المُسيرات تُغيّر تعامل إيران مع الشرق الأوسط

طهران- يتابع الخبراء العسكريون محاولات إيران الاستئثار بأكبر ما يمكن من الاهتمام في مجال التصنيع العسكري وذلك في ضوء ما تراه من إنجازات مهمّة لطائراتها المسيّرة، والتي باتت سماء الشرق الأوسط مزدحمة بها إلى جانب المسيرات التركية والأميركية.
ويرى محللون أن المسيّرات القتالية تدعم مسعى طهران لتوسيع مناطق نفوذها لصالح السياسة الخارجية، والتي ينتهجها النظام الإيراني وخاصة مع وصول متشدد إلى رئاسة البلاد وهو إبراهيم رئيسي، بالإضافة إلى البعد العسكري الذي تنوي من ورائه استقطاب اهتمام من قبل حلفائها في المنطقة لهذه الطائرات المقاتلة.
لكن هناك شقا من الخبراء العسكريين الغربيين يرى أن إيران عادة ما تبالغ في ما يتعلق بقدرات أسلحتها رغم أن المخاوف من برنامجها للصواريخ الباليستية بعيدة المدى أسهمت في انسحاب الولايات المتحدة عام 2018 من الاتفاق النووي المبرم بين طهران وقوى عالمية في عام 2015.
أصناف المسيرات الإيرانية
● مسيرات يمكنها حمل القنابل والصواريخ لتنفيذ هجمات على مواقع مستهدفة ثم العودة إلى قواعدها
● مسيرات انتحارية يتم استخدامها في رحلة واحدة لتدمير أهداف ذات أهمية كبيرة أو تنفيذ انفجار
ومع مساعيها للاستفادة أكثر ما يمكن من المفاوضات المتباطئة حول برنامجها النووي المثير للجدل والذي يريد الرئيس الأميركي جو بايدن مسك العصا من المنتصف مع الإيرانيين وحل المشكلة تدريجيا، يبدو الحرس الثوري الإيراني مستفيدا من كل الظروف لتعزيز ترسانته العسكرية الجوية وبمدى أطول.
ويأتي إعلان القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي الأحد بأن بلده يمتلك طائرات مسيرة يصل مداها إلى سبعة آلاف كيلومتر دليلا على مواصلة طهران سياساتها العدوانية. وكلام سلامي الذي نقلته عنه وكالة فارسة الإيرانية الرسمية بأن “هذه الطائرات المسيرة كبيرة ويمكن أن تهبط في أي مكان”، يدعم الحجج بشأن سلوك طهران تجاه جيرانها وليس للأمر علاقة بالدفاع الشرعي عن النفس.
وربط بعض المحللين تصريحات سلامي التي قال فيها “إننا في حرب عالمية كبرى محورها استقلالنا واعتمادنا على أنفسنا ومصداقيتنا” وإن “أعداء إيران لا يسمحون لنا بتحويل الأموال للأدوية واللقاحات ولا بتوفير احتياجاتنا الأساسية”، بحالة اليأس داخل دوائر صنع القرار الإيراني من عودة وشيكة إلى التعامل مع العالم في ظل العقوبات الأميركية.
واعتبر مركز أميركان إنتربرايز الأميركي في دراسة بحثية نشرها في سبتمبر الماضي أن إيران تعتبر أن سلاح المسيّرات يجب أن يكون ذراعا قوية ضمن أذرع جيشها ومكونا رئيسيا ضمن إستراتيجيتها العسكرية وأنه على الخبراء الغربيين ألا يتجاهلوا خطورتها خاصة وأن طهران تستثمر فيها منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وفي استعراض للقوة دأبت إيران على استفزاز جيرانها الخليجيين عبر القيام بتدريبات عسكرية بمشاركة مجموعة كبيرة من الطائرات المُسيّرة المنتجة محليا، والتي اعتمدت عليها طهران بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة في كل من العراق وسوريا واليمن ومضيق هرمز.

أبرز ثلاث طائرات مسيرة إيرانية هي "شهيد 129" و"صاعقة" و"مهاجر 6"
وتشير تقارير إعلامية واستخباراتية إلى أن إيران قامت بأول تجربة ناجحة لتصنيع طائرات مسيرة محليا في العام 2010 مداها يصل إلى ألف كيلومتر، بينما يرجع تاريخ برنامجها للطائرات المسيرة إلى نحو 35 عاما، حيث تقول عدة بيانات عسكرية غربية إن أول إصدار في ذلك الحين كان اسمه “كرار”.
وفي الوقت الذي تصاعدت فيه التوترات بين الولايات المتحدة وإيران منذ إسقاط مسيّرة أميركية من نوع غلوبال هوك آر.كيو – 4 أي العام الماضي، كثف الحوثيون من استخدام المسيّرات إيرانية الصنع في هجماتهم على المنشآت الحيوية السعودية.
ويشير موقع “درون وور” الأميركي إلى ن أبرز ثلاث طائرات مسيرة إيرانية هي “شهيد 129” و”صاعقة” و”مهاجر 6”، حيث يمكن استخدامها في تنفيذ هجمات خارج حدود إيران أو لمهام الاستطلاع.
وتصنف الطائرات المسيرة الإيرانية إلى قسمين هما مسيرات يمكنها حمل القنابل والصواريخ لتنفيذ هجمات على مواقع مستهدفة ثم العودة إلى قواعدها، وطائرات انتحارية يتم استخدامها في رحلة واحدة لتدمير أهداف ذات أهمية كبيرة أو تنفيذ انفجار، حيث حققت طهران نجاحا كبيرا في هذا النوع من الطائرات المسيرة.
ويؤكد خبراء أن الخطر الأكبر الذي تمثله الطائرات المسيرة الإيرانية هو نشرها لدى الجماعات التابعة لها في المنطقة لاستخدامها في حروب الوكالة، إضافة إلى السماح لها بامتلاك تكنولوجيا تصنيعها.