المنتدى الاقتصادي العالمي يرصد المخاطر التي تتربص بالمنطقة

البطالة والحوكمة الخطر الأكبر على المجتمعات العربية، والصراعات الإقليمية والتوترات التجارية تربك الاقتصاد العالمي.
الاثنين 2019/04/08
الملك عبدالله الثاني يدعو إلى الاستثمار لخلق ميزات إيجابية للمنطقة

شهدت أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي اختتمت الأحد في السويمة على شاطئ البحر الميت (50 كلم غرب عمان) دعوات إلى تحفيز اقتصاد منطقة الشرق الأوسط التي لطالما شهدت اضطرابات محذرة من جملة من المخاطر التي تتربص بالمنطقة أبرزها قضية البطالة والحوكمة، في ظل وضع  اقتصادي عالمي هش بسبب الخلافات التجارية والظروف المالية غير المؤاتية.

البحر الميت (الأردن) – بحثت أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي عقد على مدى يومين بمنطقة البحر الميت في الأردن، قضايا البطالة والصراعات والتنمية الاقتصادية وتغير المناخ في المنطقة العربية، في ظل التخوفات التي تحيط بمستقبل الاقتصاد العالمي.

ويأتي المنتدى الذي عقد تحت شعار “بناء منصات جديدة للتعاون” في الوقت الذي تسعى فيه عمان لجذب المزيد من الاستثمارات بعدما تسببت الصراعات الإقليمية وتدفق المهاجرين خلال العقد الماضي في تراجع الاقتصاد الأردني. كما انعقد المؤتمر وسط تطورات في منطقة شمال أفريقيا، حيث تتصاعد الأعمال العسكرية في ليبيا فضلا عن تظاهرات في الجزائر أجبرت الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة على الاستقالة بعد 20 عاما قضاها في المنصب.

وشاركت في المنتدى أكثر من ألف شخصية بينها رؤساء دول وحكومات ووزراء ومسؤولون في قطاع الأعمال والمجتمع المدني من أكثر من 50 دولة. ومن أبرز رؤساء الدول الحاضرين الرئيس النيجيري محمد بخاري، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس الأرمني أرمين سركيسيان.

وفي كلمة ألقاها في افتتاح المنتدى دعا العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى “شراكة واسعة من أجل تحفيز النمو الاقتصادي” في المنطقة. وقال العاهل الأردني إن “أبناء منطقتنا الذين يزيد عددهم على 300 مليون، يمثلون مجموعة من المواهب المتحفزة للمنافسة على مستوى العالم، كما يوفرون سوقا كبيرة من المستهلكين ومؤسسات الأعمال”.

ينظر قادة الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى القضايا الاقتصادية، على أنها المخاطر الرئيسية بالمنطقة، في حين أن تغير المناخ الخطر الأكبر على المنطقة

وتابع “إننا نحتاج إلى شراكة واسعة من أجل تحفيز النمو الاقتصادي، شراكة تتضمن استثمارات من القطاع الخاص وقدرة إنتاجية على جميع المستويات”. وأشار إلى أنه “لا بد أن ينبع هذا الجهد من المنطقة وفيها من خلال مبادرات تقودها دول الإقليم هدفها الازدهار والنمو. والأردن ملتزم بهذا النهج”.

وأكد العاهل الأردني أن بلاده تعمل بجهود دؤوبة مع شركاء دوليين لزيادة المساعدات للاجئين وللمجتمعات المستضيفة كذلك، لافتا إلى أن الأردن دفع ثمنا كبيرا لقاء قيامه بالعمل الصحيح تجاه اللاجئين، مؤكدا أن الاقتصاد الأردني فيه العديد من الفرص الواعدة.

ووفق بيانات للأمم المتحدة، يستضيف الأردن قرابة 1.4 سوري منهم 650 ألف لاجئ، بينما يتجاوز إجمالي عدد اللاجئين في المملكة حاجز 3 ملايين، وفق دائرة الإحصاءات الأردنية.

وسلط المنتدى الضوء على أربعة محاور رئيسية هي “بناء نموذج اقتصادي واجتماعي جديد للمنطقة” و”مستقبل الإدارة البيئية في العالم العربي” و”الوصول إلى أرضية مشتركة في عالم متعدد المفاهيم” و”الثورة الصناعية الرابعة في العالم العربي”.

من جهته اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن حل نزاعات المنطقة أمر حتمي من أجل الاستفادة من الفرص في الشرق الأوسط. وقال في كلمته “أنا مقتنع بأنه من الأهمية بمكان النظر إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليس فقط كمنطقة للصراع بل كمنطقة للفرص”. وأضاف “هذه حقا لحظة حرجة للمنطقة حيث تعمل الأمم المتحدة بعمق في خدمة الدبلوماسية من أجل السلام، وهي ليست ناجحة دائما، يجب أن أعترف بذلك”.

وينظر قادة الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى القضايا الاقتصادية، على أنها المخاطر الرئيسية بالمنطقة، في الوقت ذاته يبدو أنهم لا يعتبرون أن تداعيات تغير المناخ تشكّل الخطر الأكبر على الاقتصادات والمجتمعات في المنطقة.

بيئة مخاطر معقدة

Thumbnail

 رصد أرييل كاستنر العضو بمنتدى دافوس الاقتصادي في تقرير بعنوان “مشهد مخاطر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” التحديات التي تواجهها المنطقة وهي جزء من التحديات التي يواجهها العالم بأسره عبر مسح أجراه بالتعاون مع عدد من المؤسسات البحثية العالمية، بالإضافة إلى استطلاع رأي جمع قادة الأعمال من 15 دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شملت الأردن والجزائر والبحرين ومصر والمملكة العربية السعودية وتونس والإمارات العربية المتحدة واليمن.

وأعرب قادة الأعمال الذين شملهم الاستطلاع عن قلقهم إزاء تدهور البيئة الاقتصادية الدولية، حيث تتوقع الغالبية تزايد المخاطر خلال العام الجاري. ويرى 91 بالمئة منهم أن “المواجهات الاقتصادية بين القوى الكبرى” سبب لذلك، ويوافق 88 بالمئة على أن “تآكل قواعد التجارة متعددة الأطراف والاتفاقيات” يمثل أحد العوامل الأخرى.

وتم تسليط الضوء على التكاليف المحتملة للتوترات التجارية العالمية بين الولايات المتحدة والصين حين توقع صندوق النقد الدولي بداية العام الجاري أن يسجل النمو العالمي في 2019 وتيرة أبطأ من التوقعات السابقة بسبب الخلافات التجارية.

هذه الصدامات التجارية بين الدول الكبري تدفع بمخاطر نحو عدة مناطق، خاصة منها الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي مناطق يعتمد اقتصادها على التجارة.

مخاطر التغير المناخي

Thumbnail

أصبحت المشاكل المناخية واضحة وقد مثلت سنة 2018 رابع أحر سنة على الإطلاق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما سجلت الجزائر أعلى درجة حرارة في جميع أنحاء أفريقيا، بلغت نسبتها 51.3 درجة مئوية.

لكن، في حين صنّف الخبراء التغيرات البيئية ضمن المخاطر المحتملة العالمية على مدى السنوات العشر المقبلة، لم يدرجها قادة الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ردودهم على استطلاع الرأي التنفيذي، مما يشير إلى أن هذه النقطة لا تمثل أولوية بالنسبة لهم.

من جهة أخرى، تشمل المنطقة 24 مدينة ساحلية في الشرق الأوسط و19 مدينة أخرى في شمال أفريقيا، جميعها معرضة لخطر ارتفاع منسوب المياه. ومع تحول بلدان العالم التي أصبحت تتخذ خطوات لتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري لوقف آثار تغير المناخ، قد تشهد العديد من اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انعكاسات سوقيّة ما لم تنوع مواردها لتتجاوز الاعتماد على المواد الهيدروكربونية.

ووفقا لمشاركي استطلاع الرأي التنفيذي من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تتمثل أهم المخاطر التي تواجهها المنطقة في “صدمة أسعار الطاقة” و”البطالة أو نقص العمال”. وتتأثر هذه المخاطر بطبيعة الحوكمة. غير أنه مازالت هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير أكثر شمولا لإنجاح خطط الحوكمة، بما في ذلك معالجة الفساد، وخفض الإعانات، وإنعاش التمويل. على مستوى التشغيل، تبقى الصورة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مقلقة. وعلى مدى السنوات الـ25 الماضية، كان معدل البطالة بين الشباب هو الأعلى في العالم، وبلغ 30 بالمئة سنة 2017.

Thumbnail

ومع دخول 27 مليون شاب إلى سوق العمل على مدار السنوات الخمس المقبلة، ستصبح الحوكمة مشكلة متزايدة في المنطقة، وستزداد المخاطر على المستوى المجتمعي إذا ما لم تتخذ الحكومات خطوات لتوسيع اقتصادها وتنويعه ودعم التدابير الرامية إلى بناء المهارات.

وصنفت المخاطر السيبرانية على أنها الخطر الرئيسي الثالث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ووفقا لقاعدة بيانات الإرهاب العالمي، انخفض عدد الهجمات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 38 بالمئة سنة 2017 مقارنة بالعام الذي سبقها، كما انخفض عدد الوفيات بنسبة 44 بالمئة.

وحذر ميرك دوشيك، نائب رئيس مركز الشؤون الجيوسياسية والإقليمية وعضو اللجنة التنفيذية في المنتدى الاقتصادي العالمي من أنه في عالم اليوم المترابط، باتت المخاطر تتعدى الحدود الجغرافية، ولم تعد تقتصر على صناعة واحدة في الاقتصاد المحلي.

وعليه وبما أن المخاطر العالمية باتت تحدد أطر الأحداث الإقليمية، والأحداث الإقليمية تساهم في تشكيل المخاطر العالمية، فلا بد من اتباع نهج عالمي – محلي لتقييم المخاطر.

6