الواجهات العشائرية بالأردن في مهب قانون أملاك الدولة

وزير المالية الأردني يقول إن تعديلات القانون لا تمنح أو تمنع إجراء أي تسوية سواء ما يتعلق بالواجهات العشائرية أو تصويب أوضاع المساكن على أراضي الدولة.
الاثنين 2021/02/08
قوانين وقرارات متتالية تثير هواجس العشائر

عمان - يثير قانون أملاك الدولة الذي أقره مجلس النواب الأردني بانتظار المصادقة عليه من قبل مجلس الأعيان، انتقادات واسعة في المملكة بين من يعتبرونه استهدافا جديدا للعشائر، ومن يرون فيه حماية للمتنفذين.

ويستهدف مشروع القانون الذي يحل محل القانون الحالي الذي جرى إقراره في عام 1961، تشديد الرقابة على أراضي وأملاك الدولة، وفرض عقوبات على المتجاوزين، وإلزامهم بإزالة الاعتداءات وفق إجراءات محددة.

وكان النائب المخضرم عبدالكريم الدغمي، في مقدمة الرافضين للقانون إذ اعتبر أن الهدف منه حماية المتنفذين، وأنه جاء للصغار وليس للكبار، لافتا إلى وجود أطراف تستأجر أراضي الخزينة لمتنفذين بأسعار رمزية لغاية استخدامها بالطاقة الشمسية.

ولفت النائب فواز الزعبي إلى أن متنفذين ومنهم من جلس في مكان الحكومة، استولوا على 50 وحدة أرض زراعية في الأغوار وسجلوها باسم أحفادهم وأقاربهم، متسائلا عن عدم محاسبتهم بأثر رجعي.

وأكد الزعبي على أن صاحب الولاية في النهاية هو مجلس الوزراء الذي يعطي من يريد ويأخذ ممن يريد، متسائلا عن عدم إعطاء الفقراء حقوقهم وملكيتهم للأراضي التي يسكنون عليها، ومشيرا إلى أن هناك فسادا كبيرا في أملاك الدولة، وأن هناك قطعتي أرض في مأدبا (وسط) يعتدي عليها شخص واحد ولم تستطع الحكومة تحصيلها منه.

من جهته حذر النائب صالح العرموطي من أن المشروع يمكن أن يؤثر على السلم الأهلي، واصفا إياه بـ”الخطير جدا”.

وأوضح الزعبي أنه في ظل هذا القانون لا يوجد أي نص يمنح مجلس الوزراء إجراء تسوية مع المواطنين، وأن القانون لا يصلح في الوقت الحالي حتى انتهاء كل التسويات، وأنه مع ردّ القانون كونه يشكل خطورة مع المواطنين.

ويعتقد الكثيرون أن هذا القانون من شأنه أن يؤثر على تسوية ملف الواجهات العشائرية، التي تطفو في كل مرة إلى السطح دون أن يتم إيجاد تسوية لها.

شباب العشائر يطالبون بتمكينهم من أراض لتوفير مواطن شغل، ولحل أزمة الإسكان، معتبرين أن لهم حقوقا تاريخية فيها

وقال النائب علي الخلايلة إن مشروع قانون المحافظة على أملاك الدولة ضد العشائر الأردنية. وشدد على أن العشائر جاءت قبل نشوء الدولة الأردنية، محذرا من خطورته.

وبدأت قضية الواجهات العشائرية تطل برأسها في السنوات الأخيرة، منغصة العلاقة بين السلطة التنفيذية والعشائر الذين يطالبون بضرورة تسوية وضعية أراض شاسعة من المملكة لفائدتهم.

وكثيرا من شهدت بعض محافظات المملكة مسيرات احتجاجية تطالب بتمكين شباب العشائر من تلك الأراضي، لتوفير مواطن شغل، وأيضا لحل أزمة الإسكان المتنامية، مستندين في الدفاع عن مشروعية مطالبهم بالحق التاريخي للعشائر في تلك الأراضي.

وكانت أراضي المملكة موزعة بين العشائر خلال الحكم العثماني، وقبل قيام إمارة شرق الأردن وبعد نشوء الإمارة اعترفت السلطة القائمة حينها بحق العشائر في تلك التقسيمات الوجاهية بشكل مبدئي، وخصوصا لمن قام بتسجيل تلك الأراضي بشكل قانوني.

وعلى مدى العقود الماضية استعادت الدولة ملكيتها لجزء كبير من الأراضي، لكن المسألة ظلت محل أخذ ورد، قبل أن تتخذ بعدا جديدا في السنوات الأخيرة.

وتخشى العشائر من أن يؤدي القانون الجديد للحفاظ على أملاك الدولة إلى عرقلة فرص تسوية هذا الملف.

وتدافع الحكومة عن جدوى إقرار القانون، وأكد وزير المالية محمد العسعس أن الغاية من المشروع هي الحفاظ على أراضي الخزينة للأجيال القادمة، والتي تشكل 65 في المئة من أراضي المملكة، مشيرا إلى أن القانون الحالي أقرّ قبل ستين عاما عندما كان سكان الأردن نحو مليون نسمة، وكانت قيمة الدينار أكبر مما هي عليه حاليا.

ويوضح العسعس أن تعديلات القانون لا تمنح أو تمنع إجراء أي تسوية سواء ما يتعلق بالواجهات العشائرية أو تصويب أوضاع المساكن على أراضي الدولة.

ويقول إن “العقوبات الموجودة في القانون الأصلي غير رادعة، ولا يعقل أن تكون العقوبة في 2021، تتراوح بين 20 و100 دينار. وقد تم تحديث هذه الأمور لتحقيق غاية الردع للحفاظ على أملاك الدولة”.

ويفرض القانون الجديد عقوبة سجنية تصل إلى ستة أشهر أو دفع غرامة مالية لا تقل عن ألف دينار، لكل من أقام منشآت ومباني على أملاك الدولة.

ولا تبدو حجج الحكومة مقنعة بالنسبة للكثيرين الذين يعتبرون أنه غير منصف، وينطوي على بنود مثيرة للقلق وتحتاج إعادة النظر فيها.

2