"النفايات الإلكترونية".. عوائد اقتصادية وفوائد اجتماعية

حماية من التأثيرات السلبية على الإنسان والصحة العامة.
الخميس 2025/02/13
حفظ النعمة الرقمية

تتنامى عالميًا الصناعات التقنية، واستخدام الأجهزة الإلكترونية بمختلف أنواعها، وتتزايد معها  النفايات الإلكترونية التي تعد إحدى أكثر النفايات الصلبة الأسرع نموًا في العالم؛ مُشكلةً أضرارًا صحية وبيئية، ويجب التخلص منها بشكل آمن ومسؤول، وفي الوقت ذاته تظهر فوائدها الاقتصادية والاجتماعية من خلال الاستثمار بإعادة تدويرها بالطرق الصحيحة.

الرياض- تحتوي النفايات الإلكترونية على مواد ضارة وسامة، مثل، الرصاص، والزئبق، والكادميوم، والتخلص من هذه النفايات بشكل غير صحيح يتسبب في تلوث البيئة، والمياه الجوفية، وتأثيرات سلبية على الإنسان والصحة العامة.

ويُعد الحرق أو التسخين أحد أخطر طرق التخلص غير الصحيحة بسبب الأبخرة السامة المتولدة، لأنها تنتقل لمسافات كبيرة من نقطة التلوث، ممّا يعرض صحة المجتمع للخطر، كما يُسهم ذلك في تقليل الغطاء النباتي وارتفاع الاحتباس الحراري، وزيادة الأمراض التنفسية على الإنسان، ولذلك يجب التعامل مع النفايات الإلكترونية بشكل صحيح.

وللتخلص منها بشكل صحيح، تُرسل للجهات المتخصصة، التي تعمل بدورها على إعادة تدوير ما يمكن الاستفادة منه، حيث تُفصل المكونات القابلة للتدوير، ويُعاد استخدامها في صناعة منتجات أخرى، أو التبرع بها إذا كانت الأجهزة الإلكترونية ما زالت في حالة جيدة وقابلة للاستخدام إما للمدارس، أو المنظمات غير الربحية، مع الحرص على نقل البيانات أو تدميرها حفاظًا على خصوصية المستخدم.

◄ "موان" مشروع لاستبعاد النفايات الإلكترونية من البطاريات عن المرادم وإعادة استخدام وتدوير ما يتجاوز 90 في المئة منها
"موان" مشروع لاستبعاد النفايات الإلكترونية من البطاريات عن المرادم وإعادة استخدام وتدوير ما يتجاوز 90 في المئة منها

وتأتي جهود السعودية في إعادة تدوير النفايات الإلكترونية لخفض الانبعاثات الكربونية، والوصول إلى الحياد الصفري، وتحقيق الاقتصاد الدائري، ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030؛ لتحقيق الاستدامة البيئية، وتعزيز الاقتصاد المستدام، واستغلال الموارد الطبيعية بشكل فعَّال، إضافة إلى تعزيز المسؤولية الاجتماعية، ومبادئ التكافل لتمكين الأسر المحتاجة من الحصول على الخدمات التقنية.

ولتنظيم ومراقبة أنشطة إدارة النفايات، أُنشئ مركز لإدارة النفايات “موان” بموجب قرار مجلس الوزراء كمركز حكومي مُنظم لأعمال إدارة النفايات والمُخلّفات.

ويستهدف “موان” استبعاد النفايات الإلكترونية والبطاريات عن المرادم بنسبة 90 – 95 في المئة بحلول عام 2035، وإعادة استخدام وتدوير ما يتجاوز 90 في المئة من النفايات الإلكترونية والبطاريات التالفة.

ولتعزيز الاستدامة والاقتصاد الدائري أطلقت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية أول تقرير من نوعه حول الاستدامة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات متضمنة إستراتيجياته، وأعلنت خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي كوب 28 انطلاق أعمال مبادرة “تطوير تنظيمات إدارة النفايات الإلكترونية”، بالتعاون مع الاتحاد الدولي للاتصالات.

ومن المتوقع أن يسهم بناء تنظيمات ومعايير للحد من النفايات الإلكترونية عالميًا في وضع حجر الأساس للحد من النفايات الإلكترونية التي يصل حجمها إلى 54 مليون طن سنوياً، فيما يعاد تدوير 17 في المئة منها فقط.

وفي سياق تمكين القطاع غير الربحي ودعم جهود وأعمال إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، تسمح للجهات الحكومية بالتبرع بأجهزة الحاسب الآلي الرجيعة لديها لجمعية ارتقاء.

وأوضح المدير التنفيذي لجمعية “ارتقاء” عمر بن خالد الشيباني ووكالة الأنباء السعودية، أن الجمعية تبنت مفهوم حفظ النعمة الرقمية، وتختص بجمع الحاسبات الآلية المستخدمة وإعادة تأهيلها ثم توزيعها على الجهات الاجتماعية والتعليمية، لدعم برامج تطوير المجتمع وحماية البيئة.

وتسعى الجمعية إلى تقديم خدمات احترافية تدعم برامج الرُقي العلمي، ونشر ثقافة إعادة التدوير، والاستخدام الأمثل لتقنية المعلومات.

وأفاد الشيباني أن الجمعية تستخدم برنامج “بلانكو”، وتتبع طرُقًا معتمدة عالميًا في مسح بيانات الأجهزة وضمان عدم استعادتها مرة أخرى.

◄ متطوعون لتنظيف البيئة
متطوعون لتنظيف البيئة

وضمن مشاريع الجمعية، جاءت مبادرة “تعليمهم لا يوقف”، لتوفير أجهزة الحاسب الآلي لمن هم في حاجة إليها من الطلاب والطالبات، لاستكمال مسيرة التعلم خلال جائحة كورونا، التي أسهمت في  توزيع أكثر من 30 ألف جهازٍ، وتدوير أكثر من 27 ألف جهازٍ، وبلغ عدد الجهات المستفيدة 1296 جهة.

وتمكنت جمعية ارتقاء خلال السنوات العشر الماضية، بحسب الشيباني، من استلام أكثر من 223 ألف جهازٍ، وأُعيد تأهيل وتوزيع أكثر من 97 ألف جهازٍ، استفادت منه 3404 جهة، بنسبة إعادة الاستخدام (46 في المئة)، وإعادة تدوير بنسبة (43 في المئة).

ونتج عن عمليات إعادة التدوير الإسهام في الحد من 13039.815 كغم من الانبعاثات الكربونية، مما يعادل إعادة تدوير 2608 طن من النفايات الإلكترونية.

وشارك في عمليات إعادة التدوير أكثر من 3000 متطوع بواقع 57080 ساعة تطوعية، بعائد اقتصادي يقدر بأكثر 2.6 مليون ريال.

واستطاعت المبادرة الأولى من نوعها “دوّر جهازك” التي أطلقتها هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، والمركز الوطني لإدارة النفايات “موان”، جمع أكثر من 100 ألف جهاز، بمشاركة 20 ألف فرد، تتجاوز قيمتها السوقية أكثر من 30 مليون ريال، وإعادة تدوير وإصلاح ما يتجاوز حجمه 240 طنًا، ودعم أكثر من 120 مدرسة وجمعية خيرية بالأجهزة المُعاد تدويرها، الأمر الذي ساعد على تقليل الانبعاثات الكربونية والمساهمة في خفض الاحتباس الحراري بمقدار 0.03C.

◄ جهود السعودية في إعادة تدوير النفايات الإلكترونية تأتي لخفض الانبعاثات الكربونية، والوصول إلى الحياد الصفري، وتحقيق الاقتصاد الدائري، ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030
جهود السعودية في إعادة تدوير النفايات الإلكترونية تأتي لخفض الانبعاثات الكربونية، والوصول إلى الحياد الصفري، وتحقيق الاقتصاد الدائري، ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030

وفي الجانب الاستثماري، تأسست الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير “سرك”، وهي إحدى الشركات المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة بالمملكة لقيادة الاستثمار في قطاع إعادة التدوير كجزءٍ من إستراتيجية الصندوق، وأهدافه؛ لتنمية وتطوير قطاعات استثمارية جديدة داخل المملكة ضمن رؤية 2030.

وتستهدف شركة “سرك” وفقًا لإستراتيجيتها تفعيل الاستثمارات في 12 نوعًا من أنواع النفايات، وأن تكون محركًا رئيسًا للاقتصاد الدائري في المملكة عبر الإسهام بتحقيق مستهدفات المملكة لرفع عمليات التدوير الإجمالية إلى نسبة81 في المئة، ومن بين الشركات التي أنشأتها “سرك”: “إليكتا” المتخصصة في معالجة وتدوير النفايات الإلكترونية والكهربائية والمعدنية.

ودعمت شركة “إليكتا” القطاع الخاص بالاستثمار المباشر بشركة “إعادة”؛ لتكون الذراع التنفيذية لشركة “سرك” في مجال إعادة تدوير النفايات الإلكترونية والمعادن بالمملكة.

وتتمتع شركة “إعادة” التي تنتشر منشآتها في الرياض، والمنطقة الشرقية، والمنطقة الغربية، بقدرة استيعابية لإعادة تدوير تصل إلى 35 ألف طن سنويًا من النفايات الإلكترونية، والاستفادة من المعادن الثمينة والمواد الأولية التي تحتوي عليها هذه الأجهزة، وتعد إحدى أهم المصادر لحفظ الموارد.

ومن بين خدماتها المتعددة والمعتمدة من هيئات حكومية ودولية: جمع وإعادة تدوير النفايات الإلكترونية والمعادن، وإدارة النفايات الصناعية غير الخطرة، والتخلص الموثوق من البيانات والأجهزة بشكل آمن، وتأهيل الأجهزة الإلكترونية التالفة، وتقديم الاستشارات لمشاريع التفكيك والتخلص من الأجهزة والمعادن.

وتعد خدمة التخلص الآمن وإتلاف البيانات إحدى الخدمات المتميزة التي تقدمها “إعادة”، سواء في منشآتها أو بمواقع العملاء، وتستخدم الشركة لهذه العملية شاحنات مجهزة بمعدات تقطيع صناعية لضمان إتلاف البيانات من الأجهزة الحساسة بشكل آمن ووفقًا للمعيار المعتمد عالميًا، وتقدم الشركة شهادة توثق عملية الإتلاف الكامل، مما يعزز من مستوى الأمان والثقة، كما أن “إعادة” تلتزم بتطبيق معايير صارمة للتخلص وإتلاف تلك البيانات، تشمل: التدقيق الدوري لضمان الامتثال، وتدريب الموظفين على الإجراءات الأمنية، والمراقبة الشاملة وتزويد العملاء بتقارير مفصلة تشمل الصور والفيديوهات، وتوثيق تلك العمليات.

وتعمل “إعادة” حاليًا مع أكثر من 70 شريكًا في مجال إعادة التدوير، مما يُسهم في تعزيز المحتوى المحلي، ودعم الاقتصاد الدائري. وتعتمد عملية إعادة التدوير في “إعادة” على تقنيات متقدمة لفصل ومعالجة المواد، وآليات معالجة النفايات الإلكترونية.

وتشمل هذه الآليات التفكيك اليدوي، بحيث تُفكك الأجهزة يدويًا لاستخراج المكونات القيّمة، مثل لوحات الدوائر والمحركات، وإزالة المواد السامة كالبطاريات والزئبق، وهناك عملية التقطيع التي تقلل من حجم المواد بعد إزالة الملوثات، وكذلك الفصل الميكانيكي لاستخراج المعادن الحديدية، وغير الحديدية، والبلاستيك والمواد الأخرى الناتجة عن عمليات الفصل.

وتتيح جمعية “ارتقاء” منصة لاستقبال “الأجهزة الإلكترونية” المتبرع بها، من خلال رفع طلب تبرع عن طريق الموقع الإلكتروني، أو عبر تحميل تطبيق ارتقاء، وسيتم التواصل معهم لتنسيق وقت مناسب لاستلام الطلب مجانًا.

16