الموسيقى تنسي أطفال اليمن أوقاتهم الصعبة

الموسيقى التي أضيفت إلى البرنامج التعليمي في مدارس اليمن، تهدف إلى إدخال بعض السعادة في قلوب الطلاب المتألمين نفسيا.
الاثنين 2019/01/28
الموسيقى دعم ومساندة

تعز (اليمن) – كلما شعرت الطفلة اليمنية نظيرة الجعفري بالضيق نتيجة الحرب في بلدها، لجأت إلى الموسيقى بعدما أدرجتها مدرستها الواقعة في مدينة تعز في البرنامج التعليمي لتدرسيها كباقي المواد.

وفي غرفة صغيرة في مدرسة النورس، يصدح صوت الموسيقى الخارجة من آلة “أورغ”، بينما تراقب الجعفري، بابتسامة، مدرّستها وهي تضغط بأصابع يديها الاثنتين على مفاتيح الآلة الموسيقية، الواحد تلو الآخر.

وتقول الطفلة “أحب مادة الموسيقى”، مضيفة “في الأوقات التي أكون فيها غير مرتاحة، أعزف الموسيقى”.

وأتقنت الجعفري عزف موسيقى العديد من الأغاني المعروفة، بينها الخاصة بأعياد الميلاد، و”نسم علينا الهوى” للمطربة اللبنانية فيروز، بينما تقوم مؤخرا بالتدرب على عزف أغنية “أنت عمري” للمطربة المصرية الراحلة أم كلثوم. وتقول وهي تجلس خلف آلة “الأورغ” إنها تتمنى “أن ينتصر اليمن” وتنتهي الحرب المستمرة منذ 2014 حتى تبدأ “حياة جديدة”.

واشتهرت مدينة تعز الواقعة في جنوب غرب اليمن، بجودة حبوب البن التي تزرع فيها وتصدّر إلى الخارج عبر ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر في غرب البلد الفقير.

لكن مدينة تعز وضواحيها أصبحت منذ حوالي أربع سنوات مسرحا لقتال شرس.

تعرّضت مدرسة النورس المؤلفة من ثلاثة طوابق إلى أضرار بسبب القتال في العامين 2015 و2016، لكنها أعادت فتح أبوابها في سبتمبر 2016، بينما بقيت آثار الرصاص والقذائف على جدرانها شاهدة على حرب قتل فيها نحو 10 آلاف شخص ووضعت ملايين على حافة المجاعة.

ويقول القيمون على المدرسة إن حصة تعليم الموسيقى التي أضيفت إلى البرنامج التعليمي، تهدف إلى إدخال بعض السعادة في قلوب الطلاب.

ويؤكد مدير المدرسة شهاب الدين أحمد أن المنطقة التي تقع فيها المدرسة “خط مواجهات وخط نار (…) لقد اضطررنا لنقل (الطلاب) للخارج” للاستقرار والتعلم في مبنى آخر بعيدا عن الاقتتال. وتابع “كانت الحالة النفسية للطلاب صعبة” عندما أعادت المدرسة فتح أبوابها “فحاولنا أن ندخل مادة ترفيهية، واخترنا الموسيقى”، مشيرا إلى أن جامعة في المخا قامت بإعارة المدرسة آلات وأدوات موسيقية.

وقال أحمد “نشاهد الطلاب وهم يتفاعلون معها. العائد الايجابي ممتاز جدا”.

رغم أن الحصص الموسيقية ليست جزءا من برنامج علاج نفسي أكبر في هذه المدرسة، إلا أن الموسيقى غالبا ما تستخدم حول العالم كوسيلة لدعم ومساندة أشخاص تعرضوا لصدمات نفسية أو عاشوا في مناطق حرب.

وفي الغرفة المتواضعة المخصصة لتدريس الموسيقى في مدرسة النورس، يخرج العشرات من الأطفال يوميا من أجواء الحرب والمعاناة، ليغنوا ويصفقوا ويتعلموا العزف على الآلات، في بلد تقول الأمم المتحدة إنه أصبح موطن أكبر أزمة إنسانية في العالم.

ويردّد الأطفال عبارة “هذا وجهي، هذا أنفي” بالإنكليزية على وقع الموسيقى، ويغني آخرون أغنية عنوانها “العلم سلاح”.

وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” إلى أن 2500 مدرسة من بين حوالي 16 ألفا هي خارج إطار الخدمة حاليا، 66 بالمئة منها تضرّرت بسبب أعمال العنف، و27 بالمئة أغلقت أبوابها كليا، بينما تستخدم 7 بالمئة ملاجئ لنازحين أو معسكرات لأطراف النزاع.

وحرم توقّف هذه المدارس عن التعليم 1.84 مليون طفل من الدراسة لينضموا إلى نحو 1.6 مليون طفل آخر لا يرتادون المدرسة منذ فترة ما قبل النزاع، بحسب أرقام رسمية صدرت عام 2017.

وفي تعز، تشعر مدرّسة الموسيقى في مدرسة النورس عبير أحمد الشرعبي، بأن الطالب في الحصص التي تعطيها “يحس براحة أكثر من الحصص الأخرى”.

وتتابع الشرعبي قائلة “الحروب تسبّب الألم، ولذلك فإن الشيء الذي نشعر به في داخلنا أحيانا نعبّر عنه (…) بأغنية”.

24