الورد الجوري تراث يزين أراضي الشام

منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة أدرجت الوردة الشامية ضمن قائمة التراث العالمي الإنساني غير المادي.
الخميس 2024/06/06
رائحة تفوح في أصقاع الدنيا

الوردة الشامية، أو ما يعرف بالورد الجوري، إبداع زراعي سوري، استخرجوا منها منذ القدم العديد من الزيوت التي يفوق سعر الغرام فيها سعر الذهب، وألهمت الشعراء القصائد وتغنوا بجمالها وسحر رائحتها الذي فتن الناس في العلم.

دمشق - يقف المزارع السوري الستيني محمد جمال عباس وسط أرضه المزروعة بالوردة الشامية، يتأملها كيف غدت بعد مضي زمن كبير على زراعتها، ليحافظ عليها وتبقى متألقة وخضراء نضرة.

ويعمل عباس الملقب بأبي قصي بكل جد ونشاط بأرضه التي ورثها عن أبيه وجده، ويحاول أن يشجع الناس على زراعة الوردة الشامية في قريته المراح بريف دمشق الشمالي (الموطن الأصلي لها)، لتبقى الأرض خضراء ومعطاءة.

انتقلت تلك الوردة إلى العديد من المناطق في العالم بفعل قوافل الحج والحملات الصليبية على بلاد الشام، واستطاع السوريون بإبداعهم أن يستخرجوا منها العديد من المنتجات، منها الزيوت التي يفوق سعر الغرام فيها سعر الذهب.

وتحتفل المراح سنويا بالوردة الشامية عبر مهرجان سنوي يقام فيها من الخامس عشر من مايو وحتى الخامس من يونيو احتفاء بهذه الوردة التراثية التي سُجلت على لائحة التراث غير المادي لمنظمة اليونسكو، والذي يتزامن مع اليوم العالمي للحفاظ على البيئة.

حح

وفي عام 2019، أدرجت منظمة اليونسكو الوردة الشامية ضمن قائمة التراث العالمي الإنساني غير المادي. ويقام في قرية المراح كل عام في شهر مايو، الذي يصادف مطلع موسم جمع الورود، مهرجان وردة الشام تحت شعار “وردة الشام أثمن من الذهب وأطول عمرا من النفط”.

وقال عباس لوكالة الأنباء الصينية “شينخوا”، وهو يرتدي الزي التقليدي لتلك المنطقة، إن “أهالي قريتي يزرعون الوردة الشامية لكونها نبتة لها تاريخ عريق في تلك المنطقة، وتساعد في تثبيت التربة من الانجراف، وتعطي منظرا جميلا”، مؤكدا أن الوردة الشامية تحافظ على البيئة وتنقي الجو من التلوث.

واعتبر الرجل، وهو أب لخمسة أولاد، أن الزراعة هي العمل الأساسي له، مبينا أنه ورث هذه الأرض عن أبيه وجده، وعمل على تجديد النباتات فيها لتبقى نضرة، وتعطيه موسما جيدا.

وتابع “الموسم جيد هذه السنة، وكانت الأمطار أكثر من السنوات الماضية وقمنا بري الوردة”، لافتا إلى أن “تثبيت بئر ماء في القرية لري الأراضي ساهم في تحسين موسم الوردة الشامية هذا العام وأعطى إنتاجا وفيرا”.

وأشار عباس إلى أن كل الشتلات الزراعية للوردة الشامية التي تذهب إلى الخارج تأتي من قرية المراح، مضيفا “نحن مرتبطون بالأرض، ونعمل لتبقى هذه الأرض خضراء”.

وحث عباس المزارعين على العمل على توسيع زراعة الوردة الشامية، لأن هناك مساحات لا تزال غير مزروعة، لافتا إلى أن أرض القرية غنية وتعطي إنتاجا وفيرا في حال تم الاهتمام بها.

وأكد أن “الوردة الشامية هي منتج وطني بالأساس من تراثنا، تراث سوريا، هذه الوردة تم إدراجها باليونسكو وهذه المنطقة هي الأم للوردة الشامية”. وأضاف “نحن نورث أبناءنا منذ الصغر هذه الأرض وحب الوردة الشامية، نحن مولعون بهذه النبتة ومرتبطون بها”، مؤكدا أن أولاده يوم العطلة من الجامعة يأتون للعمل في الأرض بغية مساعدته.

حح

وأوضح عباس أن أولاده متمسكون بالأرض ويحاولون تعلم كيفية رعاية نبتة الوردة الشامية. وبيّن أن إنتاج الوردة الشامية يتم تسويقه محليا عبر بيع الورد من أجل صناعة المربى أو صنع شراب الورد.

ومن جانبه، قال المهندس رائد حمزة مدير المركز الوطني للسياسات الزراعية بوزارة الزراعة السورية، إن “أي نبات أخضر هو مفيد للبيئة، والوردة الشامية أو الدمشقية هي من النباتات التي تسهم في الحفاظ على البيئة، إنها صديقة البيئة”.

وأكد حمزة أن هذه الوردة بالإضافة إلى فوائدها البيئية فهي تعطي منظرا جماليا. وأضاف “هذه الوردة غير مستهلكة للمياه، ونشجع الناس على زراعتها لعدة عوامل بيئية وجمالية وصحية”.

وأشار إلى أن الوردة الشامية من الناحية الاقتصادية تشكل مصدر دخل لمن يزرعها، والخلاصات العطرية التي تخرج منها تستخدم في صناعة العطور، وهي أيضا ذات مردود مادي عال جدا. يذكر أن يوم البيئة العالمي يتم الاحتفال به في الخامس من يونيو من كل عام، وهو احتفال عالمي للتوعية العامة وكيفية الحفاظ على نظامنا البيئي.

18