الموضة تعود إلى الرصانة منهية فورة ما بعد كوفيد

تميزت الأزياء المعروضة في باريس بالرصانة والهدوء حيث ابتعد المصممون عن الألوان الصاخبة والموديلات الجريئة واكتفوا بالألوان الترابية الهادئة، كما ابتعدوا عن ملابس الراحة التي ميزت فترة ما بعد كوفيد.
باريس - بحثا عن الجودة والملابس التي لا يتجاوزها الزمن لدى البعض، مقاربة تجارية أو افتقار للخيال لدى البعض الآخر، فمع الألوان الباهتة والقصات المتحفظة، تعود المرأة إلى الأسلوب الرصين في مجموعات الربيع والصيف 2024 التي عرضت في باريس.
فلقد ولّت ملابس الراحة التي كان يوفرها البقاء في المنزل أثناء الوباء، ولكن أيضا طفرة الملابس البراقة التي سادت ما بعد كوفيد. وخلافا لمجموعات الرجال التي كانت جريئة على منصات العرض، فإن الأزياء النسائية عادت إلى الرصانة.
ومع كثرة في السترات، كانت مجموعة ديور بمعظمها بالأسود والأبيض مع بعض الأزياء باللون البيج الفاتح. وتقول المديرة الفنية لدى دار ديور ماريا غراتسيا كيوري لوكالة فرانس برس “كل شيء عملي” ويتم اختيار الأقمشة لجعلها قطعا “لا يتجاوزها الزمن” يمكن ارتداؤها “في أي موسم”.
من جهته، عاد أنتوني فاكاريلو إلى الأساسيات وقام بتصميم مجموعة بألوان ترابية من وحي سترة السفاري التي صممها إيف سان لوران في عام 1967.
وتساءلت ناقدة الموضة الأميركية الشهيرة كاثي هورين على موقع “ذي كات”، “أين ألوانك؟ أين أفكارك؟” منددة “بافتقار للخيال” وداعية المصممين الى “وقف النبش في الأرشيف”.
من جهته، كتب ناقد الموضة العالمي غودفري ديني في “فاشن نيتوورك”، إن البدلات المؤلفة من التنانير بألوان داكنة والفساتين السوداء لدى دار جيفنشي توحي “بأجواء جنائزية بعض الشيء”.
وبألوان الرمادي والأبيض الفاتح والأخضر الزيتوني اختارت فيكتوريا بيكهام “الأقمشة القديمة المستخدمة في منازل الريف البريطاني” لمجموعتها المستوحاة من عالم الرقص الكلاسيكي.
وحتى دريس فان نوتن المتخصص في فن الجمع بين الأقمشة المطبعة بطرق مبتكرة، كان رصينا في مجموعته بشكل غير معتاد حيث طغت البدلات بألوان البيج أو الأزرق الداكن. وقال لوكالة فرانس برس “لم أشأ أن تطغى الألوان على الأشكال”.
من جانبها اختارت ماري – كريستين ستاتز مؤسسة علامة غوشير التجارية، عمدا البساطة لمجموعتها باللونين البيج والأسود من أجل “إبراز جودة القطع”.
وقالت باسكالين فيلهلم مستشارة الموضة والأنسجة ردا على أسئلة وكالة فرانس برس إن “جانب القصات في الخياطة حاضر جدا، هناك محاولة للعودة إلى الأسلوب البسيط”.
وأضافت أن هذا الأمر له متطلبات لأن البساطة هي عبارة عن “مواد جميلة جدا، إتقان للأقمشة وإتقان الخياطة والقصات”
وترى فيلهلم أن التصاميم التي رافقتها الكعوب العالية كانت “أقل انتفاخا” من الأحذية التي كانت رائجة لكن أيضا “أقل إثارة واستفزازية”، تعكس “الحاجة إلى الأناقة”.
وبعد كوفيد، عاد الناس إلى العمل و”دور الأزياء تفكر في هذا الأمر. لقد عشنا بلباس الركض وهذه الفترة ولّت بشكل نهائي” كما يحلل من جهته بيار غروبو رئيس تحرير الموضة وأسلوب الحياة في مجلة “فانيتي فير” ردا على أسئلة وكالة فرانس برس.
وأضاف “لم يعد رائجا ارتداء النيون أو الألوان البراقة. النساء اللواتي ينفقن مبلغا كبيرا على هذه القطع يردن التمكن من ارتدائها من موسم إلى آخر” و”ألوان البيج أو الأسود أو الرمادي أو الأبيض الفاتح تبدو أفضل من الألوان الزاهية”.
فلماذا أزياء الرجال طغت عليها الألوان أكثر؟ يتحدث الخبراء عن “إعادة توازن” فهي أقل تقدماً من الأزياء النسائية لكنها في “أوج الإبداع”.
وتقول باسكالين فيلهلم “بالنسبة إلى المرأة، لم تعد هناك حاجة إلى أن تكون محط إعجاب أو رومانسية ساذجة”.
وتقول بالوما لانا مؤسسة ومصممة “بالوما وول” وهي علامة تجارية إسبانية ظهرت لأول مرة في أسبوع الموضة، إنها تعتمد هذا الخط.
وتوضح “في الماضي كنت أستخدم الكثير من الألوان والأقمشة المطبعة، لكن منذ سنوات أسعى إلى الرصانة. من المهم عدم الشعور بالمبالغة في الأناقة حين نرتدي ملابس أنيقة”.
كما أن المشاهير مثل الممثلة الأميركية غوينيث بالترو يحبون كثيرا هذا الأسلوب من “الفخامة الهادئة”، وهو اتجاه موضة يقوم على ارتداء ملابس رصينة باهظة الثمن تكون علامتها التجارية غير ظاهرة، ويبدو أنها تتماشى مع روحية أسبوع الموضة هذه السنة.
ويقدم بيار هاردي مصمم الأحذية لدى دار إرميس نموذجا للصنادل المسطحة تعود إلى نمط من عشرينات القرن الماضي، ويقول لوكالة فرانس برس “الإبداع ليس مجرد مسألة شكل، بل أيضا مسألة توقيت. لقد كان هذا الوقت المناسب”.