الوضع الاقتصادي يحدد توجهات الناخب الإسرائيلي

القدس - تحدد التطورات السياسية والأمنية في العادة اتجاهات الناخب الإسرائيلي، لكن يبدو أن ارتفاع تكاليف المعيشة سيلعب دورا مهما في التصويت في الأول من نوفمبر المقبل.
وتعتبر الانتخابات العامة المقبلة الخامسة خلال أقل من أربع سنوات، في ظل استقطاب حاد وعدم استقرار سياسي. كما تأتي الانتخابات في وقت يلمس فيه الإسرائيليون تأثير ارتفاع الأسعار على مستوى معيشتهم.
وبحسب استطلاع للرأي أجراه معهد ديمقراطية إسرائيل بجامعة تل أبيب ونُشرت نتائجه في أغسطس الماضي، فإن العامل الرئيسي الذي سيؤثر على الناخبين عند التصويت هو برنامج الحزب في القضايا الاقتصادية.
وقال 44 في المئة من الإسرائيليين إن برنامج الحزب بشأن غلاء المعيشة سيحدد اتجاه تصويتهم، و24 في المئة لهوية رئيس الحزب، فيما منح 14 في المئة الأولوية لبرنامج الحزب بشأن الدين والدولة، و11 في المئة لبرنامج الحزب حول السياسة الخارجية والأمن، و2 في المئة لبرنامجه حول التغير المناخي، و5 في المئة لقضايا أخرى.
ووفقا لاستطلاع آخر أجراه المعهد ذاته ونشر نتائجه في سبتمبر، فإن 23.8 في المئة من الإسرائيليين يعتقدون أن الحكومة الائتلافية الحالية برئاسة يائير لابيد مسؤولة عن ارتفاع تكاليف المعيشة، فيما رأت نسبة مماثلة أن الحكومة السابقة برئاسة بنيامين نتنياهو هي المسؤولة عن ذلك.
بينما اعتبر 13.5 في المئة أن ارتفاع تكاليف المعيشة ناتج عن أوضاع الاقتصاد العالمي، و32.6 في المئة قالوا إن كل هذه الأطراف مسؤولة، وأجاب 6.3 في المئة بأنهم لا يعرفون.
وعود انتخابية
وقال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية الدكتور يوناثان فريمان إن “الموضوع الاقتصادي أكثر أهمية هذه المرة، ونلاحظ المزيد من التصريحات من المرشحين حوله”.
وتابع “شاهدنا نتنياهو مثلا تحدث عن تجميد ارتفاع الأسعار في مختلف المرافق، وتسهيل أقساط الرهن العقاري، وفتح الاقتصاد بشكل أكبر حتى تنخفض الأسعار”.
كما يوجد، بحسب فريمان، “اهتمام أكبر في برامج الأحزاب بارتفاع الأسعار والخطوات المقترحة لخفضها.. المرشحون يركزون أكثر على الموضوع الاقتصادي لإقناع الناس بالخروج والتصويت”.
واستطرد “ارتفاع تكاليف المعيشة موضوع رئيسي في هذه الانتخابات، والكثيرون يقدمون الوعود بشأن الخطوات التي سيقومون بها في حال انتخابهم أو تشكيلهم الحكومة”.
وقال نتنياهو، زعيم حزب “الليكود” (يمين)، في تغريدة “إذا خرج ناخبو الليكود للتصويت، سنشكل حكومة يمينية مستقرة لمدة 4 سنوات تخفض الأسعار والضرائب وتساعد مواطني إسرائيل”.
واستدرك “أما إذا بقي ناخبو الليكود في منازلهم، فستكون لدينا مرة أخرى حكومة يائير لابيد - بيني غانتس - أحمد الطيبي، والتي ستستمر في رفع الأسعار والضرائب”.
كما أعلن منافسو نتنياهو عزمهم على العمل على خفض الأسعار، ودافعوا عن السياسات الاقتصادية والمالية للحكومة الحالية.
وقال وزير المالية زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان في تغريدة “بفضل سياسة مسؤولة، جعلنا اقتصاد إسرائيل من أقوى الاقتصادات في العالم، نحن فقط من سنضمن الاقتصاد الحر والدولة الحرة”.
ارتفاع الأسعار
واستنادا إلى دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية (حكومية)، بلغت نسبة البطالة في إسرائيل 3.9 في المئة في سبتمبر، هبوطا من 4.1 في المئة في أغسطس الماضي.
وبلغ معدّل التضخم في الدولة العبرية هذا الشهر 4.6 في المئة، وهي أعلى نسبة تسجل منذ عقد، وفقا لأرقام الدائرة.
كما أفادت الدائرة، في تصريح مكتوب، بأن “مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.2 في المئة في سبتمبر 2022، مقارنة بأغسطس 2022. ومنذ بداية العام ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 4.3 في المئة”.
وذكرت أن “أسعار الخضار والفواكه الطازجة، بشكل خاص، ارتفعت 3.3 في المئة، والخدمات الصحية والتعليمية 1.0 في المئة، والسكن والأثاث والتجهيزات المنزلية 0.6 في المئة لكل منها، بينما انخفضت تكاليف النقل والاتصالات 0.5 في المئة”.
ويقول رجل الأعمال الإسرائيلي رامي ليفي، صاحب سلسلة محلات سوبر ماركت شهيرة تحمل اسمه، إن مبيعاته ارتفعت خلال العام الماضي بنسبة 15 في المئة، لأنها مخفضة الأسعار، فيما تزايدت رغبة أصحاب الدخل المتوسط في الحصول على طعام بأسعار أدنى.
ويضيف ليفي الذي تنتشر متاجره في أنحاء إسرائيل وفي مستوطنات الضفة الغربية المحتلة “مع ارتفاع الأسعار، أصبح الناس الذين اعتادوا التسوّق من المحال القريبة من منازلهم يأتون إلى هنا، لأنهم يعرفون أن الأسعار أقلّ”.
44
في المئة من الإسرائيليين يقولون إن برنامج الحزب بشأن الغلاء سيحدد توجهاتهم
وأرجع معهد ديمقراطية إسرائيل ارتفاع الأسعار نسبيا إلى أسباب، منها الرسوم الجمركية المرتفعة أو الحواجز غير الجمركية، والإجراءات الطويلة والمعقدة للموافقات على الاستيراد.
ويشير الأستاذ في كلية الصحة العامة في الجامعة العبرية في القدس آرون تروين إلى أن عائلات الطبقة المتوسطة تواجه ضغوطا لتحقيق الأمن الغذائي، وأن الغذاء الصحي أصبح صعب المنال.
ويتمثّل الأمن الغذائي، وفق تعريف الأمم المتحدة، في “الوصول المنتظم إلى طعام آمن ومغذّ”.
ويضيف تروين “عندما يكون هناك تضخّم سريع في أسعار المواد الغذائية لا تواكبه الرواتب، تضطر الطبقة الوسطى إلى إنفاق المزيد، ليس فقط على الطعام، بل أيضا على الإيجارات والنقل والغاز والتعليم”.
ويشير إلى أن العديد من العائلات تواجه “صعوبة في الحصول على الغذاء الصحي”.
ويؤكد أن الناس “يبدأون في تغيير نمط غذائهم ونوعيته، ثم يقللون عدد الوجبات، ويركزون على إطعام أطفالهم فقط”.
وتقدّر مؤسسة الضمان الاجتماعي الإسرائيلي أن أكثر من 20 في المئة من السكان عانوا في العام 2021 من انعدام الأمن الغذائي.
لكن منظمة “لاتيت” الإسرائيلية للإغاثة الإنسانية، والتي تنشط من أجل الحدّ من الفقر، تقول إن النسبة الأعلى تصل إلى 30 في المئة.
تكلفة التصويت
وترجح نتائج استطلاعات الرأي في إسرائيل عدم الحسم بين الأحزاب المتنافسة في الانتخابات المقبلة، ما قد يفتح الطريق أمام انتخابات سادسة.
ويمثل تكرار الانتخابات عبئا على ميزانية إسرائيل، إذ صادقت لجنة الكنيست البرلمانية الأحد على ميزانية انتخابية بـ151 مليون دولار أميركي.
وقال المكتب الإعلامي للكنيست، في تصريح، إن تكلفة التصويت لكل ناخب في هذه الانتخابات تبلغ 78.83 شيكلا (22 دولارا)، مع وجود 6.7 مليون ناخب.