النفايات البلاستيكية تنتشر على قمم الجبال

المناطق الجبلية في جبال الهيمالايا تواجه تحديات في إدارة النفايات بسبب الصعوبات الجغرافية والموارد المحدودة.
الثلاثاء 2023/05/30
أطنان من القمامة

باريس - تنتشر النفايات البلاستيكية من علب وخيم وأنابيب في كل مكان من العالم حتى على أعلى القمم… فقد عثر مستكشف فرنسي وفريقه على 1.6 طن من النفايات البلاستيكية في جبال الهيمالايا، في وقت تنطلق في باريس الاثنين مفاوضات للحد من هذا التلوث على المستوى العالمي.

وتتحلل النفايات البلاستيكية بشكل بطيء وتتحول إلى جسيمات صغيرة تعرف بالميكروبلاستيك، وهي تلوث مستمر للبيئة والمحيطات.

ويتسبب الميكروبلاستيك في تلوث المياه والأراضي ويؤثر سلبا على الحياة البرية، حيث تتناولها الحيوانات في البحر والبر وتنتقل في سلسلة الغذاء، مما يشكل خطرا على الحيوان والإنسان على حد سواء.

وينجم تراكم النفايات في الجبال من الأنشطة البشرية، إذ تشهد العديد من من الجبال تزايدا في عدد السياح والزوار الذين يقصدونها للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة وممارسة الأنشطة الرياضية والترفيهية.

جزء كبير من النفايات تشكل بقايا من عمليات تسلّق تراكمت منذ العام 1920 حين باتت المنطقة مُتاحة للسياح

ومع زيادة عدد الزوار، يزداد أيضا إنتاج النفايات البلاستيكية بشكل كبير، فقد يلقي السياح بقايا الطعام والمشروبات والأكياس البلاستيكية في الطبيعة بدلا من التخلص منها بطريقة صحيحة.

ويقول لوك بوانار خلال تواجده في نيبال عائدا من محاولته الأولى لتسلّق جبل ماكالو الذي يبلغ ارتفاعه 8485 مترا “إنّ ما عثرنا عليه هو مكبّ نفايات فعلي، فوراء كل صخرة وجدنا كمية من أسطوانات الأكسجين وعلب الأطعمة وأسقف الخيم والأحذية. هذا غير منطقي”.

تراكم النفايات في جبال الهيمالايا يؤثر سلبا على البيئة الطبيعية المحيطة، إذ تتسرب السموم من النفايات إلى التربة والمياه الجوفية، مما يؤثر على التنوع البيولوجي والنظم البيئية الهشة في المنطقة.

وتواجه المناطق الجبلية في جبال الهيمالايا تحديات في إدارة النفايات بسبب الصعوبات الجغرافية والموارد المحدودة. قد تفتقر بعض المناطق إلى بنية تحتية كافية لمعالجة النفايات والتخلص منها بطرق صحية ومستدامة.

ويتمثل هدف بوانار (53 عاما)، وهو مدير لإحدى الشركات ومتسلق جبال منذ فترة طويلة، في تنظيف قمم الجبال العالية التي باتت لكثيرين بمثابة سلال مهملات كبيرة جدا.

الميكروبلاستيك يتسبب في تلوث المياه والأراضي ويؤثر سلبا على الحياة البرية

وأسس جمعية “هيمالاين كلين أب” لتحقيق هدفه، فيما أطلق على عمليات تنظيف قمم الجبال التي يقوم بها وفريقه التسمية نفسها.

ورحلته نحو ماكالو التي انطلقت في نهاية مارس، هي الثانية له بعد تسلّقه جبل إيفرست في 2010.

وكان عضو آخر في الجمعية تسلّق حديثا جبل أنابورنا (8091 مترا).

وخلال عمليتي التسلق، جمع الرجلان بمساعدة العشرات من أفراد مجموعة شيربا، 3.7 طن من النفايات، 45 في المئة منها بلاستيكية (1100 كيلوغرام من ماكالو و550 كيلوغراما من أنابورنا).

وتمثل هذه النفايات مؤشرا جديدا على الكمية الكبيرة من النفايات البلاستيكية المنتشرة في الطبيعة، في وقت انطلقت في باريس الاثنين الجولة الثانية من المفاوضات الرامية إلى إقرار معاهدة دولية بحلول نهاية عام 2024 لمكافحة التلوث البلاستيكي.

السموم تتسرب من النفايات إلى التربة والمياه الجوفية، مما يؤثر على التنوع البيولوجي والنظم البيئية الهشة في جبال الهيمالايا

وخلال رحلته الأولى إلى أعلى جبل في العالم، جمع بوانار طنا واحدا من النفايات، بينها 550 كيلوغراما من النفايات البلاستيكية.

ويشكل جزء كبير من هذه النفايات بقايا من عمليات تسلّق تراكمت منذ العام 1920، السنة التي باتت المنطقة فيها متاحة للسياح.

ورغبة منهم في تخفيف أوزان ما يحملونه أو في خطوة لا تنطوي على احترام للبيئة، يترك عدد من متسلقي الجبال طوعا البعض من أغراضهم في محيط الخيم أو حتى على المسارات المؤدية إلى قمم الجبال.

ويقول بوانار إنّ بعض هذه الأغراض “تلقى في الأنهر الجليدية في الهيمالايا ولا تعاود الظهور إلا بعد 200 عام”.

وتتفكك هذه المواد البلاستيكية بوتيرة بطيئة، مما يؤدي إلى تلويث المناظر الطبيعية والأنهر.

وكانت دراسة عملية أظهرت في العام 2019 وجود مواد بلاستيكية دقيقة (ألياف البوليستر والأكريليك والنايلون والبولي بروبيلين) في أماكن تعلو 8000 متر عن سطح البحر، بينها مناطق تكسوها الثلوج.

وبالإضافة إلى مسألة النفايات، يتمثل الهدف الأبرز للمعاهدة المستقبلية في “الحد من استخدام البلاستيك وإنتاجه”. وشهد إنتاج البلاستيك ارتفاعا إلى أكثر من الضعف خلال 20 عاما ليصل إلى 460 مليون طن سنويا، ويحتمل أن يزداد ثلاث مرات بحلول عام 2060 في حال لم تتخذ الخطوات اللازمة. وثلثا هذا الإنتاج يرمى بعد استخدام واحد أو استخدامات عدة، بينما لا تخضع سوى 10 في المئة من النفايات البلاستيكية لإعادة التدوير.

وبالإضافة إلى الجبال، تنتشر النفايات البلاستيكية بمختلف أحجامها في قاع المحيطات، وفي الجليد وهي موجودة أيضا في أمعاء الطيور… وأحيانا في الدم وحليب الأم والمشيمة لدى البشر.

16