الهجمات الإسرائيلية تعرقل وصول أسلحة إيرانية إلى حزب الله عبر سوريا

استهداف مركّز للمطارات السورية لتعطيل خطوط الإمداد الجوي.
الأحد 2022/09/04
الاستهداف المركز لمحيط دمشق يهدف إلى تدمير الأسلحة الإيرانية

الهجمات الإسرائيلية زادت وتيرتها في الأسابيع الأخيرة وخاصة في استهداف المطارات السورية، في وقت تقول فيه تقارير إن الهدف هو منع إيران من نقل أسلحة إلى حلفائها في سوريا وخاصة حزب الله عبر هذه المطارات، وهو ما تعتبره إسرائيل خطرا على أمنها القومي.

عمان - قالت مصادر دبلوماسية ومخابراتية في المنطقة لرويترز إن إسرائيل كثفت ضرباتها على المطارات السورية بهدف تعطيل خطوط الإمداد الجوي التي تستخدمها طهران على نحو متزايد لتوصيل الأسلحة لحلفائها في سوريا ولبنان، ومن بينهم حزب الله.

وتستخدم طهران النقل الجوي باعتباره وسيلة يمكن الاعتماد عليها بقدر أكبر من الثقة في نقل المعدات العسكرية لقواتها والمقاتلين المتحالفين معها في سوريا، بعد اضطراب حركة النقل بطريق البر.

وقالت المصادر الدبلوماسية والمخابراتية إن إسرائيل ترى منذ زمن طويل في ترسيخ عدوتها اللدود إيران لأقدامها في سوريا تهديدا لأمنها القومي، وإنها توسع نطاق ضرباتها لتعطيل الوسيلة الجديدة لنقل الأسلحة.

وفي تصريحات لرويترز، أشار قائد عسكري مطلع على الأمر في تحالف إقليمي مدعوم من إيران إلى أن أحدث الضربات ليل الأربعاء الماضي ألحقت أضرارا بمطار حلب قبل قليل من وصول طائرة قادمة من إيران.

وقالت الحكومة إن إسرائيل شنت أيضا هجوما على مطار دمشق مما ألحق أضرارا بالمعدات في ثاني هجوم من نوعه منذ يونيو عندما تسببت ضربات إسرائيلية للممر في خروجه من الخدمة لمدة أسبوعين.

وقال مصدر مخابراتي غربي إن الضربة استهدفت أيضا منع وصول طائرة شحن.

ورفض متحدث باسم الجيش الإسرائيلي التعليق على التقارير.

إسرائيل تقصف مصالح إيران بدقة شديدة
إسرائيل تقصف مصالح إيران بدقة شديدة

وتشن إسرائيل هجمات على سوريا منذ سنوات تستهدف ما تصفها بأنها قوات إيرانية وقوات مدعومة من إيران نُشرت في البلاد خلال الحرب المستمرة منذ 11 عاما.

وقال رام بن باراك رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست إن هدف إسرائيل في سوريا هو منع تنفيذ خطة إيران الرامية إلى “إقامة جبهة أخرى ضد إسرائيل في سوريا وتعزيز قدرات حزب الله في لبنان”.

وأضاف في مقابلة مع إذاعة “102 إف.إم” في تل أبيب أن إسرائيل “تمكنت من إحباط هذه الخطة بطرق مختلفة”.

وفي رد فعل على الضربات الجوية الإسرائيلية يوم الأربعاء، قال وزير الخارجية السوري إن إسرائيل “تلعب بالنار” وتهدد الأمن في المنطقة.

وقال مصدر دبلوماسي في المنطقة إن هذه الضربات علامة ومؤشر على تحول في الأهداف الإسرائيلية. وأضاف “بدأوا في ضرب البنية التحتية التي يستخدمها الإيرانيون في إمدادات الذخائر للبنان”.

ومضى المصدر قائلا “في السابق كان الهدف يتمثل في الإمدادات فحسب وليس المطار. والآن يقصفون الممر”.

إسرائيل ترى منذ زمن طويل أن ترسيخ عدوتها اللدود إيران لأقدامها في سوريا يمثل تهديدا لأمنها القومي وإنها توسع نطاق ضرباتها لتعطيل الوسيلة الجديدة لنقل الأسلحة

وقال مصدر مخابراتي غربي يعمل في المنطقة ومنشق عن الجيش السوري على دراية بأهداف الضربات إن الدافع وراء هذا التحول هو استخدام إيران المتزايد لشركات الطيران التجارية في نقل الأسلحة إلى المطارين السوريين الرئيسيين بدلا من النقل البري.

وقال المصدر المخابراتي إن معلومات المخابرات الإسرائيلية أشارت إلى “استخدام المزيد من الرحلات” في نقل الأسلحة ونقل قطع العتاد العسكري الصغيرة التي “يمكن تهريبها في الرحلات الجوية المنتظمة من طهران”.

وفي عام 2019 فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة ماهان إير بسبب نقل أسلحة وأفراد للقوات الإيرانية في سوريا.

وقال المصدر المنشق عن الجيش السوري إن مثل هذا العتاد يشتمل في العادة على المكونات الصغيرة للطائرات المسيرة، وأجزاء الصواريخ دقيقة التوجيه، ومعدات الرؤية الليلية التي من السهل “وضعها في صندوق من الورق المقوى في طائرة مدنية”.

وأضاف أن عمليات النقل البري عبر العراق وسوريا إلى لبنان صارت أقل جاذبية منذ ظهور الشقاقات الداخلية والصراعات على النفوذ على طول الحدود العراقية – السورية التي تتمركز فيها فصائل عراقية مسلحة مدعومة من إيران، في ما يعطل النقل عبر الحدود.

نوار شعبان: عندما ننظر إلى المناطق التي تتعرض للقصف فإننا نستنتج أن وجود إيران تمدد بشكل أكبر

ومضى قائلا إن إيران وحلفاءها بدأوا في الاعتماد بصورة متزايدة على مطار حلب لنقل الأسلحة بعدما قصفت إسرائيل مطار دمشق في يونيو.

وقال نوار شعبان وهو محلل في مركز عمران للدراسات الإستراتيجية الذي يركز أبحاثه على سوريا، إن الضربات تقدم أدلة على الأماكن التي تعمق فيها إيران الآن تمركزها في سوريا.

وأضاف أن الضربات التي كانت تتركز قبل سنوات على مناطق حول دمشق ومناطق عسكرية في شمال غرب سوريا امتدت الآن إلى حلب، بل والمناطق الساحلية، مما يسلط الضوء على المناطق التي ترى فيها إسرائيل تهديدا إستراتيجيا لها.

وأوضح شعبان “الشيء الخطير يتمثل في أننا عندما ننظر إلى هذه المناطق التي تتعرض للقصف فإننا نستنتج أن وجود إيران تمدد بشكل أكبر”.

وقال “في كل مرة نرى ضربة في منطقة جديدة يكون رد الفعل يا إلهي، إسرائيل ضربت هناك. لكن ما يجب أن نقوله هو يا إلهي، إيران وصلت إلى هناك”.

ونادراً ما تؤكد إسرائيل تنفيذ هذه الضربات، إلا أنها تكرّر أنها ستواصل تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.

وتعهدت إسرائيل مراراً بمواصلة عملياتها في سوريا حتى انسحاب إيران منها.

وكتب رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق ورئيس معهد الدراسات الأمنية آموس يالدين على تويتر أن إسرائيل توّجه من خلال الضربات رسالة إلى سوريا مفادها أن “الثمن سيكون باهظاً لإطلاقكم أيدي الإيرانيين” في سوريا.

ولاحظ مراقبون أن إسرائيل كثفت هجماتها في الفترة الأخيرة وذلك بسبب سحب روسيا لجزء كبير من معداتها للمشاركة في حرب أوكرانيا، وهو وضع استغلته الميليشيات الحليفة لإيران لتوسيع نشاطها في سوريا وزيادة فرص حصولها على الأسلحة.

ميليشيات إيران بدأت في الاعتماد بصورة متزايدة على مطار حلب لنقل الأسلحة بعدما قصفت إسرائيل مطار دمشق
ميليشيات إيران بدأت في الاعتماد بصورة متزايدة على مطار حلب لنقل الأسلحة بعدما قصفت إسرائيل مطار دمشق

وترى إسرائيل أن الانسحاب الروسي من سوريا فرصة وتهديد في الوقت نفسه، ففي عام 2018 نفذت مقاتلات إسرائيلية غارة جوية على محافظة اللاذقية شمال غربي سوريا، ما أدى إلى ضرب طائرة روسية كانت تحلق في المنطقة من قبل أنظمة الدفاع الجوي لدى النظام السوري، وهو ما تسبب في أزمة كبيرة بين روسيا وإسرائيل، قبل احتوائها.

وصرّح المسؤولون الإسرائيليون مرارا بأنهم لا يردون على الوجود العسكري الإيراني في سوريا بالشكل الكافي تجنبا لضرب طائرات أو وحدات عسكرية روسية عن طريق الخطأ.

وأدى عدم وجود الوحدات الروسية التي لطالما شاركت عناصر النظام السوري في هجماتها الجوية والبرية بجبهات القتال إلى راحة نفسية لدى إسرائيل في هجماتها التي تستهدف العناصر الإيرانية.

وفي الثاني عشر والسابع والعشرين من أبريل الماضي شنت إسرائيل هجمات جوية بالقرب من العاصمة دمشق أدت إلى مقتل أربعة جنود من قوات النظام السوري، حيث كانت الهجمات تستهدف في الأساس الميليشيات الإيرانية.

وفي مايو الماضي نفذت إسرائيل هجمات كثيفة على بلدة مصياف غربي حماة، حيث تتواجد الميليشيات الإيرانية، وكان الهدف من الهجمات كسر سيطرة طهران في تلك المنطقة.

6