثناء عملية المخاض.
وتعتبر الولادة، سواء كانت طبيعية أو قيصرية، من أقسى التجارب التي تمر بها الأمهات على الإطلاق، نظرًا للألم الذي يشعرن به أثناء وبعد العملية، الأمر الذي دفع أطباء النساء والتوليد إلى ابتكار تقنيات تعمل على تخفيفه وتقليل التوتر الذي يزيد من حدته.