النحل يعزز السياحة البيئية في الإمارات

موائل طبيعية توفّر للزوار تذوق أنواع مختلفة من العسل.
الثلاثاء 2022/01/18
عالم النحل يستحق الاكتشاف

تنوّعت السياحة في العالم وانتشرت ما تسمّى بالسياحة البيئية التي يبحث فيها السائح عن متنفس بعيدا عن التلوث والاختناق بالغازات. وتوجهت الإمارات إلى توفير مسارات سياحية لتتبّع موائل النحل وتذوق العسل والمشاركة في قطافه بمختلف الأماكن الطبيعية التي يعيش فيها، خاصة وأن الإمارات تتميّز بالنحل القزم الذي يعيش في مناطق محدودة من العالم.

عسل أبوظبي هو رمز لكرم الضيافة وشعار للترحيب بالضيوف.. كما أنه في الوقت ذاته غذاء ودواء.

العسل في الإمارات وأنواعه وطرق قطافه رحلة تعكس أسلوب العيش المستدام المتكامل مع الطبيعة، فمع تنوّع بيئة الإمارات وثروتها الطبيعية تنوع إنتاجها من العسل وتحولت المناحل، وخاصة في المناطق الجبلية، إلى عامل جذب سياحي.

وتزخر بيئة الإمارات الفطرية بالكثير من الثروات التي تعكس فرادة وتنوع طبيعتها الغنية، فمن الجبال الشاهقة إلى السواحل الممتدة من الخليج العربي وحتى المحيط الهندي، وصولا إلى الواحات التي تتوسط صحاريها الواسعة، تتنوع أشكال الغطاء النباتي الذي تعززه المحميات الطبيعية المنتشرة في مختلف أنحاء الدولة، ومعه يتنوع كرم الطبيعة من أنواع العسل التي يقدمها للسياحة البيئية والجبلية.

ويرتبط إنتاج العسل في الإمارات بثلاثة مواسم رئيسية هي السمر والسدر والغاف وهي على صلة بسقوط الأمطار.

وتبدأ عملية جني عسل السمر المعروفة بـ”قص العسل” في شهر أبريل وتستمر حتى يونيو، وتشتهر المناطق الجبلية الوعرة في الدولة بإنتاج هذا النوع من العسل الذي احترف أبناء الجبال معرفة مخابئه عبر تتبع طرق النحل بين شعب الجبال في مناطق انتشار أشجار السمر.

وتشتهر جبال إمارة الفجيرة بإنتاج العسل البري الذي عادة ما يجمعه النحل في خلايا مخبأة بين الكهوف والصخور أو على قمم الجبال وفي الوديان السحيقة وبين أغصان الأشجار البرية.

النحل القزم
النحل القزم

ويعتبر “عسل السمر” من ألذ وأغلى أنواع العسل المحلي ويمتاز برائحته الزكية وفوائده الطبية، ويميل لونه عند حصاده إلى الأحمر أو الذهبي قبل أن يتبدل بعد تخزينه لاحقا ليصبح أقرب إلى الألوان الداكنة مع احتفاظه بخصائصه الطبيعية كاملة.

أما عسل الغاف الذي يتميز بنسبة السكريات العالية فيكون جنيه بين أشهر مايو ويوليو، ويرتبط اسم هذا العسل بشجرة الغاف التي تنتشر بكثرة في المناطق الصحراوية وعلى جوانب الطرقات.

أما عسل السدر الذي يستخلص من زهرة “اليبياب”، فيكون موسم قصّه (قطافه) بين أكتوبر ونوفمبر، ويكثر هذا النوع من العسل في جبال وسهول الإمارات وأوديتها، لاسيما في المناطق الشمالية الشرقية، ويعد أفخر أنواع العسل وأجودها، ويمتاز بمذاقه ورائحته العطرة ولونه الذهبي المميز، ولعسل السدر فوائده الصحية إذ يُستخدم في العلاجات الشعبية لأمراض الصدر والسعال.

إنتاج العسل في الإمارات يرتبط بثلاثة مواسم رئيسية هي السمر والسدر والغاف وهي على صلة بسقوط الأمطار

وإلى جانب هذه المواسم الثلاثة الرئيسية للعسل في المناطق الجبلية، توجد مواسم أخرى لأنواع أقل انتشارا من العسل مثل العسل الربيعي بين منتصف فبراير ومنتصف أبريل، والذي ينتج عن تغذية النحل بالنباتات المزهرة، إلى جانب عسل أشجار القرم وعسل السنط العربي وعسل القتاد، ولكل منها مذاقة ولونه ورائحته المميزة.

ويمكن للمتجول في جبال الإمارات مشاهدة النحل المحلي الذي يتميز بحجمه الصغير وألوانه الخاصة، ويعرف باسم نحلة “أبوطويق” وهي نحلة ذات خصائص فيزيولوجية فريدة بين سائر فصائل النحل، وتنتمي إلى عائلة “النحل القزم” الذي يعيش في المناطق الحارة جنوب وجنوب شرق آسيا والخليج، ويمتاز بقدرته الكبيرة على تحمل الحرارة المرتفعة بعكس سائر فصائل النحل.

وتشكل رحلات البحث عن العسل بين ثنايا جبال ووديان الإمارات تجربة فريدة ضمن تجارب السياحة الجبلية، ويبدأ البحث عن خلايا العسل البري عند الفجر، وينطلق النحالون والمهتمون بهذه الرحلات نحو المرتفعات بتجهيزات بسيطة، منها عبوة ماء مخصصة للرحلات، وإناء مخصص لاستخلاص العسل وأدوات محلية مصنوعة من موارد طبيعية مثل “المقفلية” وقطع من جريد النخل.

ويتتبع الفريق الخارج للبحث عن العسل مسيرة النحل المتوافقة مع الشمس أو يستدلون على وجود العسل في موقع قريب من خلال تتبع نقط العسل على الصخور، وبعدها تبدأ عملية “قص العسل” أي قطافه، وذلك من خلال اقتطاع أجزاء من الخلية تكون غنية بالعسل مع إبقاء بعض العسل إلى جانب الأجزاء السفلية من الخلية التي تحتوي على اليرقات والحضنة ولكي يعود النحل إليها ويعيد بناء خلية جديدة خلال الموسم التالي.

Thumbnail

وتنتشر في مختلف بقاع الإمارات محميات مخصصة للنحل والعسل، أبرزها “حديقة النحل” التي تقع بين جبال حتا وتحيط بها أروع النباتات والحيوانات كما تساهم في تسليط الضوء على دور النحل وأهميته للبيئة.

ويمكن للزوار الاقتراب من خلايا النحل واكتشاف سلالاتها الرائعة بينما يستمتع الأطفال بالنشاطات الترفيهية المتنوعة. كما يضم الموقع حديقة خارجية ومقهى يقدم المأكولات العضوية، كما توفر الحديقة فرصة شراء العسل الطبيعي الشهي أو منتجات التجميل المصنوعة من العسل.

وتشهد مدينة حتا أيضا مهرجانا سنويا للعسل تترافق فعالياته مع حملة أجمل شتاء في العالم، وقد جذب في فعاليته الأخيرة أكثر من 20 ألف زائر ونجح في استقطابهم لتعريفهم بجماليات مدينة حتا التي تتنوع فيها الطبيعة والتضاريس، وتشكّل بيئة مثالية لممارسة العديد من الأنشطة الترفيهية.

وفي منطقة دبا الفجيرة، يمكن زيارة “محمية الظنحاني للعسل” والاطلاع على متحف علي سالم سليمان الظنحاني الشخصي الذي يحوي أدوات تراثية وأزياء شعبية والأدوات والآلات الخاصة بتنقية العسل وتعبئته، ليصبح جاهزا لتصديره إلى السوق المحلي.

ويضم هذا البيت متحفا يجمع فيه الظنحاني نماذج من الأدوات التراثية، والعملات القديمة، والأزياء الشعبية التي كان الآباء والأجداد يستخدمونها في الإمارات قديما.

ويستهدف مشروع وادي الحلو وسد الغيل بمدينة كلباء تطوير 5 قمم جبلية متصلة ببعضها عبر مجموعة من الطرق والمسارات التي تتيح للمستخدمين تجربة فريدة ومميزة بالإضافة إلى غابات ظليلة على الجبال بمساحة 80 هكتارا. ويضم المشروع محمية وادي الشوع للعسل التي تتخللها مساحات على شكل برك ماء تتجمع بها مياه الأمطار بشكل دائم.

Thumbnail
18