النفايات البلاستيكية تصبح حصائر في شمال غرب سوريا

حزرة (سوريا) - من مكبّ للنفايات في شمال غرب سوريا، تشقّ عبوات بلاستيكية طريقها إلى مركز للخردة، حيث ينهمك عمال في فرزها وغسلها ثم صهرها وتحويلها إلى حبال تُصنع منها حصائر ملونة يقبل السكان على شرائها نظراً إلى أسعارها الزهيدة.
وما إن تصل شاحنة محمّلة بالنفايات إلى مكبّ على أطراف بلدة حزرة في ريف إدلب الشمالي، حتى يقبل السكان على نثر محتوياتها، فيجمع بعضهم المواد البلاستيكية دون سواها من أجل بيعها.
ومن بين هؤلاء أبومحمّد (39 عاماً) الذي يقضي يومه مع اثنين من أطفاله الستة في جمع البلاستيك، بعدما منعته إصابة تعرّض لها قبل سنوات من مزاولة أي عمل شاق.
ويقول لوكالة فرانس برس لافاً رأسه بكوفية حمراء وبيضاء “أنا وأولادي ننبش القمامة من أجل لقمة العيش”، وهو ما يوفر لهم دخلاً بقيمة نحو ثلاثين دولاراً في الأسبوع. ويضيف “نعاني من التعب ومن رائحة النفايات وقذارة العمل في القمامة، لكن ماذا نفعل؟ علينا أن نتحمّل”. وعلى مقربة منه ينبش رجال ونساء وأطفال أكواما من النفايات؛ حيث يجمع بعضهم البلاستيك وبعضهم الآخر يجمع الحديد أو الزجاج.
ولا يبدو فرز النفايات ومن ثم إعادة تدويرها خياراً بيئياً في منطقة إدلب التي تعاني ظروفاً معيشية صعبة، وتنتشر فيها المئات من المخيمات ويُعد حوالي نصف سكانها من النازحين من مناطق أخرى.
ومن مكبّ النفايات تنقل شاحنات أو سكان المواد التي تمّ جمعها إلى مراكز الخردة، أحدها مخصص للمواد البلاستيكية، على أطراف بلدة رام حمدان في ريف إدلب الشمالي.
فرز النفايات ومن ثم إعادة تدويرها لا يبدو خياراً بيئياً في منطقة إدلب التي تعاني ظروفاً معيشية صعبة
وفي ساحة المركز تتكوّم عبوات وأوان بلاستيكية ملونة قرب بعضها البعض. وفي ناحية منها يقصّ عامل المواد مستخدماً ماكينة مخصّصة لذلك، ثمّ تمر عبر ماكينة أخرى تفرمها إلى جزيئات صغيرة.
ويقول فرحان سليمان (29 عاماً)، أحد العمال في المركز، “نشتري المواد البلاستيكية من السيارات المتجولة أو الأطفال ثم نقوم بفرزها وطحنها، حسب كل مادة أو لون، إلى حبيبات” يتم غسلها بعناية.
لكن المهمة ليست سهلة؛ إذ يروي سليمان “نعاني من الروائح بسبب المواد التي يتمّ جمعها من النفايات والحاويات في الشوارع”، مشيراً إلى أن هناك تخوّفا من الأمراض المعدية التي قد تسببها هذه المواد في ظل “انتشار الروائح القذرة والذباب”.
وبعد صهره داخل فرن مخصّص لذلك ثم تبريده، يخرج البلاستيك المعاد تدويره على شكل حبال يتم تلوينها ثم نقلها إلى معامل صناعة البلاستيك من أجل تحويلها إلى حصائر أو خراطيم ريّ أو أوان منزلية. وداخل معمل ورثه عن عائلته على أطراف بلدة سرمدا، يشير خالد رشو (34 عاماً) إلى حصائر ملونة ومتعددة القياسات ومصنوعة من نفايات أعيد تدويرها.
وينهمك قرابة ثلاثين عاملاً في عملية الإنتاج التي تتم بواسطة ماكينات ضخمة. وتستفيد، وفق رشو، عدة عائلات في المنطقة من عملية تدوير البلاستيك، وذلك من خلال فرص العمل التي توفرها هذه العملية في مختلف المراحل.
ويُقبل السكان على شراء الحصائر البلاستيكية بسبب أسعارها الزهيدة مقارنة بالسجاد. وغالباً ما يتم وضعها داخل خيم النازحين المنتشرة بكثافة في مناطق سيطرة الفصائل الجهادية والمعارضة في إدلب ومحيطها.
ويتراوح سعر الحصيرة، وفق تاجر المفروشات محمّد القاسم، بين 5 و15 دولاراً، ويختلف السعر بحسب القياس المطلوب. ويقول القاسم “يزداد الطلب على الحصيرة البلاستيكية في فصل الصيف أكثر، بسبب سعرها الزهيد”، كما أنها تشكل “بديلاً عن السجاد خلال الشتاء لأصحاب الدخل المحدود”.