الهدوء يخيم على بيت لحم في عيد الميلاد

الاحتفال هذا العام اقتصر على الطقوس الدينية، حيث تم تنظيم قداس منتصف الليل في الكنيسة بحضور بطريرك القدس للاتين، بيير باتيستا بيتسبالا.
الأربعاء 2024/12/25
بطعم الحزن

يعم الهدوء أجواء عيد الميلاد في بيت لحم بسبب الحرب المفروضة على الفلسطينيين والحصار الإسرائيلي، ما حرم المسيحيين والمسلمين من أجواء الفرح التي اعتادوا عليها في المدينة، حيث كانت تجذب السياح من مختلف أنحاء العالم، ولكن هذا العام تبدو الأجواء مختلفة تماما.

بيت لحم (الأراضي الفلسطينية) - منذ صباح الثلاثاء، بدأ مسيحيو بيت لحم والعشرات من الحجاج الأجانب الصلاة في كنيسة المهد، التي بدت وساحاتها شبه خالية، بعد أن كانت في مثل هذا اليوم من كل عام تعج بالسياح والحجاج القادمين من مختلف أنحاء العالم.

انتشرت قوات الأمن الفلسطينية في محيط الكنيسة، التي يعتقد المسيحيون أنها موقع ولادة يسوع المسيح، وسط أجواء من الحزن بسبب الحرب في قطاع غزة. كانت الكنيسة ذات الجدران البيضاء وساحتها المحيطة خالية تقريبا، باستثناء بعض بائعي القهوة والذرة وعدد كبير من الصحافيين.

عادة ما تضاء شجرة عيد الميلاد الضخمة في ساحة المهد، ولكن هذا العام، للعام الثاني على التوالي، تم اتخاذ قرار بعدم إقامة احتفالات كبيرة. وقال رئيس بلدية بيت لحم أنطوان سلمان “هذا العام قلصنا طقوس الفرح، نريد التركيز على الواقع الفلسطيني وإظهار للعالم أن فلسطين لا تزال تعاني من الاحتلال الإسرائيلي والظلم.” وأضاف “عيد الميلاد هو عيد الإيمان… نصلي ونطلب من الرب أن ينهي معاناتنا.”

وقد اقتصر الاحتفال هذا العام على الطقوس الدينية، حيث تم تنظيم قداس منتصف الليل في الكنيسة بحضور بطريرك القدس للاتين، بيير باتيستا بيتسبالا.

قال بطريرك القدس إن مدينة بيت لحم تحتفل هذا العام بـ”ميلاد حزين” بسبب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، الذي “يعيش كارثة الكوارث”. وأضاف في كلمة أمام حشد من المسيحيين في ساحة كنيسة المهد في بيت لحم، جنوب الضفة الغربية المحتلة، “عندما دخلت إلى بيت لحم لاحظت أن المحال مغلقة، هذا الميلاد حزين.”

هه

وخاطب بيتسبالا مسيحيي العالم بمناسبة عيد الميلاد المجيد قائلا “لكل المسيحيين، لا تخافوا، نحن بانتظاركم لأننا لا نخاف أبدا. تشجعوا، لا تخافوا.” وأضاف “بيت لحم اليوم بلا زينة ميلاد وبلا إنارة، لكننا نحن النور. نريد أن نرى في العام القادم أكبر شجرة ميلاد في العالم.”

وفي الوقت الذي يتقاطر فيه عادة الآلاف من السياح إلى ساحة كنيسة المهد في هذا الوقت من السنة، كانت الكنيسة فارغة تماما مثل ساحتها، ولم تُسمَع سوى ترانيم الرهبان الأرمن أمام المغارة التي ولد فيها يسوع المسيح، وفقا للإنجيل.

وقد توقفت زيارات السياح الأجانب إلى بيت لحم بشكل شبه كامل، ليس بسبب الحرب فقط، بل أيضا بسبب زيادة القيود المفروضة على الحركة، حيث تمنع نقاط التفتيش التابعة للجيش الإسرائيلي الكثير من الفلسطينيين من زيارة المدينة.

قال حارس الكنيسة محمد صبح “في مثل هذا اليوم، عادة ما نجد ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف شخص داخل الكنيسة.” وأضاف “المسيحيون في مدينة رام الله، التي تبعد 22 كيلومترا عن بيت لحم والقريبة من القدس، لا يستطيعون المجيء بسبب نقاط التفتيش، ويعاملنا الجنود الإسرائيليون بشكل سيئ، وهو أمر خطير ويسبب اختناقات مرورية طويلة.”

أمام مبنى بلدية المدينة ومركز السلام، ينتظر بائعو القهوة الزبائن، ولكن دون جدوى. وقال محمد عوض (57 عاما)، الذي يبيع القهوة منذ أكثر من 25 عاما قرب مسجد عمر بن الخطاب المقابل للكنيسة، “كان العمل جيدا قبل الحرب، لكن اليوم لا يوجد أحد.” وأضاف “آمل أن تنتهي الحرب في غزة قريبا ويعود السياح.”

خهخ

فيما كانت معظم الشوارع هادئة، تمكن عدد قليل من السياح من الوصول. وقالت كريستيانا فون دير تان، وهي ألمانية وصلت مع زوجها وابنتهما الصحافية إلى تل أبيب، “من المحزن أن هناك عددا قليلا جدا من الناس”، مضيفة أن هذا العدد القليل “يتيح لها الوصول إلى كنيسة المهد والدخول بحرية… وهذه ميزة.” وتابعت “لكن هذا محزن جدا، من المحزن أنهم لا يستطيعون بيع بضائعهم، هذا وقت صعب حقا بالنسبة لهم.”

من جانبها، قالت سعاد حنظل (55 عاما)، وهي مرشدة سياحية من بيت لحم، “المدينة لها خصوصية كبيرة في عيد الميلاد وفي الأراضي المقدسة، فقد وُلد المسيح هنا.” وأشارت إلى أن “الوضع سيئ جدا في الوقت الحالي، لأن اقتصاد المدينة يعتمد على السياحة.”

قال جوزيف جقمان، صاحب محلات في بيت لحم الواقعة مباشرة عند ساحة المهد، إنه يفتح متجره حاليا مرة أو مرتين فقط في الأسبوع “لتنظيفه” بسبب قلة الزبائن. ومن جانبه، شكا عبود، صاحب متجر آخر للهدايا التذكارية، من أن “العديد من العائلات فقدت أعمالها بسبب غياب السياح.”

أما كريستيانا فون دير تان فقد ذكرت “في الليلة الماضية كان هناك هجوم صاروخي في تل أبيب وكان الأمر مرعبا بعض الشيء.” وأضافت “كان علينا أن نذهب إلى الملجأ، وكانت تجربة خاصة، لا يمكن أن تنسى عندما تكون في بلد في حالة حرب.”

حح

18