الوجبات الشعبية تسيل لعاب السياح في مراكش

عادت ساحة جامع الفنا في مراكش إلى سالف نشاطها الساحر، وعاد إليها السياح الذين لا يقاومون رائحة المشاوي والطعام الشعبي المغربي التي تجرهم إلى أكشاك الأكل في الهواء الطلق قبل المتعة بالعروض التراثية المختلفة.
مراكش (المغرب) - عادت الجلبة والازدحام إلى أزقة أحياء مراكش العتيقة ومختلف معالمها التاريخية، فضلا عن ساحة جامع الفنا التي تنتشر فيها مطاعم عادت لتقدم 10 آلاف وجبة في اليوم. ويقوم باعة الطعام في الشارع بطهي الأطباق المغربية التقليدية لتقديمها إلى السائحين الذين عادوا إلى المغرب بعد الأزمة التي سببتها جائحة كورونا وما تبعها من إغلاق الحدود.
وتمتلئ ساحة جامع الفنا الشهيرة في مراكش بالزوار الأجانب والمحليين. وتشتهر بأكشاك طعام الشوارع، أكثر من 60 منها يطبخ فيها الباعة رؤوس الأغنام ولحم البقر في قدور كبيرة.
ويقول أماني سعيد الذي يمتلك مطعما في هذا المكان “في الصباح نذهب إلى المسلخ، ونشتري كل ما نحتاجه، نقوم بطهي جميع الوجبات، وخاصة الطنجية، بمجرد طهيها نضعها في أواني الطنجية الخزفية للحفاظ عليها ساخنة. سرّنا في الطعام هو أننا نطبخه جيدًا ونحافظ عليه نظيفًا ونضيف إليه البهارات”. ويعد طبق الطنجية الأكثر مبيعا، وهو طبق سمي على اسم وعاء تيراكوتا الصيني الذي يتم طهيه فيه.
وعادة ما تحضر الطنجية من لحم البقر والليمون المسكر والثوم والزعفران والكمون وزيت الزيتون. ثم توضع في القدر وتُطهى ببطء شديد في رماد فرن الحطب. ويمكن للزبائن بعد ذلك الاستمتاع بالطبق الشهير المصحوب بالخبز المنزلي والزيتون والخضروات.
يقول حسن زرولي الذي يملك أحد أكشاك الطعام “الطنجية هي تخصص مراكشي. اللحوم هي المكون الرئيسي الذي يأتي مع مكونات أخرى، وهناك أيضًا رؤوس البقر والأغنام، لذلك تشتهر هذه الساحة بأنواعها المختلفة وخاصة الأطعمة الشعبية”. ولا يوجد في هذه الساحة الطعام فقط، بل هناك الكثير من أكشاك العصائر التي تقدم تشكيلة واسعة ومتنوعة.
ويؤكد بائع العصائر عبدالصمد غموم أن الطلب على العصائر مرتفع للغاية، ويضيف “اعتدنا تقديم عصير البرتقال فقط ولكن الآن هناك العديد من الأنواع، مثل عصير الفاكهة وعصير الأناناس وغيرها (..) الناس يشعرون بالعطش عندما يزورون الساحة ويتجولون لذلك يأتون إلى هنا لشرب بعض العصير”.
وتوفر أكشاك الساحة وجبات خفيفة أخرى كالحلزون الذي يفضله عقيل القادم من فرنسا. وتنشط الحركة في الليل، حيث تضيء الأكشاك أضواءها وتتحضر لتقديم وجبات العشاء.
وتستمتع كارولين السائحة من المملكة المتحدة بالطعام المغربي بقدر ما تستمتع بالمشاهد. وتفضل كما تقول أكلة الطاجين التي تحظى بشعبية كبيرة.
وأكل الشارع يلبي جميع متطلبات وأذواق السائحين والزوار، فإلى جانب الطاجين تقدم المطاعم قائمة غنية من الطعام كالسمك المشوي والمقلي والكسكسي، وبأسعار تناسب جميع الميزانيات، ويتراوح سعر الوجبة من 2 يورو (2 دولار) إلى 25 يورو (24 دولارًا). وتلعب هذه الساحة دورًا رئيسيًا في جذب السياح الذين يزورون مراكش.
وقال المروض سعيد مراقصا أفاعيه بمزماره التقليدي في عروض فولكلورية تجذب حوله السياح “كأنني أتنفس من جديد، يا لها من سعادة العودة إلى الساحة بعد أشهر كورونا القاسية”، ثم يواصل مراقصة أفعى على أنغام موسيقى “الغيطة” الشعبية في بلدان المغرب العربي.
وعبرت مغتربة مغربية عن سعادتها بالتواجد في ساحة جامع الفناء ومشاهدة تواجد عدد كبير من الزوار يتجولون في أرجائها ومنهم المغاربة المقيمون بالخارج وبعض السياح الأجانب، وعودة الحركة التجارية، وعن ابتهاجها بعودة الحلقات التي تضفي صبغة خاصة ومتميزة على المشهد التراثي والثقافي للساحة.
ولفضاء ساحة جامع الفنا رمزية ومكانة كبرى في الثقافة المغربية وحتى العالمية، فقد ألهمت الساحة بفنونها وعروضها العديد من الكتاب العالميين الكبار أمثال خوان غويتيسولو، كما شكل هذا التراث اللامادي المغربي مصدر إلهام للعديد من الشعراء والفنانين المسرحيين والموسيقيين كما صنفته اليونسكو تراثا شفويا للإنسانية.
ويصف مؤرخون مغاربة هذه الساحة بأنها أكبر خشبة مسرح استعراضي حيث يصوغ الممثلون حكاياتهم بطريقة عفوية، ويجسّدونها بشكل هزلي، ويقبل عليها الجمهور بتلقائية.