الموافقة على تسويق أغلى دواء في العالم لعلاج "الهيموفيليا ب"

عقار "همجنيكس" يخفض عدد حالات النزيف المتوقعة على مدار العام بأكثر من النصف.
الثلاثاء 2022/11/29
الدواء يساعد على تخثر الدم

أكدت إدارة الغذاء والدواء الأميركية أن عقار “همجنيكس” يمثل تقدما مهما في تطوير علاجات مبتكرة للأشخاص المتأثرين بمرض “الهيموفيليا ب” من خلال توصيل الجين الذي يمكن أن ينتج عوامل تخثر الدم المفقودة في الكبد. ورغم ارتفاع سعره فإن الخبراء يعتقدون أن لديه فرصة للنجاح باعتبار أن الأدوية الحالية باهظة الثمن أيضا، وكذلك لأن مرضى الهيموفيليا يعيشون دائما في دائرة الخوف من النزيف.

واشنطن - وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركي على تسويق أغلى دواء في العالم لعلاج الاضطراب الوراثي، “الهيموفيليا ب.”

وهكذا، أعطت الضوء الأخضر لعقار “همجنيكس” من شركة الأدوية الحيوية “سي.أس.أل بهرنغ”، التي حددت سعره عند 3.5 مليون دولار للجرعة، ما يجعله أغلى علاج في العالم.

ويعطى عقار “همجنيكس” عن طريق الوريد لمرة واحدة للمرضى البالغين المصابين بـ”الهيموفيليا ب”، وهو اضطراب دم وراثي يصيب الرجال في الغالب وينتج عن طفرة جينية في بروتين ضروري لتخثر الدم. وإذا تركت دون علاج، يمكن أن تسبب الحالة نزيفا يتسرب إلى الأعضاء والمفاصل، بما في ذلك الدماغ.

ووجدت دراسة أنه يخفض عدد حالات النزيف المتوقعة على مدار العام بأكثر من النصف، ويحرر 94 في المئة من المرضى من الحاجة إلى الحقن المنتظم للسيطرة على الأمور.

وقال بيتر ماركس، مدير مركز تقييم أبحاث البيولوجيا التابع لإدارة الغذاء والدواء، “كان العلاج الجيني للهيموفيليا يلوح في الأفق منذ أكثر من عقدين”، مشيرا إلى أن الموافقة “تمثل تقدما مهما في تطوير علاجات مبتكرة لأولئك الذين يعانون من عبء كبير، من جراء هذا المرض المرتبط بهذا الشكل من الهيموفيليا”.

"الهيموفيليا ب" هو اضطراب دم وراثي يصيب الرجال في الغالب وينتج عن طفرة جينية في بروتين ضروري لتخثر الدم

ويمثل “الهيموفيليا ب” نسبة نحو 15 في المئة من مرضى الهيموفيليا، ويصيب تقريبا واحدا من كل 40 ألفا من السكان. وغالبا ما لا تظهر أي أعراض على النساء المصابات بالمرض.

ويتكون “همجنيكس” من ناقل فايروسي يحمل جين عامل التخثر (“إكس.إي” العامل التاسع) الذي يتم التعبير عنه في الكبد من أجل زيادة مستويات هذا الإنزيم في الدم، وبالتالي الحد من نوبات النزيف.

وبالنظر إلى أن هذا العلاج الجيني الجديد باهظ الثمن، فقد أثارت تكلفته تساؤلات حول ما إذا كان سيتم تبنيه على نطاق واسع.

وأوضح براد لونكار، المستثمر في مجال التكنولوجيا الحيوية، والرئيس التنفيذي لشركة “لونكار إنفستمنتز” في حديث لوكالة “بلومبرغ”، “في حين أن السعر جاء أعلى قليلا مما كان متوقعا، أعتقد أن لديه فرصة للنجاح، أولا، لأن الأدوية الحالية باهظة الثمن أيضا، وثانيا، لأن مرضى الهيموفيليا يعيشون دائما في دائرة الخوف من النزيف”.

وقالت إدارة الغذاء والدواء الأميركية إن “همجنيكس” يمثل تقدما مهما في تطوير علاجات مبتكرة للأشخاص المتأثرين بالمرض، من خلال توصيل الجين الذي يمكن أن ينتج عوامل تخثر الدم المفقودة في الكبد.

وتعمل العلاجات التقليدية على ضخ البروتينات المفقودة، أو عوامل التخثر، التي يحتاجها الجسم لتكوين جلطات ووقف النزيف.

وتشير التقديرات إلى أن نحو 16 مليون شخص في الولايات المتحدة وأوروبا مصابون بـ”الهيموفيليا ب”، في حين أن “الهيموفيليا أ”، الأكثر شيوعا، يؤثر على خمسة أضعاف هذا العدد.

رغم ارتفاع سعر الدواء يعتقد الخبراء أن لديه فرصة للنجاح، باعتبار أن الأدوية الحالية باهظة الثمن أيضا

ويشير خبراء “مايوكلينيك” إلى أن الهيموفيليا هو اضطراب نادر يتسبب في عدم تجلط الدم على نحو طبيعي، بسبب نقص البروتينات اللازمة لتجلط الدم (عوامل التجلط). فإذا كان الشخص مصابا بالهيموفيليا، فقد يستمر نزفه بعد أي إصابة لفترة أطول مقارنة بحالته إذا كان الدم يتجلط على نحو سليم.

وفي العادة، لا تمثل الجروح الصغيرة مشكلة كبيرة. وإذا كان مرضه شديدا، فحينها يكون الخوف الرئيسي من النزيف داخل الجسم، خاصة في الركبتين والكاحلين والمرفقين، إذ قد يؤدي النزيف الداخلي إلى إتلاف الأعضاء والأنسجة، كما قد يشكّل خطرا على حياة المريض.

وينشأ الهيموفيليا في جميع الحالات تقريبا عن اضطراب وراثي. ويشمل العلاج تعويض عامل التخثر المحدد الناقص بانتظام. وتُستخدم أيضا علاجات أحدث لا تحتوي على عوامل تخثر.

وعندما يحدث نزيف، فإن الجسم في العادة يجمع خلايا الدم معا لتكوين جلطة وإيقاف النزيف. ومن عوامل تجلط الدم البروتينات الموجودة في الدم التي تعمل مع خلايا تُسمى الصفائح الدموية لتكوين الجلطات. ويحدث الهيموفيليا عند نقص أحد عوامل تجلط الدم أو عند انخفاض مستوياته.

“الهيموفيليا ‏ب” هو اضطراب  تخثر الدم الناجم عن طفرة في جين العامل التاسع، مما يؤدي إلى نقص العامل التاسع. وهو ثاني أكثر أشكال الهيموفيليا شيوعا، وأكثر ندرة من “الهيموفيليا أ”، وقد عرف “الهيموفيليا ب” لأول مرة كنوع مختلف من الهيموفيليا في عام 1952. ويسمى أحيانا مرض كريسماس نسبة إلى ستيفن كريسماس، أول مريض تم تشخيصه بهذا المرض.

ويقع جين العامل التاسع على  كروموسوم إكس.1-. وهو سمة متنحية مرتبطة بالكروموسوم  إكس، مما يفسر سبب ظهورها في الذكور فقط، كما هو الحال مع “هيموفيليا أ”.

وفي عام 1990، أظهر الخبراء أن هناك مجموعتين من الطفرات الجينية تمنع بروتينين رئيسيين من الالتصاق بالحمض النووي للأشخاص المصابين بنوع نادر وشاذ من “هيموفيليا ب” (هيموفيليا ب ليدن)، حيث يعاني المرضى من نوبات نزيف مفرط في مرحلة الطفولة، ولكن بعد سن البلوغ يكون النزف أقل. ويؤدي ذلك النقص في ارتباط البروتين بالحمض النووي “دي.أن.أي” إلى إيقاف الجين الذي ينتج عامل التخثر التاسع، الذي يمنع النزيف المفرط.

17