الهروب من بوكو حرام لا يكفي

الفارون من التمرد الإسلامي شمال نيجيريا يعيشون ظروفا صعبة في المخيمات.
الجمعة 2022/07/29
النساء أكثر الفئات تضررا من الحرب في نيجيريا

يعاني الآلاف من النازحين في ولاية بورنو شمال نيجيريا ظروفا قاسية، لكن رغم ذلك لا يفكرون في العودة رغم حديث عن تحسن الأوضاع الأمنية بسبب تدمير جماعة بوكو حرام المتشددة لممتلكاتهم وسط مخاوف من إعادتهم قسرا.

أبوجا – يعيش الفارون من الحرب وإرهاب جماعة بوكو حرام المتشددة في ولاية بورنو شمال نيجيريا ظروفا قاسية، لكن رغم ذلك لا يفكرون في العودة رغم حديث عن تحسن الأوضاع الأمنية بسبب تدمير التمرد الإسلامي لممتلكاتهم.

ويخشى عدد من النازحين أن يتم طردهم من المخيمات في ظل مستقبل يلفه الغموض.

وعندما اكتشفت عائشة أنها ستُطرد من مخيم النازحين الذي تقيم به في شمال شرق نيجيريا ساورها كثير من الخوف والقلق، والشيء الوحيد الذي كانت متأكدة منه هو أنها لا تستطيع العودة إلى منزلها في المدينة التي دمرها مسلحو بوكو حرام قبل خمس سنوات.

وكانت المراهقة البالغة من العمر 15 عاما واحدة من ملايين الأشخاص الذين نزحوا من منازلهم إلى مخيمات بسبب التمرد الإسلامي الذي أودى بحياة ما يقرب من 350 ألف شخص. ويعدّ مستقبل الكثيرين منهم الآن غير مؤكد مع إغلاق السلطات المحلية للمستوطنات المؤقتة.

الخبراء يحذرون من أن سكان المخيم السابقين معرضون بشدة لخطر الاستغلال في العمل والتشرد والفقر المدقع

وقالت عائشة، التي طلبت استخدام اسم مستعار لحماية هويتها “ما الذي سأعود إلى الوطن للقائه؟ دمر مسلحو بوكو حرام منازلنا ومدارسنا ومزارعنا وأسواقنا. لم تعد لدينا منازل نعود إليها”.

وانفصلت عائشة عن والدتها عندما داهم المسلحون بلدتها باغا في ولاية بورنو الشمالية الشرقية ولم تعد على اتصال بها منذ ذلك الحين. ووصلت إلى مخيم قرية المعلمين في مايدوغوري مع عدد من جيرانها.

وأصبح هذا المخيم موطنا من نوع ما لعائشة وأكثر من 30 ألف نازح داخلي آخر رغم المصاعب فيه. لذلك، واجهت عائشة حالة من الضياع منذ أن أغلقته حكومة ولاية بورنو في يناير على أساس تحسن الوضع الأمني في بؤر الصراع الساخنة.

ويواجه ما لا يقل عن 100 ألف نازح حول مايدوغوري عمليات إخلاء، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. لكن جماعات الإغاثة تقول إن معظم العائلات غير مستعدة للعودة إلى أراضي أجدادها، خاصة في الأجزاء الشمالية من بورنو، التي تعتبرها غير آمنة.

وقالت سالومي غامبو من مبادرة كابريكون للتنمية والسلام إن “مستقبل النازحين داخليا غير مؤكد. حيث أن السلطات تقطع الدعم الذي يحتاجونه بالسماح لهم بالعودة إلى مناطق الخطر”.

اضطهاد العمال

◙ إذا رأوك مستريحا أو حتى واقفا دون عمل، فسوف يقتطعون من أجرتك أو يقررون ألا يدفعوا لك على الإطلاق
◙ إذا رأوك مستريحا أو حتى واقفا دون عمل، فسوف يقتطعون من أجرتك أو يقررون ألا يدفعوا لك على الإطلاق

وأشارت مشرفة المشروع، التي تدعم مؤسستها الخيرية ضحايا الإساءة والاتجار في مخيمات النازحين، إلى غياب “خطة ملموسة معمول بها. وأخشى أن تصبح الأمور أسوأ بالنسبة إلى النازحين في بلداتهم الأصلية مما كانت عليه أثناء وجودهم في المخيمات في مايدوغوري”.

وأكدت عدم استشارة السكان بشأن إغلاق المخيمات قبل الإعلان، وترى أن على السلطات المحلية وقف عمليات الإخلاء حتى يتمكن السكان من الاستعداد للانتقال إلى مدنهم الأصلية أو أي مكان آخر.

يحذر الخبراء من أن سكان المخيم السابقين معرضون بشدة لخطر الاستغلال في العمل والتشرد والفقر المدقع بعد أن انقطع عنهم فجأة دعم الحكومة ووكالات الإغاثة الإنسانية.

ووجدت عائشة بعد مغادرة مايدوغوري عملا وسكنا في مزرعة بالقرب من مدينة غومبي الشمالية الشرقية، لكن ظروف العمل كانت قاسية. وجنت المراهقة ما لا يقل عن 400 نيرة نيجيرية (0.96 دولار) من العمل لمدة 10 ساعات في اليوم دون فترات راحة.

وقالت عائشة، التي هربت من المزرعة في وقت مبكر من صباح أحد الأيام إلى مخيم غير رسمي بالقرب من العاصمة أبوجا “إذا رأوك مستريحا أو حتى واقفا دون عمل، فسوف يقتطعون من أجرتك أو يقررون ألا يدفعوا لك على الإطلاق”.

وقالت فتاة مراهقة أخرى تعيش في أحد مخيمات أبوجا المكتظة إنها مرت بتجربة مماثلة في مزرعة طماطم بالقرب من مدينة كادونا.

وذكرت الفتاة البالغة من العمر 17 سنة، والتي طلبت عدم الكشف عن اسمها، إنها كانت محصورة في غرفة صغيرة دون مرتبة مع ست فتيات أخريات يعملن في المزرعة. وأضافت أنهن تعرضن في كثير من الأحيان للضرب والحرمان من الطعام.

وقالت لمؤسسة تومسون رويترز “يحبسونك في غرفة دون طعام أو ماء في بعض الأحيان”.

جماعات الإغاثة تقول إن معظم العائلات غير مستعدة للعودة إلى أراضي أجدادها، خاصة في الأجزاء الشمالية من بورنو، التي تعتبرها غير آمنة

وعرضت حكومة ولاية بورنو على النازحين ما يصل إلى 100 ألف نيرة نقدا عند مغادرتهم المخيمات، لكن الكثيرين يقولون إن ذلك لا يكفي لمساعدتهم على المضي قدما في حياتهم.

وسُجل أكثر من 59 مليون نازح داخليا على مستوى العالم العام الماضي. ويشكل أولئك الموجودون في أفريقيا جنوب الصحراء ما يقرب من 80 في المئة من جميع حالات النزوح الناجمة عن الصراع، وفقا لمركز رصد النزوح الداخلي. وكان حوالي 3.2 مليون من الذين نزحوا بسبب العنف في نيجيريا.

العودة القسرية؟

رغم تحذير الأمم المتحدة في يونيو من أن متمردي بوكو حرام لا يزالون يشكلون تهديدا، تقول سلطات ولاية بورنو إن مخيمات مايدوغوري لم تعد ضرورية بسبب التحسن في الوضع الأمني، وإنها أصبحت بؤرة لتهريب المخدرات والدعارة.

وقال محمد إبراهيم المسؤول في وزارة الإعمار والتأهيل وإعادة التوطين في بورنو “يمتلك الكثير من هؤلاء النازحين أراضيَ زراعية في قراهم. وسيكونون قادرين على زراعة تلك الأراضي وعيش حياة طبيعية إذا عادوا إلى ديارهم. أما إذا بقوا في مخيمات في مايدوغوري، فسيظلون عاطلين وسيواصلون الاعتماد على المساعدات الإنسانية التي لا تساعدهم على المضي قدما”، لكنه أضاف أنه لن يُجبر أحد على العودة إلى دياره.

وحذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الشهر الماضي من أن مساعدة النازحين أصبحت أكثر إلحاحا، حيث أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية المرتبط بحرب أوكرانيا وتأثيرات تغير المناخ يزيد من مخاطر الجوع الجماعي في شمال شرق نيجيريا.

وفي مخيم آخر للنازحين في أبوجا، قال سعيد مصطفى عمر، الذي انتقل إلى قرية المعلمين بعد فراره من بلدة كوندوغا الشمالية قبل خمس سنوات، إنه يخشى أن يضطر إلى الانتقال مرة أخرى قريبا.

وذكر أن المخيم الذي يعيش فيه يقع على أرض خاصة، ويمكن لأصحابها أن يقرروا إخلاء السكان في أي وقت.

وتابع عمر، الذي أطلق عليه اللصوص النار مؤخرا وسرقوا محتويات المتجر الصغير الذي كان يديره من خيمته “لا نعرف حتى إلى أين سنذهب إذا قرر أولئك الذين يمتلكون الأرض التي بُني عليها هذا المخيم طردنا. لم يكن هذا ليحدث لو لم تتركنا حكومة ولاية بورنو في عجز كبير”.

6