النجمة كلوديا كاردينالي لا تشفى من عشق تونس

النجمة كلوديا كردينالي التي ولدت في ضاحية حلق الوادي شمال العاصمة التونسية، وتجري “جذورها التونسية في عروقها ودمها”، بدأت زيارة إلى تونس بدعوة من بلدية حلق الوادي ووزارة الثقافة والجمعية الثقافية “صقلية الصغيرة” التي هي جمعية ثقافية إيطالية تعمل من أجل التعاون الثقافي بين تونس وجنوب إيطاليا.
تونس - تؤكد الممثلة كلوديا كاردينالي التي دشنت الأحد شارعا باسمها قرب تونس العاصمة، تمسكها بجذورها التونسية وتعلقها بتونس، مسقط رأسها الذي يشكل برأيها نموذجا على الغرب أن يحتذي به على صعيد استقبال المهاجرين.
وقد دشّنت منطقة حلق الوادي بالعاصمة تونس، مسقط رأس كاردينالي، الأحد شارعا يحمل اسمها في حيّ يقطنه إيطاليون إلى اليوم، وغالبيتهم ينحدرون من جزيرة صقلية.
وقالت الممثلة الإيطالية التونسية البالغة من العمر 84 عاما، وهي من أشهر نجمات السينما خلال السبعينات والثمانينات في فرنسا وإيطاليا، إنها لا تزال تحتفظ في نفسها “بأشياء من تونس”، وبالأخص ”مناظرها الطبيعية وأهلها وحفاوة الاستقبال وانفتاحهم”.
وكرّمت رئيسة بلدية حلق الوادي آمال ليمام الممثلة الشهيرة، واعتبرتها “مواطنة بأتم معنى الكلمة في منطقة حلق الوادي وفي بلدنا الجميل تونس”.
وأثنت كاردينالي على هذه المبادرة التي قامت بها بلدية حلق الوادي وجمعية “لا بيكولا سيسيليا” (صقلية الصغيرة)، معربة عن “الامتنان لهذا الجميل”.
وتحتفظ كاردينالي بصور جميلة من الفترة التي عاشتها مع والديها وأجدادها في تونس التي كانت “أرضا للفرح والمشاركة والتواصل”.
وقالت كاردينالي رداً على أسئلة أرسلتها وكالة فرانس برس بالبريد الالكتروني “غادرت (تونس) حين كنت جد صغيرة. هي طفولتي ومراهقتي. أصولي هنا”.
وكان عدد الايطاليين الذين يعيشون في تونس حتى استقلال البلاد من فرنسا عام 1956 يفوق الـ120 ألفاً.
وقد اختيرت كلوديا في يوليو 1957 “أجمل إيطالية في تونس” حين كانت في سنّ التاسعة عشرة، وحصلت بفضل هذا اللقب على تذكرة سفر إلى البندقية للمشاركة في مهرجانها السينمائي، وهناك لفتت الأنظار إليها والتقت المخرج ماريو مونيتشيلي الذي عرض عليها أوّل دور سينمائي في حياتها المهنية بعد سنة من تواصلهما في فيلم “لو بيجون”.

مكانة خاصة في قلوب التونسيين
وحققت كاردينالي منذ ذلك التاريخ نجاحات مهنية كبيرة، وقد انتقلت عائلتها معها إلى روما، وبدأت تترك بصماتها في أدوار لا تزال محفورة في الذاكرة السينمائية كدور “أنجيليكا” إلى جانب آلان دولان في فيلم “لو غيبار” للمخرج لوتشينو فيسكونتي.
ولم يتوقف نشاط الممثلة التي اتخذت من فرنسا مقرا لها منذ سنوات، فقد شاركت أخيراً في فيلم للمخرج التونسي رضا الباهي بعنوان “جزيرة الغفران” ولعبت فيه دور الجدّة.
وكان نسيان تونس بالنسبة إليها كما لوالديها ضربا من المستحيل، وظلت منطقة حلق الوادي وأجواء العيش في تونس عالقة بذهنها.
وتقر بأن “أمّي أعادت رسم تونس في إيطاليا وزرعت نباتات من هناك”، من بينها الياسمين والتين الشوكي، كما “واصلت طهي” الأطباق التونسية.
وكاردينالي ابنة مهاجر من صقلية اختار التوجه إلى شمال أفريقيا بحثا عن أوضاع معيشية أفضل، ولذلك “يجب أن تفخر تونس بتاريخها”، وفق أسطورة الشاشة التي زارت المدينة العتيقة ومنطقة سيدي بوسعيد السياحية خلال وجودها حاليا في تونس.
وتلفت الممثلة العالمية إلى أنه “من الضروري تذكر هذا الماضي المشترك”، خصوصا وقد أصبحت الهجرة في هذه الأيام تتخذ مسارات عكسية من تونس نحو أوروبا.
وتقول “تجري الرياح ونجد أنفسنا سواسية أمام الرغبة في الهجرة.. كانت تونس بالنسبة إلينا أرض حفاوة استقبال، وآمل أن يلقى كل من يفكر في المغادرة في هذا العالم، الاستقبال نفسه” الذي حظيت به.

وتؤدي النجمة العالمية زيارة إلى تونس بدعوة من بلدية مدينة "حلق الوادي" ووزارة الشؤون الثقافية بالشراكة مع الجمعية الثقافية الإيطالية “صقلية الصغرى”، وذلك من الخامس والعشرين إلى الثلاثين من مايو 2022.
وتهدف هذه الزيارة إلى بعث رسائل تعزز قيم التسامح والتعايش بين الثقافات والأديان، بالإضافة إلى تحفيز الشخصيات التي وُلدت في تونس على زيارتها والتعريف بها دعماً للسياحة التونسية.
وقد زارت كلوديا كاردينالي في مناسبات سابقة البيت الذي ولدت فيه والمدرسة التي درست بها واستعادت في تونس ذكريات طفولتها وشبابها، وهي غالبا ما تقضي إجازاتها في مدينة توزر بالجنوب التونسي لعشقها للصحراء وحبها للهدوء والاختلاط بالناس .
وتحدثت الممثلة العالميّة كلوديا كاردينالي في مذكّراتها الصادرة باللغة الفرنسية بعنوان “قصّة حياة” فتقول “إن شاء الله هذه الجملة بقيت دائماً منحوتة في قلبي وفكري، ولا شكّ أنّ جذوري التونسيّة جرت في عروقي ودمي، وإنّي أصبحت مؤمنة بأنّه لن يحصل لي إلا ما كتب الله لي”.