المواقع الأثرية تميز الفيوم مدينة البورتريهات الشهيرة

القاهرة - الفيوم واحدة من محافظات مصر التاريخية، وتُعدُّ من المقاصد السياحية المهمة في البلاد، حيث يفد إليها عشرات الآلاف من الزوّار في كل عام، للاستمتاع بمعالمها الأثرية ومناطقها السياحية ذات الطبيعة الساحرة.
وتضم الفيوم العديد من مراكز السياحة البيئية بينها بحيرة قارون، ومحمية الريان، ومحمية وادي الحيتان المسجلة ضمن قائمة مواقع التراث العالمي، إضافة إلى تفردها بالسواقي التراثية، والفنون والمنتجات الشعبية والتاريخية.
كما تحتوي على العديد من المواقع الأثرية التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ ومنها: منطقة كيمان فارس التي عُرفت قديما باسم “أرسينوي” و” شيدت”، وتشير المصادر التاريخية إلى أنها “أصل مدينة الفيوم”، وتعد أطلالها من أكبر ما عرف من بقايا المدن المصرية القديمة، وقد شيّد بعض آثارها الملك إمنمحات الثالث.
وهرم هوارة، الذي أقيم في عصر الملك إمنمحات الثالث من ملوك الأسرة الثانية عشرة في مصر القديمة، وهو من الأهرام التي شُيّدت من الطوب الليّن واكتست من الخارج بالحجر الجيري، وتتكوّن حجرة الدفن التي اكتشفت داخل الهرم من الكوارتزيت، ونحتت من قطعة حجرية واحدة يبلغ وزنها بحسب علماء الآثار أكثر من 100 طن، وتحيط بالهرم معالم أثرية أخرى بينها المقابر التي عُثر بداخلها على بورتريهات الفيوم الشهيرة، وهي جبانات يعود تاريخها إلى العصر المتأخر.
الفيوم تضم العديد من مراكز السياحة البيئية بينها بحيرة قارون، ومحمية وادي الحيتان المسجلة ضمن مواقع التراث العالمي
وهناك أيضا، أطلال مدينة ماضي التي توجد بها أطلال لمعبد يعود إلى عصر الأسرة الثانية عشرة في مصر القديمة، ويعُده علماء الآثار من بين أكبر المعابد الباقية من عصر الدولة الوسطى بمصر القديمة، وقد قام الرومان بإضافة بعض المنشآت له.
وهرم اللاهون الذي شيّده الملك سنوسرت الثاني أحد ملوك الأسرة الثانية عشرة في مصر القديمة، ويقترب ارتفاع الهرم من الـ 50 متراً، وقد تمكن من فتح ذلك الهرم في سنة 1889 ميلادية، عالم بريطاني يُدعى فلندرز بيتري.
ومسلة سنوسرت، التي نُحتت من حجر الجرانيت، وهي تحمل اسم الملك سنوسرت الأول الذي شيّدها بارتفاع ثلاثة عشر متراً، وكذلك قصر قارون، ومدينة كرانيس، ومنطقة أم البريجات، ومدينة ديمية السباع، ومتحف كوم أوشيم، ومتحف الكاريكاتير، وسواقي الهدير، وحديقة حيوانات الفيوم، وحدائق عين السيلين، بجانب العديد من الآثار الأخرى التي تعود إلى حضارة مصر القديمة، إضافة إلى آثار رومانية ويونانية وإسلامية.
وتعتمد محافظة الفيوم في بعض ما اكتسبته من شهرة، على مجموعة البورتريهات التي منحت المزيد من الزخم لتاريخ الفيوم، وهي واحدة من أهم المكتشفات في القرن العشرين، وتعتبر بمثابة حلقة وصل بين فنون التصوير قديما، وفنون العصور الوسطى، واعتبرها البعض بداية لما بات يُعرف بفن الأيقونات القبطية، التي هي بمثابة امتداد للفن الجنائزي المرتبط بالموت والمومياوات والتوابيت في مصر القديمة.
حيث كان المصريون القدماء يحرصون على وضع صورة للمتوفى فوق موميائه، حتى تتعرف عليه روحه في العالم الآخر، وذلك بحسب المعتقدات التي كانت سائدة في مصر القديمة.. وبما يفسر لنا ذلك ملامح الحزن التي ترتسم على وجوه أبطال بورتريهات الفيوم، التي توزعت لوحاتها على الكثير من المتاحف العالمية بعد أن خرجت من مصر قبل قرون مضت.
ونظرا للأهمية التاريخية للفيوم، فقد ورد ذكرها، وذكر معالمها في الكثير من كتب الرحالة وعلماء الآثار، وقيل في وصفها:
إن الفيوم تبدو على الخريطة كأنها جزيرة خضراء، مثلها مثل جميع واحات الصحراء، لكنها تتمتع بفرع طبيعي من نهر النيل الخالد، يطلق عليه بحر يوسف، وفى وسط الفيوم توجد بحيرة قارون التي كانت أكثر اتساعاً في الماضي مما هي عليه الآن، وكانت تسمى فيما مضى باسم “بايوم” أي البحر، ثم صارت تحمل اسم الفيوم. وتتكون محافظة الفيوم اليوم من “سهل نضير” يُروى ويُزرع كله، وقد اشتهرت هذه المنطقة في قديم الزمان بالبرك والمستنقعات الزاخرة بالأسماك والطيور، وكان الملك والنبلاء يذهبون إليها لممارسة الصيد، واشتغل السكان في صيد الأسماك، وكانوا بالغي النشاط، فزودوا الدولة كلها، آنذاك، بكميات هائلة من الأسماك الطازجة والمملكة أيضاً.
وكانت التماسيح تعيش في بحيرة قارون، وكان التمساح في عصر مبكر من تاريخ مصر القديمة، إلها عظيما لدى سكان تلك المنطقة، وأُطلق الاسم الإغريقي ” كروكوديلوبوليس ” أي مدينة التمساح على عاصمة الفيوم.
وكان الخيار يُزرع على الشواطئ الرملية لبحيرة قارون، في العصر الذي بُنيت فيه الأهرامات، وتوسع الأهالي في زراعة المستنقعات شيئا فشيئا في الأسرة الثانية عشرة بمصر القديمة، وخاصة في عهد حكم الملك إمنمحات الثالث، الذي نسجت حوله أسطورة الملك موريس، فبني ” اللاب رينت ” والمعبد الفخم المكرس لعبادة الربة الكوبرا، التي تضفي الوفرة على المحاصيل.
وفى عصر لاحق عندما جاء المستوطنون من جميع الأقاليم، وجعلوا من الفيوم عالما مصغرا لمصر كلها.
ثم عندما جاء بطليموس فيلادلفوس، جعل كل قدامى جنوده الإغريق والمقدونيين، فلاحين نشطين، وكرسوا كل جهودهم لعبادة سوبك، وقد عُثر على الآلاف من المخطوطات من أوراق البردي المكتوبة باللغة الإغريقية، وكذلك المخطوطات المكتوبة باللغة المصرية القديمة، والتي كتبها سكان المنطقة من الإغريق، وتصف تلك المخطوطات الحياة اليومية في قرى الفيوم آنذاك، وصارت مدينة التمساح هي مدينة “ارسينوي” على اسم زوجة بطليموس فيلادلفوس، وقد عبد المستوطنون الإغريق الإله سوبك “سوخوس”.
وقد ارتبطت الفيوم بأسطورة تفسر وجود هذه الرقعة المائية الواسعة، التي تكونت بمعجزة وسط سهل صحراوي، فاعتبرها علماء اللاهوت الوطنيون في الحقبة المتأخرة تمثيلا لـ”بقرة السماء” على الأرض، وقالوا إنها سماء سائلة اختبأ فيها ابن هذه البقرة الذكر “الشمس” في شيخوخته بطريقة غامضة، متخذا صورة تمساح هربا من البشر والآلهة المتمردين. وتقول أسطورة أخرى، إن الفرعون موريس، إمنمحات الثالث، أمر بحفر ذلك المنخفض بأيدي العمال، وأقام في وسطه هرمين تحيط بهما تماثيل ملكية ضخمة.
وقد أعاد هيرودوت، أبو التاريخ، هذه الرواية بغير تحفظ، ومن ذلك يمكننا أن نستنتج أن بحيرة موريس، قد قامت بنفس الدور الذي يقوم به خزان أسوان اليوم منذ الدولة الوسطى في مصر القديمة وما بعدها، وهكذا ارتبطت الفيوم بالأساطير الخيالية والجذابة التي قدمها كاتبوا الآداب الكلاسيكية، عن بحيرة سوبك المقدسة، والأعمال العامة العظيمة التي نفذها المصريون في الفيوم.
محافظة الفيوم تعتمد في بعض ما اكتسبته من شهرة، على مجموعة البورتريهات التي منحت المزيد من الزخم لتاريخ الفيوم، وهي واحدة من أهم المكتشفات في القرن العشرين
وتعد المدينة صورة مصغرة لمصر حيث يمثل بحر يوسف نيلها ودلتاها وتمثل بحيرة قارون شمالها الساحلى. وتعتبر من أهم المناطق السياحية في مصر حيث تتجمع فيها كل عناصر الجذب السياحي، وتمتاز بجمال الطبيعة وجوها المعتدل طول العام، وقد ظهرت فيها حضارات ما قبل التاريخ، والتي تركت بصمتها الخالدة من خلال الآثار الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية. وتبلغ مساحتها 6068.70 كيلومترا مربعا وتضم ستة مراكز إدارية هي (الفيوم، سنورس، إطسا، طاميه، أبشواى، يوسف الصديق). وتقع مدينة الفيوم في قلب مصر بين الدلتا والصعيد جنوب غرب القاهرة بمسافة مئة كيلومتر وهى إحدى الواحات الموجودة بالبلاد.
وتضم الفيوم مواقع تراثية ومتاحف مفتوحة لحفريات نادرة يرجع تاريخها إلى 40 مليون سنة، ومساجد أثرية، ومعابد وقصورا من مختلف العصور، والعديد من الأماكن السياحية والترفيهية والبيئية، وقد ميز التنوع الكبير في الأماكن الأثرية والسياحية الفيوم عن غيرها، ما جعلها وجهة ومقصد عدد كبير من السياح من مختلف أنحاء العالم، بل إنّ منهم من ترك بلاده وعاش فيها واستقر.
وتضم محافظة الفيوم أيضاً العديد من الآثار الإسلامية التي يقصدها العديد من الصوفيين ومحبي الأضرحة، والآثار القبطية التي يقصدها الأقباط المصريون والأجانب من مختلف مناطق العالم، وهي المسجد المعلق وضريح ومسجد الرومي ومسجد خوند أصلباي ودير الملاك غبريال بجبل النقلون ودير العزب.
ووفقاً للبوابة الإلكترونية لمحافظة الفيوم، فإنّ خارطة الفيوم تضم العديد من الأماكن السياحية التي يقصدها السياح المحليون من مختلف أنحاء الجمهورية، أو حتى الأجانب، أهمها قرية تونس السياحية التي يقصدها الآلاف من الأجانب على مدار العام.
كما تتميز المحافظة بسياحة اليوم الواحد، إذ يتوافد عليها العشرات من المواطنين لقضاء يوم في الفيوم، حيث توجد أجمل المناظر الطبيعية هناك.