المهد في بيت لحم تشتاق إلى حجاجها المؤمنين

الموجة الرابعة من كورونا بددت الأحلام بعودة السياحة إلى المدينة التاريخية قريبا.
الأحد 2021/09/05
صلاة لأجل السلام

أزمة كورونا انعكست على مختلف القطاعات في مدينة بيت لحم التي يعتمد نحو 80 في المئة من سكانها على العمل في السياحة بشكل مباشر أو غير مباشر.

بيت لحم (فلسطين) - يستبعد الفلسطينيون في مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية، أي أفق لعودة المدينة التاريخية السياحية إلى سابق عهدها بعد أن أنهكتها جائحة كورونا، وقلصت أعداد السياح بشكل غير مسبوق.

وعلى مدار العام قبل جائحة كورونا، كان يؤم المدينة عامة وكنيسة المهد خاصة، يوميا الآلاف من السياح والحجاج من مختلف أنحاء العالم، لكن منذ بداية الجائحة لم تعد تشهد المدينة إلا زيارات محدودة لمسيحيين غالبيتهم من الأراضي الفلسطينية.

وسجّلت بيت لحم أولى الإصابات بفايروس كورونا، في مارس 2020.

وانعكست هذه الأزمة على مختلف القطاعات بالمدينة التي يعتمد نحو 80 في المئة من سكانها على العمل في السياحة بشكل مباشر أو غير مباشر.

وعلى الرغم من استعداد المدينة لاستقبال السياح والحجاج المسحيين مجددا، إلا أن دخول الأراضي الفلسطينية والمنطقة في موجة رابعة من تفشي كورونا، بدد الأحلام، وأعاد الأوضاع إلى نقطة الصفر.

تقول وزارة الصحة الفلسطينية، في عدة بيانات لها، إن الوضع الوبائي في البلاد “يزداد سوءا”، معبرة عن مخاوفها من الدخول في موجة رابعة من جائحة كورونا.

وفي الكنيسة التي شيدت على المغارة التي يعتقد أن المسيح عيسى عليه السلام ولد فيها، يؤدي رجال دين صلواتهم، ويقول أحدهم رافضا التقاط صور له “نصلي من أجل أن يعم السلام وينتهي  لوباء”.

ويضيف “المهد تشتاق لحجاجها المؤمنين، لكن الموجة الجديدة من كورونا أعادت الأمور إلى نقطة الصفر”.

أمل في تعاف سريع للسياحة
أمل في تعاف سريع للسياحة

وينصرف رجل الدين مع بعض من رعية كنيسته، فيما تبدو الكنيسة شبه فارغة إلا من بعض المسيحيين الذين عرفوا عن نفسهم، بأنهم من مدينة “بيت ساحور” القريبة من بيت لحم، جنوبي الضفة.

في المغارة حيث ولد المسيح، تلتقط فتاة قالت إنها قادمة من مدينة جنين (شمال) بعض الصور التذكارية، ما يشير إلى أن غالبية زوار المدينة هم من الأراضي الفلسطينية.

وتتبوّأ بيت لحم مكانة تاريخية، وتكتسب قدسية من احتوائها على كنيسة “المهد” التي يعتقد المسيحيون بميلاد المسيح في موقع بنائها، ويقصدها الآلاف من السياح سنويا.

على مدخل الكنيسة يجلس الدليل السياحي عيسى أبوداود (61 عاما)، منتظرا قدوم سياح على غير موعد، لعله يصحبهم في جولة داخل المدينة ويعرفهم على معالمها التاريخية والدينية.

ويقول أبوداود “وضع السياحة في بيت لحم سيء جدا، لا يوجد سياح، منذ عام ونصف العام ونحن على هذه الحالة”.

يضيف “في مايو الماضي تحسن الوضع قليلا بعد تراجع إصابات كورونا، لكنه عاد إلى نقطة البداية”.

على الرغم من عدم وجود سياح، غير أن أبوداود الذي عمل في هذه المهنة منذ 2006، يجلس في ساحة المهد، يقول “لا عمل لنا سوى هذه المهنة، أمضي وقتي في ساحة الكنيسة علّ وفدا يتبع سفارة أو قنصلية يزور الكنيسة، أو بعض السياح من فلسطينيي الداخل (إسرائيل)”.

ويستذكر عمله قبل جائحة كورونا قائلا “كانت المدينة تعج بالسياح، يوميا يدخل المدينة والكنيسة ما لا يقل عن 5 آلاف سائح”.

3.5 مليون سائح زاروا فلسطين قبل تفشي جائحة كورونا التي قلصت أعداد الزوار بشكل غير مسبوق

وفي جوار الكنيسة تنتشر العشرات من المحال التجارية، التي تعتمد على حركة السياحة، لكن معظمها أقفل أبوابه بسبب خلو المدينة من السياح.

ويقول جورج عيسى، صاحب محل لبيع التحف الشرقية “منذ عام ونصف العام ونحن بلا عمل، نفتح المحال بين الفينة والأخرى فقط لتغير الهواء ومسح الغبار عن التحف”.

يشير عيسى إلى محال بجواره قائلا “انظر إنها مغلقة”.

يقول الناطق باسم وزارة السياحة الفلسطينية جريس قمصية، إن “المشهد السياحي في فلسطين وبيت لحم بشكل خاص ما زال غير قادر على العودة إلى سابق عهده قبل جائحة كورونا”.

ويضيف قمصية، لوكالة الأناضول “أكملنا كافة الاستعدادات لاستقبال الزوار وتم تدريب كافة العاملين في القطاع السياحي وفق بروتوكول صحي مثالي، لكن الموجة الرابعة من الجائحة عطلت كل الاستعدادات”.

ويشير إلى أن فنادق بيت لحم ما زالت تستقبل حجوزات لشهري أكتوبر ونوفمبر القادمين.

ويتوقع أن تزيد الحجوزات في ديسمبر بفعل الاحتفالات بموسم أعياد الميلاد، لكنه قال إن “كل ذلك مرتبط بالوضع الصحي في البلاد والمنطقة”.

وبيّن أن خسائر القطاع السياحي في فلسطين بلغت في العام 2020، 1.5 مليار دولار، متوقعا ذات الخسائر في العام الجاري بفعل استمرار تأثير الجائحة.

وكانت المدينة شهدت إقبالا كبيرا من السياح في الفترة من 2016 وحتى 2019، بعد فترة ركود في عام 2015، هي الأسوأ في 10 سنوات.

وسجلت المدينة في عام 2018 أعلى نسبة إشغال فندقي وصلت إلى نحو 95 في المئة وفقا لاتحاد أصحاب الفنادق.

وأكدت رولا معايعة وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية “أن القضاء على فايروس كورونا سواء باللقاح أو أي طريقة أخرى، سيسهم في تعافي السياحة بالمدينة بشكل سريع”.

وأكدت على أنه قبل تفشي جائحة كورونا بلغ عدد زوار فلسطين نحو 3.5 مليون سائح.

16