الموصل تظهر بحلة الحياة بفضل جهود الأهالي

الموصل (العراق)- ظهرت مدينة الموصل مركز محافظة نينوى شمالي العراق بصورة أفضل وأكثر تطورا نتيجة لحركة الإعمار الواضحة بعد خمس سنوات على تحريرها من تنظيم الدولة الإسلامية بجهود أهالي المدينة ودعم المنظمات الإنسانية وجهود حكومية.
وبدت المدينة وهي تلبس حلتها الجديدة بعد أن اختفى الكثير من مشاهد الأنقاض والركام التي خلفها احتلال التنظيم المتطرف فترى المحال التجارية والبنايات قد أعيد إعمارها وطلاؤها بألوان زاهية وهي تمارس الأنشطة التجارية، وهناك حركة متواصلة لتبليط الشوارع وإعادة إعمار الجسور والطرق والمباني الحكومية.
وتغيرت الصورة القديمة المؤلمة للموصل في العام الخامس على تحريرها إلى واقع جديد يكاد يخلو من آثار الحرب والدمار مع ارتفاع العديد من المباني، لكن أهالي المدينة ما يزالون يطمحون إلى المزيد لتعود مدينتهم إلى سابق عهدها.
ويعود سبب دوران عجلة الإعمار وفقا لأهالي الموصل إلى حالة الأمن والاستقرار التي تعيشها المدينة بفضل ما قامت به القوات الأمنية، وهذا يتطلب من الحكومة أن تقوم بحركة إعمار توازي الحالة الأمنية الممتازة.
ويرى علي سعدي صاحب محل قصابة بسوق العطارين الشهير بالجانب الغربي للموصل الذي يعد جزءا من سوق باب السراي الذي اكتمل إعماره وعادت الحياة فيه إلى طبيعتها، وجود تطور كبير في مجال الإعمار وتحسن في مجال حياته الشخصية.
وقال سعدي لوكالة أنباء (شينخوا) “هناك تطور وعملنا حاليا تحسن بمقدار الضعف عن العام السابق، وإقبال المواطنين كثير علينا والسوق بصورة عامة جيد جدا، وهذا يعود إلى توفر الأمن وحصول إعمار”.

وأكد أنه أكمل بناء الطابق الثاني لبيته الكائن بمنطقة الشهوان بالمدينة القديمة، معربا عن تفاؤله بالمستقبل، موضحا أن تفاؤله مبني على توفر الأمن وتحسن الوضع بشكل عام مع وجود حركة إعمار جيدة.
وأيد دلشاد إسماعيل الذي قدم من الجانب الشرقي للموصل، للتبضع من سوق السراي الذي يحظى بمكانة خاصة لدى الموصليين حصول تطورات إيجابية وجيدة في المدينة قائلا “حصلت تطورات كبيرة وجيدة وتبشر بالخير”.
وأضاف وقد بدت عليه علامات التفاؤل والراحة والاطمئنان “هناك تطور مقارنة بين العام السابق والعام الحالي، وهناك تطور بين سنة وأخرى، وهناك إقبال من قبل الناس على السوق، وهذا جاء نتيجة توفر الأمن والاستقرار بالمدينة”.
ويؤكد الموصليون وجود تطور في إعمار الجسور والشوارع والخدمات وكل مناحي الحياة، لكنه ليس بالمستوى الذي يلبي طموحاتهم، فلا تزال مدينتهم تعاني من عدم إكمال بناء المستشفيات وعدم وجود مطار، فيما يؤكد المسؤولون أن مشاريع الإعمار تسير بشكل جيد وبما يعيد للموصل صورتها البهية خلال فترة ليست طويلة.
وخلال التجوال في أحياء الموصل تجد حركة إعمار وتغيرات بالمدينة، ففي السرجخانة تقوم البلدية بإعمار أكبر المجمعات التجارية بالموصل، يحتوي على مئات المحال والمخازن والشقق، وفي حي الزنجيلي تواصل الآليات عملها بتبليط جميع شوارع وأفرع الحي، وبالموصل الجديدة يتواصل العمل لإكمال مجسر سيساعد على تخفيف الازدحام، كما يتواصل العمل لإعمار الجسر الخامس والذي سينتهي العمل به خلال أكتوبر المقبل.
وفي جامع النوري الذي يعد رمزا من رموز الموصل التاريخية يتواصل العمل بإعمار الجامع ومئذنته الحدباء الشهيرة بإشراف منظمة (اليونسكو) التابعة للأمم المتحدة وبدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة.

◙ الموصليون يؤكدون وجود تطور في إعمار الجسور والشوارع وكل مناحي الحياة، لكنه ليس بالمستوى الذي يلبي طموحاتهم
وقال عمر طاقة مهندس موقع اليونسكو بالجامع “بدأنا بأعمال إعادة إعمار جامع النوري ومئذنته الحدباء عام 2019 ، وقمنا برفع ما يقارب 5600 طن من الأنقاض إضافة إلى 11 عبوة مزروعة داخل جدران مصلى مسجد النوري، وبعد ذلك قمنا بأعمال التدعيم للمحافظة على الأجزاء المتبقية من المئذنة والمصلى باستخدام حوالي 80 طنا من الخشب”، مبينا أن جميع العمال والنجارين في الموقع من أهالي الموصل وبإشراف خبراء دوليين ومحليين.
وأضاف “بدأنا مطلع هذه السنة بإعادة إعمار المئذنة الحدباء، وتشمل المرحلة الأولى صيانة القاعدة المتضررة والجزء المتبقي من المئذنة، والثانية ستشمل نصب الأساس الجديد حول المئذنة كون التربة أسفل الأساس القديم للمئذنة غير قادرة على تحملها من جديد، والثالثة ستشمل إعادة بناء المئذنة والجزء المفقود منها بنفس تفاصيلها وبنفس المواد”.
كما تشمل مبادرة إعمار جامع النوري والمئذنة إعمار 124 منزلا مجاورا للجامع، تم إنجاز أكثر من 70 منزلا منها وبعضها سكنه أصحابها.
بدوره، أكد أمين الفنش قائم مقام الموصل وجود إعمار وتطور بالموصل، مبينا أن الأموال المطلوبة لإعادة الإعمار والحياة بالموصل حسب التقارير الأممية والمختصة تتراوح بين 12 و15 مليار دولار.
وقال الفنش، إن “مدينة الموصل وخاصة المدينة القديمة تعرضت إلى دمار كبير جراء العمليات العسكرية والإرهابية، وبقراءة مختصرة ما تم تدميره من وحدات سكنية في المدينة القديمة أكثر من 12 ألف وحدة سكنية ونسبة الدمار من 80 إلى 100 في المئة لكن لم تقف الحكومات المحلية متفرجة على الدمار واشترك الجميع وهبوا بهمّة رجل واحد بالتعاون مع أهالي المدينة الذين كان لهم الدور الأكبر”.
واضاف “لدينا في حدود 1700 مشروع خلال تولي الفريق نجم الجبوري إدارة المحافظة أنجز منها بالكامل أكثر من 1200 مشروع، وبقية المشاريع إنجازها متفاوت وقسم منها على وشك الإنجاز والقسم الآخر تجاوز 50 في المئة وقسم سنستلمه خلال أيام أو أشهر قبل نهاية هذه السنة”.
وأوضح أن هذه المشاريع شملت كافة القطاعات الصحية والبلدية والماء والكهرباء والمجاري والبنى التحتية ومقرات الدوائر والأنفاق والمجسرات والطرق الحولية والجسور.
وأكد الفنش أن الخطة تشمل إنشاء الواجهة النهرية بالمدينة القديمة بين الجسر القديم والجسر الخامس وبطول 1083 مترا وهي ستغير وضع الموصل من مدينة مدمرة وخاصة المدينة القديمة وستحافظ على لمساتها التراثية، مبينا أنه تم رصد 68 مليار دينار لهذه الواجهة.
وبين أن من يريد إعادة بناء بيته بالمدينة القديمة عليه الحصول على إجازة من القسم البلدي ويتعهد ببناء منزله وفق المعايير التي حددها القانون الخاص بالمدن القديمة ويجب أن يحافظ على الطراز الأثري والتراثي العريق لمدينة الموصل والمدينة القديمة.
ووعد المسؤول ببناء مجسرات عملاقة وشوارع حولية صممت وفق التصاميم والطراز الحديث يتوفر فيها كل ما هو موجود بالطرق العالمية، إضافة إلى مشاريع المجاري ومشاريع أخرى متلكئة منذ فترة طويلة، مؤكدا أنها ستغير واقع الموصل نحو الأفضل.

