النهضة تقاضي الصحافيين التونسيين بعد فشلها في توظيفهم

طالب بيان لحركة النهضة بالبت السريع في دعاوى قضائية تختصم فيها صحافيين بتهمة تشويهها. ولجأت النهضة إلى هذا الخيار لإرهاب الصحافيين بعدما باءت محاولاتها في توظيفهم بفشل ذريع.
تونس- طالبت حركة “النهضة” التونسية القضاء بـ”سرعة البت” في دعاوى قضائية تتهم فيها مؤسسات إعلامية بممارسة حملات “تشويه” بحقها، محذرة من تأثير هذه الحملات على الرأي العام.
وقالت “النهضة” “نطالب القضاء بسرعة البت في تلك القضايا لضمان حق الحزب وقيادييه ولحماية أنصاره من خطابات العنف التي تحرض ضده والتي أدت في فترات سابقة إلى الاعتداء عليهم بالعنف وحرق مقرات الحزب”. وجاء ذلك في بيان للحركة، إثر ما اعتبرته “تجديد بعض وسائل الإعلام نشر أخبار زائفة تهدف إلى الإيهام بارتكاب جرائم خطيرة وتشويه حزب حركة النهضة وقيادييها”.
ونشرت صحيفة “الشروق” المحلية، الصادرة عن دار “الأنوار”، الإثنين خبرا بعنوان “بإذن من النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، راشد الغنوشي (رئيس حركة النهضة) وسيد الفرجاني (نائب برلماني عن النهضة) وبوشلاكة (رفيق عبدالسلام قيادي بالحركة وصهر الغنوشي) أمام التحقيق”.
وذكّرت بأنها “تقدمت بشكاية للنيابة العمومية ضد صحيفة الأنوار ومسيريها (القائمين عليها) وتم السماع لممثلها القانوني بصفته شاكيا أمام الفرق (الأمنية) المركزية والفرعية المختصة”.
ووفق الحركة “تتعلق الشكايات بالمقالات الصحافية التي نشرت عبرها صحيفة الأنوار أخبارا زائفة ضد حركة النهضة وقيادييها وبثت عبرها خطاب الكراهية والتحريض ضد التونسيين وأوهمت من خلالها بجرائم خطيرة”.

أميرة محمد: النهضة آخر من يمتلك شرعية ليتحدث عن حرية الصحافة
وفي مارس الماضي نشرت صحيفة “الأنوار” خبرا جاء فيه أن “راشد الغنوشي رئيس الحركة ورئيس مجلس نواب الشعب يمتلك الآلاف من المليارات ويدير شبكات أسلحة قاريّة”.
وحذرت “النهضة” من “إعادة نشر تلك الأخبار الزائفة”، مؤكدة أنها “ستواصل تتبع كل من يقوم بذلك قضائيا، خاصة أن الدعوة إلى الكراهية والتحريض على التمييز مجرّمة طبق أحكام مرسوم (قانون) 116 المنظم لمهنة الصحافة”.
وحاولت النهضة قبل اللجوء إلى القضاء تطويع الصحافيين في تونس لفائدتها تحت يافطة “الخطر المحدق على حرية التعبير”، مستغلة قلق المنظمات الحقوقية العالمية من استهداف حرية الصحافة في تونس.
وسبق للمكتب التنفيذي لحركة النهضة أن عبر في اجتماع عن رفضه “الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون والمدونون خلال أداء مهامهم ومساندتهم في دفاعهم عن حرية التعبير باعتبارها من أهم منجزات دستور ثورة الحرية والكرامة”.
ودعا المكتب الحكومة إلى المسارعة باستكمال تفعيل كل الإجراءات الواردة في الاتفاقيات التي وقعتها مع مختلف الهياكل الممثلة لقطاع الإعلام، وذلك من أجل تعزيز قدرات الإعلاميين في القيام بدورهم الوطني في خدمة القضايا الوطنية.
وباءت محاولات الحركة بالركوب على الحدث وتقديم نفسها كمدافع عن حرية التعبير بالفشل مع تأكيد الصحافيين أنها آخر من يمكنه الحديث عن حرية التعبير في ضوء ما فعلته بالإعلام في العشرية الماضية.
وقالت نائب نقيب الصحافيين التونسيين أميرة محمد إن “الصحافيين ليسوا للتوظيف”، مؤكدة أنهم (الصحافيون) “لم ينسوا كمية الحقد عليهم من ائتلاف الكرامة بمباركة شريكهم في الحكم (حركة النهضة)، ولم ينسوا مشروع تنقيح المرسوم عدد 116 الذي صاغه حزب قلب تونس ثم مرره لائتلاف الكرامة لطرحه في البرلمان.. ولم ينسوا كمية التحريض التي تعرض لها الزملاء في مختلف المؤسسات التي لم تنبطح لهم”.
وأضافت “ذكريات تعيسة من تعامل المنظومة الفاشلة مع الإعلام طيلة 11 سنة ورغم أن الوضع لا يزال اليوم تعيسا للأسف فهذا لا يعني أنكم (حركة النهضة) توظفونه وتظهرون حماة الحريات، أنتم آخر من يمتلك شرعية ليتحدث عن حرية الصحافة وحقوق الصحافيين”.
ولم يسلم الصحافيون منذ عشر سنوات من اعتداءات من أنصار حركة النهضة. وفي الوقت الذي تخلّصت فيه الصحافة من رقابة السلطة السياسية، عانى الصحافيون من نوع آخر من الرقابة وهو “التدافع الاجتماعي” كما سمّاه زعيم حركة النهضة الإسلامية الغنوشي، فالجميع أراد توجيه الصحافة.
ودخلت النهضة في معركة مع الصحافيين ومنظمات المجتمع المدني برزت ملامحها أكثر بعد كشف النقاب عن رغبة “الائتلاف” حليف النهضة في السيطرة على قطاع الإعلام ومضاعفة حزامه الإعلامي، وذلك عن طريق المبادرة التشريعية المثيرة للجدل التي تقدم بها “ائتلاف الكرامة” لتنقيح المرسوم 116.
وتتضمن هذه المبادرة، المكونة من ثلاثة فصول، تعديلات على المرسوم 116 الصادر عام 2011، في ما يخص تركيبة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري الحالية (الهايكا) وتجديدها من جهة، وحذف صلاحية إسناد الإجازات (الرخص) لإحداث القنوات التلفزيونية من قبل الهيئة وإقرار مبدأ مجرد “التصريح بالوجود” من جهة ثانية. و”الهايكا” “هیئة حكومية مستقلة تمارس مهامها باستقلالية تامة دون تدخل من أي جهة كانت من شأنه التأثير في أعضائها أو نشاطاتها”.
كما لم يتوان “ائتلاف الكرامة” أو ”برشوك حركة النهضة” في البرلمان كما يسميه مراقبون لامتصاصه الصدمات عوضا عنها، عن بناء سور حديدي بينه وبين الصحافيين في تونس، بعدما تتالت هجمات نوابه عليهم وأبرزهم رئيس الكتلة البرلمانية للائتلاف سيف الدين المخلوف والنائب عبداللطيف العلوي.
النهضة حاولت قبل اللجوء إلى القضاء تطويع الصحافيين في تونس لفائدتها تحت يافطة "الخطر المحدق على حرية التعبير"
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد نفى الاثنين وجود سجناء رأي في البلاد وقال خلال اجتماعه مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن مساء الاثنين إنه “ليس هناك أي سجين رأي أو سجين موقف في تونس”. واستغرب الرئيس التونسي من حالة الجدل التي أثارها مشروع الاستشارة الإلكترونية، قائلا إن “الاستشارة ليست بدعة”، منتقدا تعاطي الإعلام المحلي مع فكرته.
وقال قيس سعيد “يضعون لفظ الاستفتاء الإلكتروني بين ظفرين.. لو وضعوا أنفسهم بين ظفرين لكان أفضل”. واتهم الرئيس وسائل الإعلام المحلية بالتزييف والتشويه، بالقول “ثم في الأخبار يشوهون الحقائق ويتحدثون عن المسائل التافهة”. وأضاف “ينسحب عليهم قول مظفر النواب يكذبوا يكذبوا كنشرة الأخبار”.
وسبق أن حذر صحافيون من خطر العودة لما أسموه بـ“تكميم الأفواه”، ودعوا سعيّد إلى تفعيل تعهداته السابقة بضمان الحقوق والحريات.
ويخشى حقوقيون ومتابعون دوليون أن الإجراءات الأخيرة تنذر “بعودة الاستبداد وتكميم الأفواه الذي عايشه التونسيون في فترة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي”. وقال الرئيس التونسي مرارا إنه “لا ينوي إرساء نظام دكتاتوري ولا المس بالحقوق والحريات”، وإنما يهدف إلى “إصلاح الأوضاع بعد أن تأكد من وجود خطر داهم يهدد الدولة”.